رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني

فيما يبحث البرلمان العراقي اليوم الأحد التوتر بين القوات الاتحادية والكردية فقد هدد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بالانفصال واتهم رئيس الوزراء نوري المالكي بالدكتاتورية وحكومته بالفشل، وقال إنه كان في يديها أكثر من نصف ترليون دولار لكنها لم تحقق الاعمار ولم توفر الخدمات، وأشار إلى أنّها بدلًا من ذلك تقوم بعمليات تسليح وتوجيه قواتها ضد كردستان.


في كلمة له إلى العراقيين حول منع قوات البيشمركة الكردية قوة عسكرية عراقية من بلوغ المنطقة الحدودية بين إقليم كردستان العراق وسوريا، واعتبار المالكي ذلك خطوة خطيرة مخالفة للدستور، أوضح رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني موقفه من المشاكل بين بغداد وأربيل وتصاعد التوتر بين قواتهما، مؤكدًا أن الدستورالجديد للعراق والعمل به هو الضامن الوحيد لتعايش مكونات البلاد.

وقال: quot;لقد حاولنا وفي اطار هذا الدستور أن نمارس حقوقنا وواجباتنا، ولكن البعض،وبعد أن تمكنوا من تعزيز مواقعهم، تملصوا من الالتزام بهذا الدستور لا بل عملوا على إحتكار السلطة في أيديهمquot;.

وعن الخلاف بين حكومة كردستان ورئيس الوزراء نوري المالكي، قال بارزاني في كلمته التي وزعتها رئاسة كردستان مساء السبت: quot;أحيانا يتم تداول هذه الأزمة في الإقليم وكأن السبب وراءها وجود اٍشكال من نوع شخصي بيني و بين المالكي لكن في الحقيقة ليس هنالك أي اشكال شخصي مع السيد المالكي ولا مع أي آخر من أي جهة أخرى.. لقد كان المالكي و لسنوات عدةيقيم في كردستان كصديق وكان صديقاً مقرباً لي و كنا على تواصل دائم و قد كنت دائمًا أحاول أن أعالج أي اشكالات تواجهنا عبر الحوار لكن لم يلتزم بأي عهد وقد تعامل بتفرد مع القضايا و لم يزل كذلكquot;.

وأضاف بارزاني: quot;لقد فقدت الامل بالمالكي في عام 2008 عندما حرك دبابات ومصفحات الجيش العراقي لمواجهة البيشمركة في أطراف خانقين.. إن أشكاليتنا الحقيقية هي في تلك العقلية التي وبدلاً من أن تستخدم لغة الحوار نجدها تؤمن باستخدام قوة السلاح.. إن تخوفي ليس على الوقت الحاضر بل على السنوات القادمة وذلك اذا ما استمرت هذه العقلية بهذا المنهج وسنحت لها الفرصة والقوة فإنها ستحدث مشاكل كبيرة لإقليم كردستانquot;.

عقلية دكتاتورية

وأشار إلى أنّه قد تم ومنذ سنوات التعهد بتنفيذ محتوى الدستور والقضايا العالقة لكن لم تتخذ الخطوات الجدية للأزمة ولم تتخذ الاجراءات الجدية لتنفيذ المادة الدستورية 140 حول المناطق المتنازع عليها ولم يتم تنفيذ مسألة الموازنة وحاجيات البيشمركة، وكذلك لم يتم العمل من أجل مسودة قرار النفط و الغاز، كما تمت معاداة المسؤولين والضباط الاكراد في الجيش العراقي وتمت محاولة إقصائهم.

وقال: quot;إن عدم تنفيذ الحكومة لاتفاقات اربيل بين القوى السياسية قد افقد مفهوم الشراكة الحقيقية محتواه تباعًا و بدأنا نجد الرغبة في العودة الى العقلية الدكتاتورية ثانية وبعد كل وعودهم نجدهم قد أهملوا موضوع صياغة النظام الداخلي لمجلس الوزارء بينما نجد سلطة مطلقة من قبل المالكي في كل المجالات الادارية و الامنية و العسكرية والاقتصادية، وهذا خرق للمفهوم الدستوري لنظام الحكم في العراق، اذ إنه ووفقاً للدستور فإن رئيس الحكومة هو رئيس مجلس الوزراء وليس رئيس الوزراء، وهناك فرق كبير بين العنوانين، وبذلك فإن رئيس مجلس الوزراء ينتهج سياسة التشكيلة الوزارية ولايمكن له أن يتخذ قرارات متفردةquot;.

