الملك عبدالله والعاهل الأردني خلال زيارة سابقة للأخير

عامر الحنتولي من الكويت: علمت quot;إيلافquot; من مصادر أردنيّة وسعوديّة خاصّة أنّ القمّة التي ستستضيفها المملكة العربيّة السعوديّة اليوم بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ستركّز على الصعوبات الحاصلة في لبنان من جهة تشكيل حكومة الرّئيس المكلّف سعد الدين الحريري، والمخاوف السعوديّة - الأردنيّة من تطوّر السّجال السياسي المتصاعد بين الأقطاب اللبنانيّة إلى حريق سياسي من شأنه أن يعيد لبنان إلى مربّع الأزمة الأول وحصول مواجهات أهليّة فيه على غرار الأزمة الداخلية التي وقعت في مايو/أيار 2008 واستدعت تدخلاً إقليميًّا عاجلاً لحلّ الأزمة اللبنانيّة، وخصوصًا أن الحريري كان قد أنهى أمس زيارة خاصّة وخاطفة إلى العاصمة السعوديّة الرياض.

وتتخوّف كلٌّ من الرياض وعمّان من أن يكون التّدهور الأمني الكبير الذي طرأ على المشهد السياسي العراقي، مقدّمة لانهيار أمني شامل من شأنه أن يعرّض أمن الرّياض وعمّانالقوميللخطر الشديد، بوصفهما تملكان أكبر حدود بريّة من الوطن العربي، إذ من شأن الانهيار الأمني الكبير، في حال حصوله، أن يدفع بآلاف العراقيّين إلى الحدود مع السعوديّة والأردن، في أقوى ضربة أمنيّة يمكن أن توجّه للهدوء السياسي والأمني الذي طبع بصمته على العراق خلال الأشهر الفائتة، وسط توقّعات استخباريّة في عمّان والرياض بأن ينشط تنظيم القاعدة بقوّة خلال الأسابيع المقبلة في المشهد العراقي، مستغلاًّ تحالفه مع قوى مسلّحة من حزب البعث العراقي، وخصوصًا أنّ تنظيم القاعدة قد مُنِيَ أخيرًا بضربة كبيرةفي الكويت والسعوديّة حينتمّ ضبط خلايا نائمة له كانت على وشك تنفيذ هجمات كبيرة تستهدف القوّات الأميركيّة في الكويت، إذ تواصل السلطات الأمنيّة الكويتيّة تحقيقاتها مع الخليّة الإرهابيّة التي تدلي حتى الآن باعترافات مثيرة.

وستتطرّق القمّة الأردنية -السعودية، بحسب المصادر، إلى ملفّ عمليّة السلام في الشرق الأوسط، والانعطافة الحادّة التي تشهدها منذ فترة طويلة، بما يلقي بظلال قاتمة على الأوضاع السياسيّة والأمنيّة في الإقليم، إذ تتطابق المواقف الأردنيّة والسعوديّة بشأن الاعتقاد السياسي الراسخبأنّ انتكاسة جديدة لملفّ السلام من شأنها أن تفتح بوابات الإقليم على المجهول السياسي والأمني الذي لم ينجُ منه أيّ بلد، إذ لا بدّ منأن تتكاتف كلّ الجهودلإرساء السلام، لكنّ المصادر السياسيّة في عمّان تؤكّد لـquot;إيلافquot; أنّ السعوديّة والأردن يتخوّفان بشدّة من أن يبقى الانقسام الفلسطيني مبرّرًا فلسطينيًّا ودوليًّا لإرجاء إعادة فتح ملف السلام على طاولة النّقاش الدولي، من دون أن تستبعد المصادر أن تبحث القمّة اليوم في سبل تقديم الدّعم والإسناد الثقيلين لمفاوضات حركتي quot;فتحquot; وquot;حماسquot; التي تتمّ بوساطة ورعاية رسميّة مصريّة، عبر توسيع تلك المفاوضات لتتمّ تحت غطاء وحضور دبلوماسيّين عربيّين مكثّفين، لكنّ الرياض، وفقًا للمصادر، غير متحمّسة تمامًا لفكرة دعوة الفصيلين الفلسطينيّين إلى السعوديّة كي يعقدوا حوارات جديدة تحت تسميةquot;مكّة 2quot;، علمًا بأنّ الرياض سمعت أمنيات فصائليّة فلسطينيّة في هذا الإطار.

في موضوع ذي صلة، أبلغت جهات سوريّة رفيعة أمس نظيراتها الأردنيّة بضرورة أن يتمّ إرجاء اجتماعات اللجنة العليا الأردنيّة - السوريّة المشتركة على مستوى رئيسي الحكومة إلى أجل غير مسمّىحتّى يتمّ التوافق بشكل كلّي على إنهاء ملفّ ترسيم الحدود البريّة بين البلدين، على الرّغم من إنجاز اللجان الفنية المشتركة خلال الأشهر الفائتة مسوّدة اتّفاق في هذا الإطار على خلفيّة الدّعم والإسناد للزيارات المتبادلةبين الزعيمين الأردني والسوري على مدى الأشهر الماضية، بعد عدّة سنواتشهدت ما يشبه القطيعة السياسيّة بين عمّان ودمشق، لكنّ الخلاف الحدودي الحاصل الآن يأتي ليضاف إلى الخلاف المائي المسكوت عنه بأوامر عليا في عمّان ودمشق. وإذا ما استمرّ إرجاء انعقاد اللجنة العليا التي كانت مقرّرة في عمّان في اليومين الأخيرين من هذا الشهر، فإنّ علاقات البلدين من شأنها أن تحظى بانتكاسة بعد أشهر قليلة من الوئام تلا عقودًا من المواقف الاتّهامية المتبادلة بين البلدين وسوء الظنّ السياسي بالآخر، ففيما كانت تحمل عمّان على دمشق بشدّة تقاربها وتحالفها مع إيران خلافًا للمصلحة العليا العربيّة، كانت دمشق ترى في الحلف الأردني - الأميركي كمينًا لها، وعملاً عدائيًّا ضدّ الجار الشمالي.

يشار إلى أنّ عمّان ودمشق قد توصلتا في العام 2005 إلى شبه اتّفاق حدودي ينهي التداخل بين أراضٍ أردنية وأخرى سورية، إذ تطالب عمّان جارتها الشماليّة بإعادة نحو 125 كيلومترًا تضع سوريا يدها عليها، فيما تقول دمشق إنّ عمّان تضع يدها هي الأخرى على بضعة كيلومترات، علمًا بأنّ تلك الأراضي قد نشأت عليها تجمّعات سكّانية أردنيّة وسوريّة خلال العقود الماضية، قبل أن يتمّ الاتفاق على مبادلة أرض مماثلة خالية من السكّان، لكنّ هذا الاتفاق بقي جامدًا من دون ترسيم دولي حتّى اللحظة.