الإمارات تلغي حقيبتها مثل قطر والأردن .. لماذا؟
وزارات الإعلام quot;جرحك في إيدك لمن تشكيه؟quot;

الشيخ عبدالله بن زايد
نصر المجالي من المنامة: أصبحت دولة الإمارات العربية المتحة ثالث دولة عربية تلغي وزارة الإعلام تمهيدا للمزيد إعطاء العمل الإعلامي حرية الحركة والتعبير، وفي ذلك تكون الامارات ثالث دولة عربية تتخذ مثل هذا القرار بعد الأردن ودولة قطر، بينما تستعد دولتان خليجيتان هما مملكة البحرين والكويت للذهاب للقرار نفسه ولكن في أوقات لاحقة، حسب ما كانت معلومات لمحت الى ذلك في أوقات سابقة، وظل سؤال الغاء وزارات الإعلام مثيرا خلال السنوات التي مضت وسط انتقادات واسعة لأدائها كونها معرقلة للتطور الإعلامي في زمن العولمة والتسارع الكبير في انجازات الاتصالات التي حققت كون العالم صار quot;قرية صغيرةquot;، فهل صارت وزارات الاعلام quot;الزاهية وذات اللمعان في يوم ما داء يسري في ابدان الحكومات والشعوب لا بد من بتره، أم أنها حققت قول المثل الشعبي ـ جرحك في يدك لمن تشكيه؟quot; .

لكن السؤال الذي ظل يطرح نفسه بعد إلغاء وزارتي الإعلام في الأردن وقطر، هو مدى نجاح التجربتين وخاصة أن الجدل يثار في الأردن حول فشل مجلس الاعلام الأعلى الذي تم تشكيله قبل ثلاثة أعوام ولم يكن له من انجازات سواء إضافة أعباء جديدة على الحكومة ووسائل الاعلام والمتلقين من الجمهور لانتاج وسائل الاعلام الرسمية من مسموعة ومرئية.

وفي الوقت الذي تستعد فيه دولة الامارات لتشكيل مجلس أعلى نظير للمجلس الأردني الذي في طريقه الى الإلغاء، فإن إعلاميين يرون أن تجربة قطر قد تكون هي الأصلح للاستخدام حيث هي حين الغت وزارة الاعلام ربطت بقية المهمات بوزير الخارجية مباشرة للاشراف ليس على الشأن الداخلي والمؤسسات الأخرى كالاذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء التي صارت كل منها تعمل باستقلالية كاملة، بل لتشرف على شؤون الاعلام الخارجي، من دون مجلس أعلى أو هيئات أخرى وريثة، وبذلك تكون الدوحة اختطت نهجا ناجح الى اللحظة.

على أن مراقبين إعلاميين يرون أن دولة الإمارات التي اختطت سياسة تشكيل المجالس بنجاح منقطع النظير كالمجلس الاقتصادي والثقافي والاجتماعي يمكن ان تنجح في تجربة مجلس الإعلام الأعلى متخطية بذلك فشل التجربة الأردنية.

ويشير هؤلاء الى حقيقة مهمة وهي أن كل إمارة من الإمارات السبع لها جازها الإعلامي والثقافي المتكامل، فكل منها باتت له مؤسساته الخاصة وكانت مهمة وزارة الاعلام الاتحادية التي الغيت ختص في التنسيق بين هذه المؤسسات وتنسيق الاعلام الخارجي والاشراف عليه، اضافة الى انها كانت تشرف على وكالة الانباء الرسمية (وام)، غير ذلك فكل امارة لها تلفزيونها الخاص وفضائيتها واذاعتها.

