بارزاني موجّهًا انتقادات قاسية للمالكي

أكّدت الاتهامات القاسية التي وجّهها بارزاني إلى المالكي بالتفرد بالسلطة وقيادة حزبه لدكتاتورية جديدة تفاقم الأزمة السياسيّة في العراق قبل أسبوع من انعقاد القمة العربية في بغداد وحيث تباينت بالترافق مع ذلك مواقف القوى السياسيّة من الاتهامات التي اعتبرت الأشد قسوة التي يسوقها رئيس إقليم كردستان ضد رئيس الوزراء العراقي.


شكلت الاتهامات غير المسبوقة التي ساقها بارزاني أمس ضد المالكي دليلا على عمق الأزمة السياسية التي تضرب البلاد وتفاقمها وخاصة بين ائتلافي المالكي وعلاوي على خلفية عدم تنفيذ رئيس الوزراء لاتفاقات أربيل التي أفرزت الحكومة الحالية.

ويشير مراقبون لهذه الازمة تحدثت اليهم quot;ايلافquot; اليوم الى ان هذه الاتهامات جاءت في وقت دقيق حيث يسعى المالكي الى تحقيق انتصار شخصي باحتضان القمة العربية التي ستعقد في بغداد فيال 29 من الشهر الحالي. واشاروا الى انه بعد تأكيد علاوي امس تقديم مذكرة الى القمة يشكو فيها التدخل الايراني في شؤون البلاد وتصاعد الاعتقالات والسجون السرية ورفض تنفيذ اتفاقات اربيل تأتي تصريحات بارزاني هذه لتعمق من الأزمة السياسية وتوسع مدياتها وتضع المالكي في موقف حرج قبل ترؤسه وفد بلاده في القمة.

وأكدوا أن انتقادات بارزاني هذه تشير ايضا الى تصاعد التوتر بين الحكومة المركزية في بغداد وسلطات إقليم كردستان في الشمال. وأوضحوا أن هجوم بارزاني هذا يأتي تتويجا لسلسلة انتقادات وجهها للمالكي خلال الأسابيع الاخيرة وسط خلافات بشأن النفط والارض وأموال الميزانية وتقاسم السلطة في بغداد. واليوم وجّه المالكي تهنئة الى الشعب الكردي لمناسبة أعيادهم في نوروز داعيا العراقيين الى التمسك بالهوية الوطنية الجامعة التي يتساوى أمامها العراقيون بكل قومياتهم وأديانهم وطوائفهم.

وقال المالكي في بيان صحافي تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه quot;أتقدم بأحر التهاني واطيب التمنيات لشعبنا الكردي الذي قدم التضحيات الى جانب إخوانه من ابناء شعبنا العراقي الكريم عموما للخلاص من الدكتاتورية والاستبداد وسلب الحرياتquot;.

واضاف quot;انني اذ أبارك لابناء شعبنا الكردي وجميع الشعوب التي تحتفل بهذا اليوم الذي يشكل تحولا في عالم الطبيعة واعتدال المناخ، فإنني ادعو الجميع الى الوحدة والتكاتف والتمسك بالهوية الوطنية الجامعة التي يتساوى أمامها العراقيون بكل قومياتهم وأديانهم وطوائفهم. وسيبقى العراق مثالا يحتذى بوحدته الوطنية والعيش المشترك والحياة الكريمة لكل ابنائه دون تمييزquot;. ويشكل النواب الاكراد نحو خمس البرلمان العراقي ويشغل الائتلاف الكردي المكون من حزبين خمس حقائب وزارية في الحكومة العراقية.

مواقف القوى السياسية

لكن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، اعتبر اتهامات بارزاني محاولة واضحة لإعاقة عقد القمة العربية في بغداد. وقال النائب عن الائتلاف عدنان الشحماني إن تصريحات بارزاني أتت في وقت غير مناسب اذ انها رافقت سلسلة التفجيرات الاخيرة التي حصلت في بغداد وعدد من المحافظات. واضاف في تصريح صحافي تلقته quot;ايلافquot; اليوم ان الخلافات القائمة بين الفئة التي هي الآن في السلطة في بغداد وبين الإقليم هي على كركوك والمناطق المتنازع عليها ومسألة البيشمركة اذ إنهم (الاكراد) يتهربون منها دائماً في حين أبدت الحكومة الاتحادية أعلى درجات المرونة إزاءهاquot; بحسب قوله.

