مطلوب من الناس السعي لمساعدة سوريا في تضميد جراحها ودعمها في العمل على نشر الروح الوطنية بين مكونات تجمعها السكاني العام، وانتزاع الهويات الفرعية التي تزرع الفرقة والتشتت والصراع بين المواطنين السوريين، وزرع الهوية الوطنية بدلًا منها لتوحيد السوريين وجمع شتاتهم وأقلياتهم تحت خيمة الانتماء الوطني.
ولكن من الغريب أن هناك صحفًا وكتابًا ومجموعات من المثقفين والمفكرين تكيل الثناء بغير ثمن لحكومة الجولاني المؤقتة، وتمتدح توجهها ولقاءات مسؤوليها في العديد من العواصم الأوروبية مع مسؤولين صهاينة، وفي مقدمتهم وزير الخارجية أسعد الشيباني، والتي تبلورت عن إنتاج اتفاقية أمنية بين سوريا وإسرائيل أثارت امتعاض مجرم الحرب بنيامين نتنياهو الذي يفضل الحرب والعدوان المستمر على الدول العربية ومنها سوريا، ولا يرغب بإقامة سلام دائم معها والعيش الإنساني المستقر الآمن مع الجميع.
ولكنها تكيل الشتائم والذم للنظام السابق الذي رفض أن يقيم أي اتفاقية مع إسرائيل على مدى 54 عامًا في حكمه لسوريا، لكنها تفسر ذلك بالاتجاه الذي يخدم الحكم الجديد، بحيث إن الجيش السوري في زمن النظام الأسدي في رأيها النفاقي، الذي يتواجد على الأرض السورية، هو في حقيقته يعمل في إطار الدفاع عن مصالح الدولة الصهيونية وحارسًا لها. أي منطق ملتوي هذا يمجد الطائفية ويرفع من شأنها، وهي التي لم يمض سوى أشهر قليلة على جرائمها في الساحل السوري التي راح ضحيتها أكثر من ألف وخمسمئة قتيل من العلويين، وفي محافظة السويداء ضد الدروز التي قُتل فيها أكثر من ألف وسبعمئة درزي.
هذا ناهيك عن مهاجمة الكنائس المسيحية وتفجيرها على المصلين المسيحيين. هذه الجرائم بنظر أهل المواقف الطائفية المتشنجة ممارسات وطنية وتقريب بين مكونات الشعب السوري، وهي تمثل عملًا إصلاحيًا على طريق التناغم الوطني بين أطياف سكان سوريا، ونبذًا للهويات الفرعية التي مزقت الشعب وساهمت في إبعاد مكوناته عن بعضها البعض. وهذه هي طريق التعامل الإداري والسياسي لحكومة الجولاني، التي هي حكومة طائفية بشكل صرف تتكون من المكون السني المسلح ضد باقي الأقليات والطوائف السورية.
ينبغي أن يكون هناك وعي لدى المسؤول والمواطن السوري أن التطرف والتعصب لا يخدمهم، وأن الذي يخدمهم ويعزز وحدتهم وتضامنهم هو تغليب الهوية الوطنية الجامعة على الهويات الفرعية المناطقية والدينية والإثنية والمذهبية.






















التعليقات