دبلوماسي في بيروت يكشف لـquot;إيلافquot; خلفيات فتح السفارة على عجل
لبنان يطالب السلطات السورية: سفير بسفير...
إيلي الحاج من بيروت: اكد مصدر دبلوماسي لبناني لـquot; إيلاف quot; اليوم أن السلطات في بيروت تقصدت فتح مقر السفارة اللبنانية في سوريا قبل ساعات من بدء رئيس الجمهورية ميشال سليمان quot; زيارة دولة quot; هي الأولى لرئيس دولة عربية إلى فرنسا في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي، وذلك في بادرة شكر وتذكير بالجهد الفرنسي الكبير الذي بذل لحمل القيادة السورية على القبول بالتبادل الدبلوماسي مع لبنان، وهي خطوة لن يكون لها تأثير كبير في مسار العلاقات الفعلية بين البلدين لكنها ترمز إلى اعتراف سوريا الرسمي بجارها الأصغر، بعدما أصرت العهود المتعاقبة في دمشق على رفض مجرد البحث في هذا الموضوع منذ استقلال لبنان عام 1943.
وأقرّ المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه بأن السلطات اللبنانية أرادت من خلال خطوة فتح السفارة سحب ذريعة من السلطات السورية. وأشار إلى أن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان، الذي زار دمشق قبل أيام سأل عن موضوع تعيين السفير السوري في لبنان ، فكان الجواب الذي تلقاه إن سوريا فتحت سفارتها في بيروت لكن لبنان لم يفتح سفارته في دمشق.
وكان دبلوماسيون فرنسيون سمعوا جواباً مشابهاً في دمشق لدى سؤالهم عن الموضوع نفسه، وقيل لهم إن سوريا فتحت سفارتها في بيروت منذ 75 يوماً لكن لبنان لم يفتح سفارته في دمشق.
ورفض التعليق على عدم حضور أي موفد من الخارجية السورية خلال رفع العلم اللبناني أمام السفارة، لافتاً إلى أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم علّل هذا الغياب بتضارب المواعيد، وأن نائبه فيصل المقداد زار السفارة مساء أمس وهنأ القائم بالأعمال رامي مرتضى بافتتاح مقر السفارة .
ويقع مقر السفارة اللبنانية في حي أبو رمانة الراقي في دمشق إلى جانب السفارتين الاميركية والايطالية.
وسألت quot;إيلافquot; المصدر الدبلوماسي اللبناني هل سيرسو مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين على قائمين بالأعمال إلى أن تعيّن دمشق سفيرها في لبنان ، وهل لهذا السبب لم يتوجه السفير اللبناني المعيّن ميشال الخوري إلى دمشق لتسلم مهمته حتى الآن؟ فأجاب أن quot;وزير الخارجية السوري وليد المعلم وعد بأن يكون تعيين السفير في بيروت قريباً جداً ، فلننتظرquot;. وأضاف: quot;سفير بسفير... هكذا تقتضي الأصولquot;.
وأوضح لـquot;إيلافquot; أن مرتضى هو حالياً قائم بالأعمال في دمشق بالوكالة وليس بالأصالة، والفارق أن تعيينه بالأصالة يعني أن يبقى التمثيل عند مستوى قائم بالأعمال. وأقرّ بأن خطوة فتح السفارة في سوريا تقررت على عجل، إذ كان مقررا أن يشارك مرتضى في الوفد الذي يرافق رئيس الجمهوري سليمان في زيارته لفرنسا بصفته مدير مكتب وزير الخارجية فوزي صلوخ، لكنه تلقى تعليمات عاجلة يوم الجمعة الماضي بأن يتوجه إلى دمشق ويفتتح مقر السفارة الأحد .
وكانت الخارجية اللبنانية بررت عدم التحاق السفير خوري بمقر السفارة في دمشق بأنه لم ينهِ بعد جولته الوداعية في قبرص حيث تولى مهمة سفير بلاده، لكن بعض المراقبين تحدثوا عن رغبة لبنانية في المحافظة على قاعدة quot;التعامل بالمثل والنديةquot; مع سوريا، بحيث لا يتوجه السفير اللبناني إلى دمشق قبل أن تعين دمشق أقله سفيرها في لبنان، علماً أن دمشق اكتفت بعد افتتاح سفارتها في بيروت بإرسال ثلاثة دبلوماسيين، أعلاهم رتبة هو السكرتير الأول شوقي شماط.
