قمة عدم الانحياز تضع نجاد في أول اختبار حقيقي |
محمد حميدة من القاهرة: إفتتحت أمس قمة حركة عدم الانحياز في مصر بحضور قادة 118 دولة والعديد من المنظمات الدولية بسلسلة من المطالب والدعوات الجريئة. وتبارى قادة دول العالم النامي في عرض دعواتهم ومطالبهم التي تشكل وفق وجهات نظرهم رؤية لمستقبل أفضل لدول العالم الفقيرة، بيد أن خبراء شككوا في مصداقية الحركة وقدرتها على تحويل تلك المطالب الى واقع ملموس. فمن جانبه، طالب الرئيس الكوبي راؤول كاسترو بإقامة نظام مالي عالمي جديد أكثر عدلاً للدول الأشد فقرًا في العالم quot;نطلب إنشاء نظام مالي دولي جديد، وهيكل اقتصادي يعتمد على مشاركة جميع البلدانquot;، منتقدًا بصورة واضحة الولايات المتحدة والدول الصناعية الكبرى بالوقوف وراء الأزمة المالية التي يعيش العالم تداعياتها الآن. وقال quot;يجب أن يكون هناك إطار جديد لا يعتمد فقط على الاستقرار الاقتصادي والقرار السياسي للبلد الواحد فقطquot;.
ولم تقتصر مطالب كاسترو عند هذا الحد، بل طالب أيضًا بضرورة الحفاظ على السلام والأمن الدوليين كأحد الأهداف الأساسية للحركة والقضاء الكامل على الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل. وأكد على أهمية قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس ودعم الحقوق الفلسطينية وأهمية حل النزاع العربي الإسرائيلي لدفع عملية السلام بالشرق الأوسط.
وعقب تسلمه رئاسة القمة دعا الرئيس مبارك الذي تسلم رئاسة القمة من كاسترو إلى نظام دولي سياسي واقتصادي وتجاري جديد أكثر عدلاً وتوازنًا بعيدًا عن الازدواجية في المعايير يحقق مصالح الجميع. فضلاً عن دعواته المتكررة إلى السلام والتنمية والأمن والاستقرار. وفي كلمته، اكد ألامين العام للأمم المتحدة بان كى مون إلى نزع السلاح وتحقيق عالم خال من أسلحة الدمار الشامل وطالب بحل عادل للقضية الفلسطينية. وطالب الرئيس الليبي معمر القذافي بمقعد دائم للاتحاد الافريقي بمجلس الامن ودعا إلى التمرد على النظام الدولى الراهن وإنشاء محكمة جنائية لدول حركة عدم الانحياز بديلاً عن الجنائية الدولية.
ولكن شجاعة قادة دول العالم تثير التساؤل حول قدرة حركة عدم الانحياز على تحويل هذه المطالب الجريئة الى أمر واقع. فحركة عدم الانحياز منذ ان تشكلت كمنتدى حرب باردة للدول النامية التي لا تريد ان تأخذ جوانب الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وتكافح من أجل شق طريقها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. فمن جانبه يقول الدكتور نبيل عبد الفتاح نائب نمدير مركز الاهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية quot;ليس هناك سبب جدي لاستمرار وجود حركة عدم الانحيازquot;. وأضاف ان الحركة quot;تواجه الكثير من التحديات والمشاكل، وأزمة حقيقية في المصداقيةquot;.
ويعتقد عبد الفتاح مثل غيره من المراقبين ان ترأس أسماء مثل كاسترو أو الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للاجتماع السنوي للمجموعة يجعل قدرة الحركة على تشكيل الشؤون الدولية محدودة. فمن المقرر ان تتولى ايران رئاسة الحركة بعد مصرفي عام 2012. ويضيف عبد الفتاح ان quot;التأثير يعتمد بشكل نسبى على المسؤولquot;، مستطردًا: quot;الرجلان على وجه التحديد هما الأكثر عزلة وإثارة للجدلquot;. كاسترو يعيش في أوهام الماضي وينتمي إلى متحف السياسة العالمية، وبالنسبة إلى أحمدي نجاد، أين هو نفوذه الآن؟ فقد تسبب في العديد من المشاكل في العالم وفي منطقتنا. من الذي سيتبعه؟quot;.
فقد اثارت تصريحات منسوبة إلى قادة إيرانيين من بينهم نجاد في حالة من القلق في العالم العربي السني وحذرت مصر من خطورة تنامي النفوذ الايراني والأطماع الفارسية في المنطقة وقامت دول أخرى بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران مثل المغرب على خلفية ضلوع الجمهورية الإسلامية في محاولات لتشييع الشعب المغربي السني، كما عززت العقوبات المفروضة على ايران من قبل الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها في المزيد من العزلة لإيران.
لكن هذا ليس وحده الذي يقف عائقًا إمام تحقيق حركة عدم الانحياز لما تطالب به وتصبوا إليه، فالنزاعات الداخلية والتوترات والخلافات بين الدول أعضاء الحركة البالغ عددهم 118، مثل: العداء القديم حول الإرهاب وقضية كشمير بين الهند وباكستان، والغارات على الحدود بين السودان وتشاد، والعداء الذي طال أمده بين إثيوبيا واريتريا، كفيلة ان تحبط من أي نوع من العمل الجماعي الجاد.
ولا يغفل أيضًا حقيقة ان كثير من أعضاء الحركة على مدار تاريخها كانوا على توافق مع القوتين العظميتين حتى الدول المؤسسة للحركة يوغوسلافيا والهند ومصر. وquot;اليوم معظم الدول تنجذب نحو الولايات المتحدةquot;، كما يقول عبد الفتاح quot;إمبراطورية النظام العالميquot;.
التعليقات