لم يعد الحديث عن الحياة السياسية أو المطالب الشعبية محورًا للنقاش في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع بعد هجوم حماس في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، وذلك نظرًا للغياب شبه الكامل لمؤسسات الحكم وتوقف المؤسسات الخدمية عن العمل.
إلا أن تصدّر هاشتاغ #بدنا_كرامة مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا، أعاد إلى الأذهان الاحتجاجات الشعبية التي شهدها القطاع قبل سنتين تحت شعار "بدنا نعيش"، والتي طالبت حماس بتوفير الخدمات الأساسية وتحسين الظروف المعيشية الصعبة.
وفي حين تعاملت حماس، المسيطرة على قطاع غزة وقتها، بالقمع مع مسيرات "بدنا نعيش"، فإنَّ حراك "بدنا كرامة" هذه المرة قوبل بحملات تشويه وتشويش إلكترونية.
تسلط حملة #بدنا_كرامة الضوء على الواقع الإنساني المزري الذي يعيشه الفلسطينيون في قطاع غزة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية، من خلال مقاطع فيديو وصور تكشف المعاناة اليومية التي يواجهها المواطن البسيط.
ويقول المواطن الغزي تيسير تربان: "لا تزايدوا على أبناء غزة في مطالبتهم بوقف الإبادة بأسرع وقت. نحن نعيش الواقع ونطالب بإيقاف هذه الحرب".
ويضيف المواطن الغزي أحمد سعيد عن حملة #بدنا_كرامة: "بدنا كرامة عشان الناس اللي بشلحوهم الإسرائيليين عراة في كل أنحاء القطاع في عز البرد، وانسرقت أموالهم وما حد حماهم، بدنا كرامة لأن عمرنا ما كنا شعب متسول، واليوم بفضل طوفانكم صار رغيف الخبز حلم لبعض العائلات في غزة".
وغرد صالح حكواتي: "بدنا كرامة أكبر من صرخة ألم، لأنها مطلب أمل يمتد من حواف رغيف الخبز إلى استعادة الوطن".
ورغم الوساطات الإقليمية والدولية في مفاوضات وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، إلا أن نقاطًا خلافية بين الجانبين منعت أكثر من مرة تتويج هذه الجهود باتفاق، مع تبادل للاتهامات بين الطرفين حول المسؤولية عن ذلك.
إقرأ أيضاً: هل تخطط إسرائيل لعزل قطاع غزة؟
ووفقًا لمراكز البحوث المسحية، أظهرت آخر دراسة تراجعًا كبيرًا في شعبية “حماس”، حيث انخفضت إلى 15 بالمئة في قطاع غزة.
وفي الضفة الغربية، تظهر استطلاعات الرأي تراجعًا ملحوظًا في شعبية حماس نتيجة الحرب، رغم ارتفاع التأييد بشكل كبير مباشرة بعد عملية "طوفان الأقصى".
ويؤكد رئيس المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، خليل الشقاقي: "ليس هناك شك في أن الدعم لـ(حماس) يتراجع في غزة، لأن مزيدًا من الناس يشعرون بأن الحركة تتحمل جزءًا من مسؤولية الألم الذي يعانونه".
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة أنَّ حماس، رغم تراجع شعبيتها خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب تبعات الحرب، لا تزال قادرة على تحقيق اختراق شعبي إذا نجحت في إنهاء الحرب وتحرير أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
إقرأ أيضاً: ماذا يحدث في جنين
خلاصة القول: ربما تكتب الحرب في غزة صفحة النهاية قريبًا، ولكن بات من الواضح أن هناك غضبًا جديدًا سينفجر من سكان القطاع، وفي تلك المرة تجاه حماس إن لم تدير الحركة المشهد بحكمة في الفترة المقبلة، وتتعامل معه وهي في موقف المسؤول عن شعب وليس في موقف المليشياوي. فلم يعد لأهل غزة مقدرة على التحمل والصبر بعد ما أصابهم جراء هجوم حماس على مستوطنات غلاف غزة في تشرين الأول (أكتوبر) 2023. فهل تحسن حماس التصرف تجاه سكان القطاع مستقبلًا؟ هذا ما ستخبرنا به الأيام القادمة قريبًا.
التعليقات