الأوضاع الصعبة التي يعانيها الشعب الفلسطيني في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فاقت كل التصورات، وخاصة مع تصعيد الاستيطان واعتداءات قوات الاحتلال والمستعمرين الإرهابيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس. كما تصاعدت وتيرة المجازر الإرهابية والوحشية، وارتفعت الأعداد الهائلة من الشهداء مع توسع نطاق القصف في وسط وشمال القطاع، ومسح وتدمير وهدم مدينة رفح لتغيير معالمها وتحويلها إلى مدينة غير صالحة للحياة. كل هذا جاء نتيجة لعدم اتخاذ خطوات عملية لحماية الشعب الفلسطيني وإيقاف حرب التجويع والإبادة والتطهير العرقي المستمرة منذ أكثر من 14 شهراً.
ارتكاب مجزرة رهيبة بقصف مربع سكني في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة وتدميره فوق رؤوس ساكنيه، وقصف خيم نازحين شرق خان يونس، هو إرهاب دولة منظم. يعكس هذا التمرد دموية وإجرام حكومة الاحتلال اليمينية، حيث تمثل المجازر والتدمير العشوائي للمباني والبنية التحتية امتداداً لإرهاب الدولة المنظم وجريمة الإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني.
ارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 44,875، أغلبهم من الأطفال والنساء، منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023. كما ارتفعت حصيلة الإصابات إلى 106,454 جريحاً، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض. وقد ارتكبت قوات الاحتلال ثلاث مجازر أسفرت عن استشهاد 40 مواطناً وإصابة 98 آخرين.
المجزرة الوحشية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مخيم النصيرات، والتي أدت إلى استشهاد وإصابة عشرات المواطنين وتدمير هائل في المباني، جاءت نتيجة مباشرة لتخاذل المجتمع الدولي وفشله في تنفيذ قراراته والتزاماته. هذا الأمر يشجع الاحتلال على تعميق جرائمه واستكمال تدميره الممنهج لقطاع غزة، وتحويله إلى منطقة غير صالحة للحياة، بهدف دفع سكانه بالقوة للهجرة، خاصة بعد تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يطالب بوقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، وتيسير دخول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء القطاع، بالإضافة إلى دعم ولاية وكالة الأونروا ودورها الحيوي في تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين.
إقرأ أيضاً: المرأة الفلسطينية في مواجهة الإبادة والوحشية الإسرائيلية
التدمير المتواصل لشمال القطاع والانتقال إلى مدينة غزة، وفق ما توثقه وسائل الإعلام، يهدف إلى قتل الحياة الفلسطينية في القطاع كسياسة مقصودة. هذه السياسة تندرج في إطار تقويض أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية، وتحويل القضية الفلسطينية إلى مجرد مشكلة سكانية بحاجة إلى برامج إغاثية.
المجتمع الدولي يتحمل المسؤولية عن تقاعسه في حماية الشعب الفلسطيني ووقف حرب الإبادة والتهجير. عليه أن يعمل على وقف العدوان فوراً وتوفير الحماية الدولية، وتنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة، وإجبار إسرائيل، كقوة احتلال، على الالتزام بالقانون الدولي وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة.
إقرأ أيضاً: الموقف الدولي ومواجهة حظر عمل "الأونروا"
لا بد من استمرار الجهود العربية والدولية للعمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، لوقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة، وإدخال المساعدات إليه، والإسراع في إعمار ما دمره الاحتلال. كذلك يجب تمكين دولة فلسطين من تحمل مسؤولياتها في القطاع، ووقف العدوان، والانسحاب الإسرائيلي الكامل. كما يتوجب تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بفتوى محكمة العدل الدولية بشأن إنهاء الاحتلال والاستيطان، وحشد الجهود لدعم مسعى دولة فلسطين لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والحصول على المزيد من الاعترافات الدولية بدولة فلسطين.
التعليقات