بارزاني في اجتماع مع وفد كردي سوري

أكد رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ضرورة اعتراف الدستور السوري الجديد بحقوق أكراد البلاد. وكان العراق تحفّظ على قرار الجامعة العربية بفرض عقوبات على سوريا. كما اتهمت سلطات كردستان السلطات السورية باغتيال الناشط السوري الكردي المعارض مشعل التمو.


لندن:اكد رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ضرورة اعتراف الدستور السوري الجديد الذي يجري العمل لإعداده حاليا بحقوق اكراد البلاد الذين دعاهم إلى الابتعاد عن اي صراع طائفي فيها وطالبهم بتشكيل وفد يمثلهم لإجراء مفاوضات مع جميع القوى الداخلية والخارجية المهتمة بالتطورات السورية الحالية.

جاء ذلك خلال اجتماع عقده بارزاني في مدينة صلاح الدين (360 كم شمال بغداد) مع وفد كردي سوري يمثل قيادة المجلس الوطني الكردي في سوريا وضم ممثلين عن 11 حزباَ وطرفاً سياسياً اضافةً إلى شخصيات مستقلة عرض وفد المجلس الذي ينشط داخل سوريا نتائج مؤتمره الذي عقد مؤخرا في مدينة القامشلي السورية التي تسكنها غالبية كردية وتمخض عنه تشكيل هذا المجلس. وعرض أعضاء الوفد وجهات نظرهم حول التطورات السياسية في سوريا وانتفاضة شعبها وموقف اكراد سوريا منها ونتائج مفاوضاتهم مع القوى والأطراف السورية المعارضة وحقوق أكراد سوريا وإمكانية تضمينها في الدستور السوري الجديد الذي تعكف لجنة قانونية سورية رسمية على إعداده حاليا.

وقال بارزاني إن هذا الاجتماع مهم بالنسبة لأكراد العراق وسوريا ويهدف إلى الاطلاع على اوضاع اكراد سوريا، حتى تتمكن سلطات إقليم كردستان من اتخاذ موقف منها ومن جملة الاوضاع التي تشهدها سوريا منذ اذار/ مارس الماضي. وأكد وقوف اقليم كردستان مع إرادة الشعب السوري وحقوقه وقال إن quot;على الاطراف الكردية في سوريا أن تتعامل بدقة بالغة مع الوضع الراهن لأن ما يهمنا هو الديمقراطية والاعتراف بحقوق الاكراد، ومن الضروري تثبيت هذه الحقوق في الدستور المستقبلي للبلاد وأن يقترب اكراد سوريا من الطرف الذي يحرص اكثر على منحهم حقوقهمquot;.

وشدد بارزاني على أن اقليم كردستان يهمّه تحقيق الديمقراطية في سوريا والإقرار بحقوق الاكراد فيها، وقال quot;إن هذا الاعتراف يجب ان يكون في اطار الدستور المقبل للبلاد وأن يتفاعل ويتقارب أكراد سوريا مع تلك الاطراف التي تؤيد منح الكرد حقوقهمquot;. ونقل بيان عن رئاسة اقليم كردستان عن بارزاني قوله quot; إن اقليم كردستان يدعم جهود الاحزاب السياسية الكردية في سوريا لتثبيت هذه الحقوق وعليها المحافظة على وحدة صفوفها ومواقفها من أوضاع بلادهاquot;.

واشار إلى ان الرسالة التي يحملها الاكراد هي رسالة سلام وعليهم التمسك بسياسة التسامح والتعايش والتعامل مع القوى الديمقراطية، ولا ينبغي للقوى والاطراف الكردية في سوريا ان تصبح جزءًا من الصراع الطائفي إذا وقع، لأننا أصحاب قضية مشروعة ولابد لنا دوما من انتهاج سياسة تقوم على التسامح مع جميع مكونات الشعب السوري وأن ندافع عن حقوقهم بمن فيهم اخواننا المسيحيونquot;. ودعا المجلس إلى الاهتمام بشكل خاص بشريحتي الشباب والمرأة.
وطالب بارزاني خلال الاجتماع بتشكيل لجنة خاصة داخل قيادة المجلس الوطني لاكراد سوريا، للتفاوض مع اي طرف على علاقة بالمشاكل التي تشهدها الساحة السياسية في سوريا حاليا، سواء في الداخل او في الخارج.