ومن جانبه، عبر النائب عن القائمة العراقية حامد المطلك عن تأييده لاتهامات بارزاني للمالكي وخاصة انتقاده quot; اساليب التفرد بإدارة السلطة في العراق. وقال في تصريحات وزعها على الصحافيين إن التفرد بالقرار على حساب الاخرين أمر لا يمكن قبوله لذا من حق الآخرين ان ينتقدوا هذه السياسة التي تنتهجها الأحزاب الحاكمة. وقال quot;نحن نحترم وجهة نظر بارزاني بانتقاده الأساليب التفردية في إدارة السلطة في العراق وخصوصا ما يتعلق بالتفرد في الأجهزة والوزارات الأمنيةquot;.

واشار الى أن المرحلة الماضية أثبتت أن لا وجود لشراكة في إدارة الدولة على الرغم من حاجتنا الماسة الى تطبيق الشراكة الوطنية والمساواة بين العراقيين على قدم المساواة مع بعضهم البعض. واضاف أن الايام المقبلة ستكشف عن تحوّل في خارطة التحالفات السياسية التي ستعيد التوازن في الساحة السياسية في اشارة الى تقارير عن احتمال إعلان تحالف بين القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي والتحالف الكردستاني.
ودعا المالكي الى ضرورة الانتباه الى مساوئ ما يذهب اليه من التفرد في تشكيل الجيش وجعل هذه المؤسسة تابعة له من دون الاخذ في الاعتبار التوازن الاجتماعي في أجهزة الدولة التنفيذية والجيش والشرطة وباقي الأجهزة الأمنية.

كما وصف النائب حسين الاسدي عن ائتلاف المالكي تصريحات بارزاني بأنها تصعيد غير مبرر مشيرا الى ان الدكتاتورية الفعلية هي في اقليم كردستان. واضاف ان التصريحات الأخيرة التي أدلى بها مسعود البارزاني مجانبة للحقيقة ومخالفة للواقع موضحا أنه إذا كان هناك من دكتاتورية فهذه الدكتاتورية الجميع يشترك فيها.

وقال في تصريح نقلته quot;البغدادية نيوزquot; إن هناك شراكة وطنية حقيقية والحكومة الفعلية مبنية على أساس وحضور جميع المكونات العراقية سواء ما يتعلق بالاخوة الكرد أو بقية المكونات الأخرى. وأشار الى انه quot;لا يوجد تفرّد بالسلطة والدستور العراقي وزّع القضايا المدنية على جميع الوزارات أما القضايا الأمنية باعتبار أن الأمن لا يتجزأ فجعلها بيد القائد العام للقوات المسلحة وما صرّح به مسعود البارزاني غير صحيح وهو تصعيد غير مبررquot;.

واضاف quot;اذا كان من دكتاتورية فعلية فهي في اقليم كردستان، حيث تؤكد المعارضة الكردية ان هناك تفرداً بالسلطة خاصة في ما يتعلق بطبيعة القيادة الكردية فالحزبان الحاكمان يسيطران على جميع مقاليد الأمور وخاصة مايتعلق بأربيل ودهوك.

الهجوم الأعنف للبارزاني ضد المالكي

وكان بارزاني هاجم المالكي بشدة في خطاب أمس واتهمه بتشكيل جيش مليوني في البلاد يدين بالولاء quot;لشخص واحد جمع السلطة بيديهquot; وشدد على أنه quot;كفىquot; لذلك الشخص الذي يحمل صفة القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والداخلية ورئيس المخابرات وغيرها من المناصب معتبرا أن العراق يتجه نحو quot;الهاويةquot; بسبب فئة في السلطة تريد جره لـquot;الدكتاتوريةquot;.

وأضاف متسائلا quot;ما غاية تشكيل جيش مليوني يكون ولاؤه لشخص واحد، فمتى حصل وفي أي بقعة من العالم يوجد هناك شخص يجمع في يديه مناصب مثل القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع ووزير الداخلية ورئيس المخابرات ورئيس مجلس الأمن القوميquot;.

وأكد بارزاني قائلا quot;لقد حان الوقت الذي نقول فيه كفى، لأن العراق يتجه نحو الهاوية، وأن فئة قليلة على وشك جرّ العراق باتجاه الدكتاتورية، فالعراق يشهد أزمة جدية، وإن دوام وضع كهذا غير مقبول بالنسبة إلينا على الإطلاقquot;.