وعلمت quot;إيلافquot; من أحد القريبين من السفير خوري أنه تلقى تعليمات تقضي بأن يكون جاهزاً للإنتقال إلى السفارة في دمشق قبل منتصف نيسان / أبريل المقبل، علماً أن المقداد قال لدى زيارته مقر السفارة اللبنانية مهنئاً إن quot;قرار تعيين السفير السوري في لبنان هو قرار سيادي ولا أحد يملي على سوريا متى تعيّن سفيرها ، ولكن نأمل أن يكون ذلك في وقت قريبquot;.
وتوحي كل هذه المعطيات أن عملية فتح مقر السفارة اللبنانية في دمشق كان القصد منها إزالة ذرائع لعدم تعيين السفير السوري في لبنان، والضغط غير المباشر على دمشق للتعجيل في هذه المسألة.
وقد احتل موضوع العلاقات اللبنانية - السورية جزءاً من محادثات الرئيسين سليمان وساركوزي في باريس، ونقل عن quot;مصدر رفيعquot; في الاليزيه ان quot;الرئيس ساركوزي أعرب عن رضاه عن التطورات الحالية في العلاقات اللبنانية- السورية،واعتبر أنها تذهب في الاتجاه المطلوب، وان عملية التطبيع مستمرة وليس لنا ان نتدخل فيها. وقد شهدت حدثا مهما بافتتاح سفارة لبنانية في دمشقquot;. وذكر بـquot;خريطة الطريق quot;في العلاقات اللبنانية - السورية، معتبراً أنها إحدى المهمات المطروحة فرنسيا على عاتق الرئيس اللبناني منذ الاتفاق عليها بين الرئيسين بشار الأسد وسليمان الصيف الماضي ( 13 آب/ أغسطس تحديداً) ، وإن الجهود الفرنسية لدى دمشق ستستمر لمعالجة ملفات عالقة بين لبنان وسوريا، بعد فتح السفارتين، لا سيما منها ترسيم الحدود وتحديد مصير المفقودين اللبنانيين.
ونقل عن دبلوماسيين فرنسيين:قولهم quot;صحيح ان السفير السوري لم يصل الى لبنان بعد، لكن سوريا تعتبر انها قامت بالأساس، أي الاعتراف بالكيان اللبناني واقامة علاقات دبلوماسية وفتح سفارة، وان ثمة قراراً بإرسال السفير السوري في أسرع وقت ممكن إلى بيروت، ولكن باريس تؤكد أن هذا الموضوع يبقى قراراً سياسياً سورياًquot;.
ولا يتحمس الفرنسيون لإثارة ضجة حيال عدم تعيين سفير سوري في بيروت بعدما بدأت السفارة أعمالها، ولا يبدو الاميركيون بدورهم مشغولين بهذا الجانب من علاقات البلدين الجارين بعدما فتح باب الحوار بين دمشق وواشنطن على أوسع مروحة ملفات اقليمية شائكة بينهما، لم يعد لبنان أكثرها الحاحا. . مع الإشارة إلى أن أكثر ما يشدد عليه الأميركيون في أحاديثهم واتصالاتهم بمحاوريهم اللبنانيين هو انهم لم يبرموا صفقة مع النظام السوري على حساب لبنان.
وتكتفي أوساط الدبلوماسية الفرنسية بالتأكيد ان تعيين السفير السوري وتوجهه الى مقر عمله في بيروت قرار سوري وشأن داخلي لا تتدخل فيه، ولا تتوقع تنصل دمشق من تعهداتها. أما الدبلوماسية الاميركية فتركز على جانب آخر من العلاقات بين لبنان وسوريا لا يزال معلقا، هو ضرورة ترسيم حدودهما الدولية.
التعليقات