حتى ان الامارات الثلاث الكبرى أبوظبي ودبي والشارقة، كل لها صحيفتها التي تصدر من أرضها ولو انها كلها تعبر عن موقف دولة الامارات وتعتبر نفسها صحفا وطنية للجميع وتتنافس على هذا الاساس وينظر اليها من الخارج كذلك سواء بسواء. وهذا التنافس لا يمنع ان يقرا اهل ابوظبي حيث تصدر (الاتحاد) اي من الجريدتين النظيرتين (البيان) الدبوية و(الخليج) الشارقية، او تلك التي تصدر من ابوظبي مثل (الوحدة) و(أخبار العرب) والحال صحيح بالنسبة لأهل الامارات الأخرى.

وليس بعيدا عن الإمارات، فإن كلا من مملكة البحرين والكويت تستعد لتجربة مماثلة في الغاء وزراة الاعلام، وحين انيطت حقيبة وزارة الاعلام بوزير الدولة للشؤون الخارجية البحريني الحالي الدكتور محمد عبدالغفار بن عبد الله في آخر تعديل لوزاري قبل عام، كانت معلومات المنامة تقول ان quot;وزارة الإعلام في طريقها الى التفكيكquot;.

وفي حقيقة الأمر، فإن واقع الحال في مملكة البحرين يشير الى ان الوزارة مفككة اساسا، ولكن وجود الوزارة ضروري للاشراف العام على الأداء ووضع السياسة العامة بالمشورة مع مجلس الوزراء، فهيئة الإذاعة والتلفزيون تعمل باستقلاليتها الى حد كبير وكذا حال دائرة الثقافة ودائرة المطبوعات والنشر، والإعلام الخارجي. وهنا يصبح دور الوزير تنسيقيا ومرجعيا لهذه الدوائر والهيئات فضلا عن مسؤوليته امام مجلس الوزراء والبرلمان عن الاداء من دون تدخل ماشر كبير بعمل تلك الهيئات.

أما في دولة الكويت، فإن وزارة الاعلام ظلت كالشوكة في خاصرة الحكومة والبرلمان سواء بسواء لتعدد شبكة اغلاطها وخاصة في السنوات التي تلت تحرير الكويت، وظل اداء الوزراء المتعاقبين الذين بلغ عددهم خمسة كانت الوزارة بمثابة لعنة تطارهم.

ومع موجات النقد المتكررة، فإن الوزارة لم تهدأ كثيرا ولم تذق طعم الراحة إلا في عهد احمد الفهد وزير الطاقة الحالي، ومن بعد ان غادرها الدبلوماسي المخضرم محمد ابو الحسن الذي صار مستشارا في ديوان رئيس الوزراء بعد هجمات كاسحة ضده من البرلمان، آلت الى الدكتور الاكاديمي انس بن محمد احمد الرشيد.

والرشيد الآتي من حضن صحيفة القبس، واعيد الى الوزارة في حكومة ناصر محمد الأحمد امامه مهمات خطيرة، اما ان يفكك الوزارة على طريقته الغربية الشبابية الخاصة ويرضي الجميع، ويحقق هدفا في مرمى الجميع او ان يستمر ويظل هدفا للمتشددين في البرلمان الذين quot;لا يعجبهم العجب اوالصيام في رجبquot;.

وإذ ذاك، فإن موضة الغاء وزارات الاعلام العربية او المطالب بذلك، تبدو غريبة الى حد يثير التساؤل، خاصة اذا ما عرفنا ان دول العالم المتقدم لا يوجد فيها مثل quot;هذه الامبراطوريات الكرتونية الحكوميةquot;، على ان هناك وزارات تحمل اسم وزارة الاعلام في تك الدول لكن مهمتها بعيدة عن مهمات وزارات اعلام العرب، فوزارة الدولة لشؤون الاعلام المرتبط بها شون الشباب والرياضة في بريطانيا مثلا لا تشرف مباشرة على هيئة الاذاعة البريطانية بقدر ما ان المسؤولية المباشرة هي لوزارتي الداخلية
والخارجية، ومن فوق الجميع مجلس العموم (البرلمان) الذي يقر ميزانيتها، حيث هي مؤسسة وطنية بالدرجة الاولى تدافع عن المصالح البريطانية في كل انحاء الارض.