موازنة البيشمركة

وأوضح بارزاني: quot;أنه قد تمت المصادقة على موازنة قوات البيشمركة منذ عدة سنوات و لكن توضع باستمرار عراقيل كي لا تصل هذه الموازنة الى الإقليم و هذا بمثابة وضع يد واضحة على حصة الإقليم من الثروة الوطنية اذ إن هذه الموازنة في حقيقة الامر تقتطع من حصة الإقليم على أنها مصاريف سيادية وقد اتفق الإقليم و بغداد في السابق وبحضور الاميركيين على أن يتم اعتبارالبيشمركة جزءاً من النظام الدفاعي للعراق، وعلى أن يتم تزويده بكل الحاجيات اللازمة له وعلى أن يتم دعمه ماديًا من موازنة قطاع الدفاع العراقي وعلى هذا الاساس تم تخصيص السلاح و المستلزمات اللازمة ولكن تم ومنذ سنوات احتجازها في مخازن معسكر التاجي ويتم منعها من الوصول الى البيشمركةquot;.

عقود النفط مع الشركات العالمية

وفي ما يخص التعامل مع عقود النفط التي تعقدها سلطات كردستان مع الشركات العالمية قال بارزاني: quot;إننا ومنذ سنوات نطالب بمراجعة كافة الملفات الخاصة بالنفط في الإقليم والعراق من قبل لجنة متخصصة محايدة، وأن تقوم بتشخيص أي تقصير أو تجاوز دستوري لكنهم في كل مرة يتملصون من هذا الشأن و يعلنون تشكيل لجنتهم ثم يخيم الصمت على الموضوع, فلماذا هذا التملص؟ ترى الا يستهدف كل هذا التصعيد حول موضوع نفط الإقليم الى تحييد الرأي العام عن الالتفات الى تعامل وزارة النفط في بغداد ازاء ملف النفط في العراق بشكل عام؟quot;.

وأضاف: quot;لقد كان صبرنا طويلاً وطالبنا باستمرار أن تلجأ الاطراف العراقية والكردستانية الى الدستور في حل المشاكل وكنا دوماً ننظر الى حل عراقي و لم نغلق باب الحوار مع أي طرف يؤمن بالحوار لكن اذا لم نلحظ أي وجود لحل عراقي وعلمنا بعدم الالتزام بالدستور عندها سنلجأ الى حل كردستاني وسنرجع الى رأي و مشيئة شعب كردستان، ولقد كانت رسالتي في نوروز هذا العام ذات الشيءquot; في إشارة الى امكانية انفصال الإقليم عن العراق.

quot;لم أكن صاحب فكرة سحب الثقة من المالكيquot;

واستطرد بارزاني مشيراً إلى أنّه لاحقًا تم عقد إجتماع بين الاطراف العراقية استهدف معالجة المشاكل و تمت بالاخص مطالبة التحالف الوطني أن يعملوا على أن يلتزم المالكي بالدستور وتلك الاتفاقيات الموقعة من قبل الاطراف الداخلة في العملية السياسية.

وأضاف: quot;أنه قد تم الحديث كثيراً عن موضوع سحب الثقة من المالكي في ظل المواقف المختلفة وهنالك من يعرض الموضوع على أنه كان مشروعاً لكن في الحقيقة الامر ليس كذلك والمشروع هو لآخرين و ليس لي فقد كان لي مقترح اَخر لتغيير النهج الذي ينتهجه المالكي وأقترحت اجراء اصلاح جذري في نظام الحكم في العراق وتوطيد أسس الديموقراطية و قبول الآخرين لأن هذا هو جوهر المشكلة لكن بعد أن اجتمعت القوى السياسية الأخرى وبحضور رئيس الجمهورية (جلال طالباني) فإن موضوع سحب الثقة أصبح مطلب الذين حضروا الجلسة وبدوري ساندت ذلك الاجماع و لم أمانع لأن واقع التجارب السابقة من حيث عدم تنفيذ الاتفاقيات و كذلك عدم الالتزام بالدستور كان قد أوصد باب الأمل بالمالكي.أنا لست بنادم لأتخاذ هذا الموقف والتزمت بالمسؤولية التي على عاتقيquot;.

وكان قادة التحالف الكردستاني والقائمة العراقية والتيار الصدري قد شاركوا في الاجتماع الذي عقد في أربيل اواخر نيسان (أبريل) الماضي وطالبوا بسحب الثقة من المالكي.

مستعد للتعاون مع المالكي لتسوية الملفات العالقة

وعبر بارزاني عن الاسف لاته قد تم quot;داخل الإقليم خلط هذا الموضوع الحساس بمواضيع شخصية و صراعات ومزايدات سياسية ولم يكن هذا الامر منصفاً بحق مطاليب وحقوق شعب كردستان وأتى بالضرر على البيت الكردستاني وموقعه في العراق. وقال: quot;لقد وجدت من المسؤولية التى على عاتقي أن أتخذ هذا الموقف و أن أنبه حول أن ما يتم العمل لأجله اليوم في بغداد ستنم عنه مخاطر كبيرة لجميع الاطراف في المستقبل القريب وقد أثرت هذا الموضوع حتى تنهض جميع الاطراف بالمسؤولية التي على عاتقهاquot;.

وأضاف أنه حتى في هذه اللحظة اذا كان هناك من يجد في استطاعته أن يضع حداً للقضايا العالقة مع المالكي فالطريق سالكة أمامه quot;وأنا مستعد ووفقاً للصلاحيات الممنوحة لي أن أسلمه ملفات هذه القضايا فكل من يتمكن من أن يضع الديمقراطية ونظام الحكم في العراق على المسار الصحيح وأن يخلصها من السيطرة والاحتكار فليتقدمquot;.

وحذر قائلاً انه اذا استمر سريان الاوضاع بهذا الاتجاه فإنه و خلال عدة سنوات قادمة ستكون هنالك تهديدات كبيرة على حقوق الكرد والعملية السياسية بمجملها. وقال إن على جميع الاطراف أن تعلم بأن المشكلة لا تقتصر على الإقليم فقط بل المشكلة تتعلق بظروف العراق بأجمعه فأصحاب القرار في بغداد قد أهملوا مطاليب شعوب العراق ويختلقون الازمات لكي يخفوا ما يفتقر اليه.

وأكد بالقول quot;وفقاً الى جميع المعايير فإن الحكومة في بغداد لم تكن ناجحة في خدمة المواطنين..لقد كان بين أيدي حكومة العراق في هذه السنوات أكثر من نصف ترليون دولار فماذا حصل مع هذه الثروات؟ فلتسأل شعوب العراق أين الاعمار.. أين الخدمات؟ لقد تم توظيف أكثر من 20 مليار دولار للكهرباء فأين المحصلة؟ فلتنشغل حكومة العراق بخدمة المواطنين وليس بخلق المشاكل للإقليم والاطراف السياسيةquot;

وقال إن مواطني العراق الغني هم جديرون بحياة أفضل و خدمة أكثر لكن السلطة في بغداد لم تكن موفقة في تقديم أدنى مستوى من الخدمة وبدلاً من الاسراع بتطوير الخدمات فإن مسؤوليها يسرعون بالتسليح كي يفرضوا أنفسهم عن طريق التهديد والضغط العسكري. وأضاف quot;هنا أريد أن أخاطب أصحاب هذه العقلية بأنه قد ولى عهد التفكير بالإتيان بقواهم العسكرية والأمنية والشرطة وفرضها على شعبنا ثانية فلن نسمح لهم بأن يعودوا بالعراق الى الوراء وأن تصبح مصالح شعب كردستان وشعوب العراق الاخرى ضحية الأجندات الإقليمية أو الرغبات الشخصية الضيقةquot;.

روايات بغداد واربيل عن التوتر بين قواتهما

وكان مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قال مساء الجمعة إن quot;نزاعًاquot; كاد يندلع بين قوات البشمركة الكردية والقوات العراقية التي منعت من الوصول الى نقطة حدودية شمالية غربية مع سوريا. وأوضح المكتب في بيان صحافي إن quot;تصرفات قوات الإقليم (كردستان العراق) تعد مخالفة للدستور وكادت أن تؤدي الى حدوث نزاع مع القوات العراقيةquot;.

وأضاف أن quot;عبور قوات الإقليم الى حدود محافظة نينوى والسيطرة عليها وعلى مفاصل ادارية فيها واشهار السلاح والتهديد به من قبل قوات البيشمركة يمثل ظاهرة خطيرة لا تحمد عقباهاquot;. وأشار المكتب إلى أنّ قرار نشر قوات الجيش والشرطة الاتحادية على مسافة 600 كلم على الحدود المشتركة بين العراق وسوريا جاء لمنع التداعيات السلبية لما يجري في سوريا ولم يكن هدفه إقليم كردستانquot;.

ومن جهته قال جبار ياور إن quot;الحكومة العراقية ارسلت منذ يومين قوات عسكرية الى منطقة الموصل لحماية الحدود العراقية السورية في مناطق تلعفر وسنجار وهي الفرقة العاشرة وقد أتت من الناصريةquot; جنوب بغداد. وأضاف quot;قام الفوج 32 من هذه الفرقة صباح الجمعة بمحاولة الوصول من منطقة ربيعة (شمال غرب العراق) الى منطقة زمار ومنعها اللواء الثامن لوزارة البشمركة وطلبت منها عدم المجيءquot;.

ويقع معبر فيشخابور الحدودي بين سوريا وإقليم كردستان العراق غرب مدينة دهوك (450 كلم شمال بغداد) في منطقة تسيطر عليها البيشمركة منذ عام 1992 اي بعد خروج الإقليم من سلطة النظام العراقي السابق. ونشرت السلطات العراقية اخيرًا قوات إضافية عند حدودها مع سوريا التي تشهد مواجهات بين القوات النظامية السورية والمعارضة المسلحة التي تسيطر على واحد من ثلاثة معابر رئيسية بين البلدين يقع في مدينة القائم غرب البلاد.

ويأتي هذا الحادث بعدما نشرت وسائل اعلام محلية وعربية تقارير تفيد عن دخول قوات كردية الى سوريا الا ان رئاسة إقليم كردستان أكدت في بيان رسمي أن هذه التقارير quot;عارية عن الصحةquot;.

البرلمان يناقش التوتر بين القوات العراقية والبيشمركة

وتبحث لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب اليوم الاحد اسباب التوتر بين القوات الاتحادية التي تحركت لضبط الحدود بين العراق وسوريا على خلفية المتغيّرات على الساحة السورية وبين قوات البيشمركة. وقال عضو اللجنة حامد المطلك في تصريح صحافي إن اللجنة لا تريد أن تستبق التطورات لكنها سوف تطلع على كامل تفاصيل الموضوع ومن ثم تخرج بالتوصيات اللازمة الكفيلة بانهاء التوتر وعودة الاوضاع الى طبيعتها انسجامًا مع ما يقره الدستور العراقي بعيدًا عن التصعيد والتشنج.

ومن جهته، دعا المتحدث باسم التحالف الكردستاني في مجلس النواب مؤيد الطيب جميع الاطراف الى عدم الصيد في المياه العكرة على خلفية التوتر الحاصل في المناطق الحدودية بعد تحريك القوات الاتحادية على الشريط الحدودي مع سوريا من جهة محافظة نينوى.

وبدأت الحكومة العراقية تشديد اجراءاتها الامنية على طول الشريط الحدودي مع سوريا على خلفية احداث العنف الدائرة هناك والخشية من عبور مسلحين باتجاه العراق. وقال قيادي في حزب الدعوة الإسلامية بزعامة المالكي إن الحكومة السورية سلّمت السفارة العراقية في دمشق قائمة بأسماء عناصر جماعات مسلحة من جنسيات سورية وعربية مختلفة يبغون الدخول إلى العراق. وأشار المصدر إلى أنّ القائمة تضم أسماء عناصر إرهابية من جنسيات مختلفة، من المحتمل دخولهم إلى العراق هربًا من مواجهة الجيش النظامي.