القدس: اعربت مصادر سياسية اسرائيلية اليوم عن خشيتها من ان تضطر اسرائيل الى التخلي عن تحالفها الاستراتيجي مع تركيا في اعقاب الهجوم الاسرائيلي على قافلة سفن اسطول الحرية لكسر الحصار عن قطاع غزة.
ونقلت الاذاعة الاسرائيلية العامة عن المصادر التي وصفتها بquot;الكبيرة والمسؤولةquot; قولها ان quot;العلاقات المدنية والعسكرية مع تركيا لن تعود كما يبدو الى سابق عهدهاquot;.
كما اعربت المصادر عن الخشية من مصير بعض الصفقات الامنية التي عقدتها اسرائيل مع تركيا بما في ذلك تزويد سلاح الجو التركي بمنظومات استخبارية متقدمة لمقاتلات من طراز (اف 16) بصفقة يقدر ثمنها بحوالي 140 مليون دولار امريكي.
واشارت المصادر الاسرائيلية الى ان quot;عملية الاستيلاء على السفن كانت حلقة اخرى في مسيرة تدهور العلاقات بين البلدين والتي كانت قد بدأت عندما هاجم اردوغان رئيس الدولة شيمون بيريس خلال مشاركتهما في منتدى (دافوس) الاقتصادي بسبب الجرائم الاسرائيلية خلال الحرب على قطاع غزة قبل عام ونصف العام. و
وجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء انتقادات شديدة اللهجة الى اسرائيل، داعيا الى معاقبتها على quot;المجزرة الدمويةquot; التي ارتكبتها ضد سفن المساعدات التي كانت متوجهة الى غزة ومحذرا اياها من اختبار صبر انقرة.
وقال اردوغان امام نواب كتلة حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه، خلال اجتماع في البرلمان التركي quot;ادين بأشد العبارات هذه المجزرة الدمويةquot; التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية، داعيا الى quot;معاقبةquot; الدولة العبرية على quot;عمليتها اللانسانيةquot;.
واضاف ان quot;هذا الهجوم الوقح وغير المسؤول، الذي ينتهك القانون ويدوس على الكرامة الانسانية، يجب حتما ان يعاقب عليهquot;. وفي خطابه الناري ضد الدولة العبرية، حذر اردوغان اسرائيل من مغبة quot;اختبار صبر تركياquot;، مؤكدا انه quot;بقدر ما تكون صداقة تركيا قوية فان عداوتها اقوىquot;.
وقبل ان يمطر إسرائيل بوابل انتقاداته العنيفة، عقد اردوغان اجتماعا مع رئيس الاستخبارات ومستشاريه العسكريين. وفي خطابه الناري صب رئيس الوزراء التركي جام غضبه على الحكومة الاسرائيلية متهما اياها بانتهاج quot;سياسة كاذبةquot; وquot;وقحةquot; وبانها quot;دمل مفتوحquot; في طريق السلام الاقليمي، داعيا المجتمع الدولي الى التحقيق في ما جرى.
وقال quot;لن يهدأ لتركيا بالquot; قبل ان تصل هذه القضية الى خواتيمها. وفي نداء آخر الى المجتمع الدولي دعا اردوغان، الذي يرأس حكومة منبثقة من التيار الاسلامي المحافظ المناصر تقليديا للقضية الفلسطينية، الاسرة الدولية الى قول quot;لاquot; للتصرفات الاسرائيلية التي quot;تنسف السلام الاقليميquot;.
وأجمعت الصحف التركية الثلاثاء على التنديد بالهجوم الإسرائيلي مؤكدة أنه أضرّ بالعلاقات التركية الاسرائيلية بشكل لا يمكن إصلاحه. وكتبت صحيفة راديكال الليبرالية على خلفية سوداء إشارة الى الحداد quot;رصاصات أطلقت على الانسانيةquot;.
وقال كاتب افتتاحية الصحيفة ان quot;اسرائيل تجاوزت الحدودquot; مشيرا الى ان الأتراك الذين سقطوا قتلى في السفينة التركية التي تعرضت الاثنين لهجوم القوات الاسرائيلية هم أول ضحايا يقتلون بسلاح اجنبي منذ التدخل العسكري التركي في قبرص (1974).
واكد مسؤولو منظمات انسانية تركية ان العديد من الضحايا يحملون الجنسية التركية. وركزت صحف عديدة عناوين صفحاتها الاولى على تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي وصف هجوم اسرائيل بquot;ارهاب دولةquot;.
