لعل ما يحدث في سوريا، وبالتحديد في زمن قياسي وغير عادي، هو أشبه بلعبة شطرنج يلعبها الكبار. إذ إنَّ محاولة تحوير الصراع والدفع بروسيا نحو حرب جديدة أخرى بهدف تقليص نفوذها بعدما صعّدت هجماتها على أوكرانيا، علاوة على أهداف كثيرة تلعبها أطراف إقليمية ودولية عديدة، يدفع ثمنها الأبرياء. عندما أقرأ بعض الكتابات والتحليلات من أشخاص تقلّدوا مناصب مسؤولة، يصيبني حقاً الخجل. الحمد لله أننا في بلد وبلدان أخرى لها دراية بما يُحاك في دهاليز السياسة العالمية.

إنَّ الانخراط في ألاعيب تيارات تحاول جاهدة جر الجميع إلى الوراء، هو بمثابة تحقيق لواقعية الدمار ليس إلا. وما التاريخ والأحداث المتسلسلة للصراعات، علاوة على أنانية بعض المصالح القُطرية والقومية على حد سواء، إلا شهادة على القتل وتخريب كل شيء تقريباً، اقتصادياً واجتماعياً وعمرانياً.

للأسف، فإنَّ عقدة ثقافة النفاق ووهم خلود نظريات المجد المزعوم، بآليات نحن بعيدون عنها سلوكياً وتدبيرياً، من قبيل الصدق والعمل الجاد ونكران الذات، ما هي إلا دليل على مرض نفسي جامع. مرض اهتم بمجد زائف من أوهام لا حدود لها، مجد إحياء حضارات لها ما لها وعليها ما عليها.

ما يقع في الشرق الأوسط، مهد الحضارات الإنسانية، وقائع لن تنفصل أبداً عن نظريات ومعتقدات تراثية أضحى أهل القرار يتبنونها رغم ثورة العلم والعقل. نظريات مثل يوم الميعاد، ونزول المسيح، والصراع الحضاري الكبير. إنها استعداد لإرثٍ ورثناه جميعاً، إرث اسمه اقتراب يوم الحساب، يوم القيامة. لكن، لربما ستكون القيامة على يد بشر قد يضغط على زر الانطلاق. انطلاق الصواريخ والأسلحة النووية والهيدروجينية والجرثومية وغيرها. هكذا سننطلق جميعاً! إذن هيا بنا!