ودعا البارزاني quot;جميع قيادات الأحزاب والأطراف السياسية العراقية الى مداركة الوضع والجلوس معاً في وقت عاجل، وذلك لوضع الآليات والإسراع في إيجاد حلّ لهذا الوضع ومعالجته في فترة قصيرة جداً، وإلاّ فإننا سنلجأ الى شعبنا، وآنذاك سيتخذ شعبنا قراره النهائي وهذا لكي لا تلقوا علينا باللائمة بعد الآنquot;.

واشار الى أن quot;الأمر الذي يبعث على الأسى هو أن هذه الفئة تريد أن تُظهر للملأ أن الكرد هم الذين غيروا موقفهم إزاء الشيعة أو غيروا حليفهم، لكن الشيعة الذين نعرفهم هم من أتباع ومناصري الحكيم والصدر، وأنهم الذين وقفوا دائما الى جانب الكرد وساندوهم، لافتا الى أن quot;الكرد بدورهم وقفوا الى جانبهم وساندوهم، وسنبقى دائماً الى جانب بعضنا البعض ومساندين بعضنا البعض ومتخندقين معاً أيضاًquot;.

ولفت بارزاني الى أن quot;الذين يدّعون أنهم المدافعون عن حقوق الشيعة، فالدفاع لا يكون عن طريق تهميش التحالف الشيعي، ولا يكون عن طريق خلق أعداء جدد للشيعة، أو أن لا يحسبوا للآخرين في العراق أي حسابquot;، مؤكدا أن quot;العراق لجميعنا، كرداً وشيعة وسنة وتركمانا وآشوريين وكلداناً، وكل بحسب حجمه وموقعهquot;.

وطالب بارزاني أن تخدم تلك الفئة، التي لم يسمها، quot;الشيعة من خلال تقديمهم الخدمات ويحققوا الأمن والاستقرار للشعب العراقي، ولكن ما الذي فعلتموه للعراق، تفضلوا فلنضع الحسابات بأجمعها على الطاولةquot;. وأكد quot;الالتزام بتحالفنا مع إخوتنا الشيعة، ولكن ليس مع هذه الفئة التي احتكرت كل مفاصل السلطة ولا تحسب للآخرين أي حساب، وإنني متأكد بأن الشيعة هم غير راضين بهذا الوضع قبل الكرد والسنةquot;.

واضاف بارزاني أن quot;العراق، في هذه الأيام يشهد أزمة جدية، وعندما نقول أزمة جدية، فإننا ندرك ما نقول وما نعنيه، واننا سعينا دائماً كي نخدم إخوتنا العرب والتركمان والآشوريين والكلدان في عموم العراق؛ كسعينا لخدمة كردستان، لأننا نريد خدمة العراق عموماًquot;.

وقال إننا quot;نشعر بمرارة حينما يُقتل أحد أبناء العراق سواء في البصرة أو أربيل أو بغداد والنجف أو في أية مدينة عراقية أخرى، لأنهم أهلنا و ذوونا وأحبتنا، وأن الكل يعلم أن الكرد كان لهم دور رئيس في إسقاط النظام وبناء العراق الجديد، وخاصة في تأسيس الحكومة الحالية والتي تشكلت قبل سنتين بناء على اتفاقية أربيل، فمن دون دور الكرد لتعرض العراق إلى مهالكquot;.

وقال quot;للأسف ظهرت الآن ثلة قليلة من الأشخاص احتكرت كافة مفاصل السلطة وتبث إرهاباً فكرياً، حيث إنه من غير الممكن أن ينتقدهم أحد أو يعبر عن رأيه وإلاّ أصابهم الهياج وبدأوا يتهجمون عليه بلا هوادةquot;.

يذكر أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي بعد اتهامه بدعم الإرهاب وذلك في ال19 من الشهر نفسه.. وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة من نائبه صالح المطلك القيادي في القائمة العراقية أيضاً بعد وصف الأخير المالكي بأنه quot;ديكتاتور لا يبنيquot; الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب وتقديمها طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي قبل أن تقرر في ال29 من كانون الثاني (يناير) الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب ثم تعود في السادس من شباط (فبراير) الماضي لتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء وعودة جميع وزرائها لحضور جلسات المجلس.