لا يمكن استمرار الصمت الدولي تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، والاكتفاء ببعض بيانات التعبير عن القلق والتحذير والمطالبات والتي لا ترتقي جميعها إلى مستوى المعاناة والواقع المأساوي الذي تعيشه المدن الفلسطينية سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية وما خلفته وقائع حرب الإبادة الجماعية التي يقترفها جيش الاحتلال والتي تعتبر وفقًا للقانون الدولي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وخروقات فاضحة لالتزامات إسرائيل كقوة احتلال، خاصة وأنها تتزامن مع العديد من المواقف والتصريحات التي تصدر عن وزراء في حكومة التطرف الإسرائيلية وتفاخرهم بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني واستمرارهم في تنفيذ مخططات ضم الضفة وتصفية القضية الفلسطينية.

إقرأ أيضاً: القمة العربية ومواجهة التهجير والإبادة الجماعية

ويمارس الاحتلال حصاره الظالم على قطاع غزة ويواصل رفضه للاستجابة لمتطلبات التهدئة وتعنته في تلبية مطالب الدول الداعية لوقف إطلاق النار واستمرار جريمته بخنق قطاع غزة ومواطنيه، والتصعيد الحاصل في جرائم الاحتلال وإجراءات الضم المعلن وغير المعلن للضفة الغربية بما فيها القدس، وارتكاب أبشع مظاهر التطهير العرقي والتنكيل بالمواطنين ومن خلال توزيع واضح للأدوار بين جيش الاحتلال وميليشيات المستعمرين المنظمة والمسلحة، سواء بتعميق تقطيع أوصال الضفة الغربية وفرض العقوبات الجماعية على حواجز الموت والإذلال، أو زرع المزيد من البؤر الاستعمارية العشوائية وتحويلها بالتدريج إلى مستوطنات استعمارية قائمة بذاتها.

اعتداءات المستعمرين برعاية وحماية جيش الاحتلال ضد أبناء شعبنا، كما حدث في قريتي أم صفا وسردا بمحافظة رام الله، باتت نهجًا لحكومة الاحتلال الماضية في سياسة التطهير العرقي الممنهجة التي تمارسها ضد شعبنا، والهادفة لتقويض السلطة الفلسطينية وكذلك إحداث التغيير الديمغرافي الهادف لشطب حق العودة، ومواصلة حكومة الاحتلال الانتهاكات والتحدي للمجتمع الدولي، عبر تصعيد الاستيطان وعمليات اقتحام المدن، إضافة إلى اعتداءات المستعمرين بحماية من جيش الاحتلال، وكذلك استخدام سياسة التجويع والتعطيش أدوات في حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا في قطاع غزة، ما يتطلب توفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا.

إقرأ أيضاً: أكبر نزوح منذ عام 1967

وفي ضوء تلك السياسات لا بد من الاستمرار في الحراك السياسي والدبلوماسي والقانوني الدولي مع مراكز صنع القرار في الدول وفي إطار متعدد الأطراف وعلى مستوى المنظمات الدولية والأممية المختصة، لحشد أوسع جبهة دولية ضاغطة على الاحتلال لوقف العدوان والانصياع لقرارات الشرعية الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية الاحترازية، بما في ذلك أيضًا الرأي الاستشاري الذي صدر عن المحكمة.

وأمام خطورة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الضفة الغربية من جيش الاحتلال والمستعمرين خاصة في مخيمات الشمال، لا بد من سرعة التدخل الدولي للضغط على إسرائيل من أجل إيقاف هذه العملية المتوحشة والانسحاب من المخيمات وعلى المجتمع الدولي والإدارة الأميركية استمرار الضغط لإجبار حكومة الاحتلال تنفيذ متطلبات التهدئة والانسحاب من قطاع غزة والشروع في عملية الإعمار، باعتباره جزءًا من دولة فلسطين التي تضم الضفة الغربية والقدس الشرقية تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

إقرأ أيضاً: التهديد بعودة الحرب بهدف التهجير

لا بد من استمرار الدعم العربي لتعزيز الصمود الفلسطيني أمام خيارات التهجير وما تمارسه حكومة التطرف القمعية وضرورة استمرار التنسيق الفلسطيني - العربي الموحد باعتباره خطوة استراتيجية هامة جدًا، يمكن البناء عليها لدعم الرؤية العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، والبدء بمسار سياسي يجسد قيام دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة.