توعدت حكومة الاحتلال المتطرفة الأسرى الفلسطينيين بالملاحقة بعد الإفراج عنهم، وذلك من خلال عبارات مخطوطة على ملابس وزعتها مصلحة السجون الإسرائيلية على من سيتم الإفراج عنهم وأجبرتهم على ارتدائها ضمن الدفعة السادسة من تبادل الأسرى تبعًا لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي دخل حيز التنفيذ في التاسع عشر من كانون الثاني (يناير) الماضي.

فرضت مصلحة السجون على 369 أسيرًا تم إطلاق سراحهم ارتداء ملابس بيضاء تحمل شعار دولة الاحتلال (نجمة داود) بجانب رمز إدارة السجون، ومن أسفلهما كتبت عبارة "لا ننسى ولا نغفر" باللغة العربية، وهي عبارة لطالما استخدمها قادة الاحتلال خلال حرب الإبادة. وفي بعض عمليات الإفراج السابقة من سجون الاحتلال، تم تزويد الأسرى الفلسطينيين بأساور تحمل نجمة داود، وإجبارهم على مشاهدة فيلم عن حجم الدمار الذي لحق بقطاع غزة.

اعترفت هيئة البث الإسرائيلية عبر خبر نشرته بأنه لم يتم إبلاغ المستوى السياسي بإجبار الأسرى على ارتداء تلك الملابس التي كتبت عليها عبارات تهديد، ووصف أحد المسؤولين الإسرائيليين القرار بأنه “غبي وصبياني يعرض حياة الأسرى في غزة للخطر”، بعد أن شهد هذا السلوك إدانة دولية واسعة بسبب هذه الممارسات التي تعبر عن نوايا إرهابية وعنصرية، وتفتح المجال لاستمرار التحريض على الفلسطينيين بين جموع المستوطنين لقتلهم.

ولاقت هذه الخطوة والسلوك المشين لحكومة الاحتلال إدانة واسعة من المؤسسات الحقوقية والدولية، حيث أقدم الاحتلال على ارتكاب جريمة بوضع شعارات عنصرية على ظهور الأسرى الأبطال ومعاملتهم بقسوة وعنف في انتهاك صارخ للقوانين والأعراف الإنسانية، وهو عمل يتناقض مع الالتزام الدولي بضرورة معاملة الأسرى واحترام القوانين الدولية.

إقرأ أيضاً: ترحيب دولي بإعلان وقف إطلاق النار في غزة

وقد أدلى بعض الأشخاص المفرج عنهم مؤخرًا من سجون الاحتلال، وخاصة معتقلو غزة، بشهادات تكشف عن المزيد من التفاصيل عن الفظائع التي ارتكبها جيش الاحتلال بحقهم، وتحديدًا خلال عملية اعتقالهم، ولاحقًا بعد نقلهم إلى معسكرات الاحتلال الإسرائيلي وسجونه. وتواصلت جرائم الاحتلال بعد مرور أكثر من عام ونصف على حرب الإبادة على قطاع غزة واستمرار آثارها الكارثية، ومن أوجهها الجرائم التي ارتكبت وما تزال بحق المعتقلين. شكلت هذه الشهادات جزءًا من عشرات الشهادات والإفادات التي حصلت عليها المؤسسات من خلال الزيارات التي جرت للعديد من معتقلي غزة على مدار الفترة الماضية. ومؤخرًا، تمت زيارة 18 معتقلًا من معتقلي غزة في سجن النقب ومعسكر (سديه تيمان)، وأكد أحدهم أنه تم تكسير يديه والتنكيل به وهو مقيد.

الجرائم والانتهاكات التي تعكسها الشهادات وسلوك مصلحة السجون الإسرائيلية لم يتغير مستواها، بل لا تزال على المستوى ذاته، مما يضاعف مستوى الخطورة على مصير الآلاف من المعتقلين، لا سيما مع مرور المزيد من الوقت على مواجهتهم لنفس مستوى الجرائم والظروف الاعتقالية، كما أن العديد من معتقلي غزة ما زالوا لا يعلمون أي شيء عن مصير عائلاتهم.

إقرأ أيضاً: نحو ضمان إنهاء الاحتلال الظالم

وفي الوقت نفسه، يواصل الاحتلال حصاره على قطاع غزة، حيث يعيش السكان أوضاعًا إنسانية كارثية، ويمنع إيصال المساعدات الأساسية التي تساهم في إعادة الحياة إلى طبيعتها. في المقابل، تتعمد مصلحة السجون ارتكاب جرائم التعذيب، حيث لا تزال تتدفق وقائع شهادات المعتقلين حول جرائم التجويع والإذلال بأشكاله كافة، فضلًا عن الظروف الاعتقالية القاسية التي تقوم على أساس الحقد العنصري والكراهية.