الجرائم البشعة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة والقدس المحتلة، والتي كان آخرها قصف مركبة وتجمع للمواطنين أثناء استلامهم الدقيق في منطقة قيزان النجار جنوب مدينة خان يونس، واستهداف العاملين في المطبخ المركزي التابع للمنظمات الإنسانية، تثبت أن هذه الجرائم تأتي ضمن سياسة الاحتلال الممنهجة لإحكام الحصار ونشر المجاعة وإبادة الوجود الفلسطيني من خلال التجويع والقصف المتواصل. إنها جرائم ترتقي إلى جرائم حرب وإبادة جماعية، تتطلب محاسبة دولية عاجلة.

وتأتي المجازر الإسرائيلية المتواصلة الرهيبة التي ترتكب يومياً في قطاع غزة، وخاصة في بيت لاهيا والتي راح ضحيتها المئات من الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء، وعشرات الجرحى والمفقودين، انعكاساً لغياب المساءلة وازدواجية المعايير الدولية. حيث ارتفعت حصيلة الشهداء إلى 44,382، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، كما ارتفعت حصيلة الإصابات إلى 105,142 جريحاً، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.

وبات من الواضح أن محاولات بعض الدول توفير الحصانة الدبلوماسية لمجرمي الحرب الإسرائيليين، وخصوصاً في أعقاب قرار المحكمة الجنائية الدولية، تمثل قمة العنصرية ودعماً لنظام عنصري لم يشهد التاريخ مثله. كما أنها تشجيع للاحتلال على مواصلة حصاره وجرائمه دون أي رادع، كون الدعم المستمر للاحتلال بشحنات من الأسلحة وتوفير الغطاء السياسي يأتي لحمايته من المحاسبة الدولية. هذا الدعم يظهر شراكة واضحة في الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، ويشجع الاحتلال على المضي في انتهاكاته للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

إنَّ حصار المجاعة والموت المستمر الذي يتعرض له شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، مع انتشار الجوع والحرمان والأمراض التي تفتك بالمواطنين. وما يحدث هو “إرهاب دولة”، يمارس بأبشع الصور من قبل الاحتلال المجرم الذي يتحدى جميع الأعراف والقوانين الدولية.

إقرأ أيضاً: الموقف الدولي ومواجهة حظر عمل "الأونروا"

يجب أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل فوري وعاجل للتعامل مع دولة الاحتلال كونها دولة فصل عنصري مسؤولة عن الإبادة الجماعية، لإنقاذ مليوني إنسان من المجاعة والتطهير العنصري العرقي ووقف ورفع الحصار عن قطاع غزة. كما يجب العمل على تنفيذ القرارات الدولية، واحترام القانون الدولي الإنساني، ودعوة الدول التي تنادي بالعدالة إلى الالتزام بمبادئها وتنفيذها.

على المجتمع الدولي ضرورة التفكير بجدية في معاناة الشعب الفلسطيني ودعم حقه في الحرية والعدالة. ومنذ 47 عاماً، اتفقت الأمم المتحدة على ضرورة مساندة ودعم الشعب الفلسطيني، إلا أن الواقع اليوم يعكس استمرار المعاناة وتصاعدها. وفي الوقت نفسه، فإن الأمم المتحدة لم تتمكن من لعب دورها الفعّال بسبب هيمنة بعض الدول في مجلس الأمن، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، التي استخدمت حق الفيتو بشكل متكرر لمنع أي قرارات تدعم إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.

إقرأ أيضاً: حرب الإبادة ووعد بلفور المشؤوم

ولا بدَّ، في هذا الوقت بالذات، أن يقوم المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتدخل لوقف العدوان الوحشي ورفع الحصار الجائر المفروض على شعبنا، وضمان حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني. ويجب على المجتمع الدولي التحرك من أجل العمل على إحالة جميع الجرائم التي يرتكبها قادة جيش الاحتلال ووزراء حكومة اليمين المتطرفة إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة مرتكبيها، بمن فيهم المطلوبون لارتكابهم جرائم حرب، وعدم منحهم الحصانة غير القانونية لحمايتهم من العدالة الدولية.