واعتبرت صحيفة quot;دايلي نيوزquot; التركية الصادرة بالانكليزية ان الهجوم يدق quot;المسمار الاخير في نعشquot; العلاقات التركية الاسرائيلية التي تضررت الى حد كبير اثر الهجوم الاسرائيلي الدامي على قطاع غزة قبل عام ونيف الذي انتقدته انقرة بشدة. واوردت الصحيفة تصريح نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحكومي حسين تشيليك الذي اكد quot;ان علاقاتنا مع اسرائيل لن تكون على ما كانت عليه ابداquot;.
ورأى كاتب المقال الافتتاحي لصحيفة ملييت الليبرالية ان رد الفعل الشديد من قبل انقرة التي استدعت سفيرها في تل ابيب والغت مناورات عسكرية مع اسرائيل، quot;يدل على ان العلاقات الثنائية هي عند نقطة الصفرquot;. وقال quot;صحيح ان علاقات اسرائيل مع المجتمع الدولي متوترة، وهذا التوتر ينعكس في المقام الاول على التعاون التركي الاسرائيليquot;.
وعلق سادات ارغين كاتب افتتاحية صحيفة حرييت الواسعة الانتشار بقوله quot;ان العلاقات مع اسرائيل بلغت ادنى مستوى، ومن الصعب الان اصلاحهاquot;. واعتبرت امبرين زمان الاخصائية في مسائل الشرق الاوسط في صحيفة خبر التركية quot;ان اسرائيل فقدت صديقها الوحيدquot; تركيا. وطالبت اسرائيل بالاعتذار من تركيا الوسيلة الوحيدة بنظرها لاصلاح ذات البين.
وان كانت كافة الصحف نددت بصوت واحد بوحشية الهجوم الاسرائيلي فان بعض المعلقين ينتقدون ادارة الحكومة التركية لهذه الازمة مع اسرائيل غير المسبوقة من حيث حجمها. ورأت صحيفة جمهورية المعارضة ان تركيا كان بوسعها منع المنظمة الانسانية الاسلامية التركية، هيئة الاغاثة لحقوق الانسان والحرية التركية، من تنظيم مثل هذه البعثة quot;المحكوم عليها بالقمعquot; من قبل الاسرائيليين.
مشعل يحمل إدارة أوباما مسؤولية quot;إفلات اسرائيل من العقابquot;
وعلى صعيد متصل، حمل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الثلاثاء ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما مسؤولية quot;افلات اسرائيل من العقابquot; بعد الهجوم. وحول بيان مجلس الامن غير الملزم بشأن الهجوم على الاسطول، قال مشعل بعيد لقائه الرئيس اليمني علي عبدالله صالح quot;ان قرار مجلس الامن مخيب للآمال لا يتناسب مع حجم الجريمة، وادارة أوباما تتحمل المسؤولية عن إفلات إسرائيل من العقابquot;. واضاف quot;هذا يثبت ان مجلس الامن في واد والضمير الانساني والشعوب الحرة في العالم في واد آخرquot;.
الى ذلك، دعا مشعل quot;اشقاءنا في مصر إلى استغلال هذه اللحظة التاريخية والمبادرة الى فتح معبر رفح لان مصر قادرة على ذلك وهذا سيكون فعلا ردا حقيقيا على الجريمة الاسرائيلية ودعما لاهلنا في غزة الذين يعانون معاناة قاسية من الحصارquot;.
كما دعا الى quot;المبادرة سريعاquot; الى مصالحة فلسطينية حقيقية والى quot;وقف مهزلة المفاوضات المباشرة وغير المباشرة والتي تستغلها اسرائيل كغطاء لهذه الجرائم وغطاء لما تصنعه على الارض من استيطان وتهويدquot;.
كما دعا ادارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى التوقف عن quot;جريمة التنسيق الامني مع اسرائيل فلا يعقل ان إسرائيل التي تقتلنا وتقتل رجال السلام وتحتل الأرض وتدنس المقدسات هي بعد ذلك ننسق أمنيا معها على حساب المصالح الفلسطينيةquot;.
وخلص الى القول quot;اعتقد ان جريمة اسرائيل فرصة اليوم لتوحد الفلسطينيين وكذلك فرصة لاستعادة المبادرة العربية لكي يكون للعرب موقف قوي ردا على هذه البلطجة الاسرائيلية وان يفتح معبر رفح وان ينتهي الحصار دون رجعةquot;.
التعليقات