تولى حافظ الأسد منصب رئيس الجمهورية العربية السورية، والأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، والقائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة، في 22 شباط (فبراير) 1971، وعبر أكثر من خمسين عامًا، عمل الأسدان، الأب ومن بعده الابن بشار، المستحيل كي يعبدهما السوريون.
مارسا أقذر وأحط أنواع الحكم التي يمكن أن يتخيلها عقل بشري، وفي لحظة من لحظات الإحساس بالعظمة، آمنا أنهما تحولا إلى آلهة أو حتى أنصاف آلهة.
لم تكن عبارة "لا إله إلا بشار" كلمة عابرة، أو حتى عفوية، بل كانت سياسات ممنهجة ومدروسة، مورست بحق شعب فقد كل شيء، أمام سلطة امتلكت كل شيء.
زرت سوريا سابقًا أكثر من سبع مرات؛ لقد كان البشر يخافون حتى من نسمة الهواء العليل.
كان الخوف يخيم بظلاله الثقيلة على كل شيء: في المطارات، في المفارز الأمنية، في المستشفيات، في المدارس، في المطاعم، في المسارح، وحتى داخل سيارات التاكسي.
جمهورية الخوف هذه، التي بنيت على عظام ودماء السوريين، كانت تفوق الخيال.
حتى رومانيا نيكولاي تشاوشيسكو لم تكن كذلك، ولا أوغستو بينوشيه في تشيلي، ولا شاه إيران، ولا حتى أدولف هتلر كان يرعب شعبه كما يفعل حافظ وابنه من بعده.
نعم، كانت النازية في ألمانيا أداة خوف رهيبة، لكنها كانت بالدرجة الأولى موجهة ضد أعداء ألمانيا الخارجيين، لا ضد المواطنين الألمان.
إقرأ أيضاً: القائد العام أحمد الشرع
لن يذرف السوريون، مهما بلغ بهم الحال، دمعة واحدة من أجل هذا النظام، ولن يبقى في ذاكرة الأجيال وإلى الأبد، أكثر من عبارة: يلعن روحك يا حافظ.
الجميع يردد هذه العبارة الآن في الاحتفالات، في المناسبات، الكهول في المقاهي، وحتى حفلات أعياد الميلاد الصغيرة في البيوت.
لقد شاهدنا أنظمة دكتاتورية تنهار، وتفرح الشعوب بزوالها، أحيانًا لمتطلبات المرحلة، وأحيانًا لانتهاء صلاحية هذه الأنظمة.
في الاتحاد السوفييتي، وخلف أسوار الستار الحديدي، كما وصفه ذات يوم ونستون تشرشل، انهارت المنظومة الاشتراكية الشيوعية الرهيبة، وانتفضت روسيا الاتحادية من تحت الركام والآلام.
إقرأ أيضاً: دخول دمشق ليس النهاية
ورغم هذا، ظل هناك نوع من الحنين وإن كان باهتًا لتلك الحقبة السوفييتية.
لقد قال فلاديمير بوتين ذات يوم: "من يفكر برجوع الاتحاد السوفييتي هو بلا شك بدون عقل، ومن لا يحن للاتحاد السوفييتي هو بلا شك بدون قلب".
أما في سوريا، فلا حنين ولا قلب ولا عقل، وإنما: يلعن روحك يا حافظ ولا شيء آخر.
التعليقات