يذكر ان الاكراد في سوريا يشكلون نسبة 6 بالمائة من مجموع السكان البالغ 23 مليونا بحسب التقديرات الرسمية لعام 2010، يطالب معظمهم بحكم ذاتي ضمن الأراضي السورية. وقد شهدت بلدات سورية تسكنها أغلبية كردية عام 2004 تظاهراتٍ دامية طالبت بتجنيس حوالى ربع مليون كردي انتزعت منهم الجنسية السورية او لم تمنح لهم لحد الان، لكن السلطات السورية بدأت باتخاذ إجراءات على هذا الصعيد بعد تفجر الإحتجاجات الأخيرة مطلع العام الحالي بهدف تحييد الأكراد، وإبعادهم عن ممارسة نشاطات ضد السلطات لكن هذه المحاولات لم تحقق نجاحا يذكر حتى الآن.

ويأتي موقف بارزاني هذا من الأحداث الراهنة في سوريا، مخالفاً للمواقف الرسمية للحكومة العراقية التي تدعم سلطات الرئيس السوري بشار الاسد، وتؤكد عدم التزامها بالعقوبات التي فرضتها الجامعة العربية مؤخرا عليها، لكن رئيس مكتب العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان فلاح مصطفى يؤكد أن حكومة الإقليم ملزمة بموقف بغداد في ما يتعلق بالعقوبات الأخيرة التي فرضتها الجامعة العربية على النظام السوري. وأشار في تصريح صحافي إلى أن العراق دولة ذات سيادة، وبذلك فهي حرة في اتخاذ المواقف التي تنسجم مع سياساتها الخارجية quot;والعراق دولة فيدرالية ونحن كإقليم كردستان جزء منها عليه فنحن ملزمون قانوناً بالالتزام بمواقف دولة العراق في ما يتعلق بسياساتها الخارجيةquot;، إلا أنه أكد دعم قيادة الإقليم لثورة الشعب السوري.

ويرتبط إقليم كردستان العراق بعلاقات تجارية متشعبة مع سوريا، التي رفعت صادراتها التجارية في السنوات الأخيرة إلى أرقام كبيرة تقدرها مصادر حكومية بنحو مليار ونصف المليار دولار. وتشمل الصادرات الكثير من أنواع المواد الغذائية التي باتت كردستان تستورد الجزء الأعظم من احتياجاتها اليومية من دول الجوار وهي تركيا وإيران وسوريا، إلى جانب العديد من المواد الكمالية. وتأتي معظم الصادرات السورية عبر معبر فيشخابور البري على الحدود المشتركة بين الإقليم ومدينة القامشلي الكردية المحاذية لتلك الحدود.

حكومتا بغداد واربيل واحداث سوريا

وكان العراق تحفّظ على قرار الجامعة العربية بفرض عقوبات على سوريا، وقال وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي quot;موقفنا اقتصادي بالاساس. هناك تبادل تجاري مع سوريا وحدود مشتركة معها، وهذا القرار على كل حال سيطال الشعب السوري اكثر من النظامquot;.

واعتبر أن quot;هذا القرار ستكون له تداعيات علينا كما على سورياquot; مشيراً إلى quot;وجود نحو مئتي الف عراقي يعيشون في سوريا ويعملون فيها ويتسلمون رواتب وهناك مصالح مشتركة كثيرةquot;.
ومنذ بدء الحركة الاحتجاجية في سوريا منتصف اذار الماضي والتي قتل فيها اكثر من 3500 شخص وفق اخر تقرير للامم المتحدة، تعتمد بغداد موقفا حذرا من هذه الأحداث.

ويشترك العراق مع سوريا في حدود تمتد بطول 605 كليومترات كما يرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية كبيرة. وتشير ارقام رسمية عراقية وسورية إلى ان حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ العام الماضي ملياري دولار فيما يتوقع أن يصل نهاية العام الحالي إلى ثلاثة مليارات دولار.

وكانت سلطات كردستان اتهمت السلطات السورية في تشرين الاول (أكتوبر) الماضي باغتيال الناشط السوري الكردي المعارض مشعل التمو واعتبرت ان اعتمادها سياسة الحديد والنار سيفاقم الوضع سوءًا، ويجر وراءه أزمات أعقد، ودعت إلى حصول اكراد سوريا على حقوقهم في نظام ديمقراطي بينما دعا متظاهرون سوريون اكراد في اربيل إلى غلق سفارة بلادهم في بغداد.
وأدانت رئاسة إقليم كردستان مقتل القيادي الكردي مشعل التمو الناطق باسم تيار المستقبل الكردي في سوريا وقالت إن الشعب الكردي في سوريا يسعى للحصول على حقوقه كأحد المكونات الرئيسة في البلاد ويشكل مشاركاً فعالاً في إطار نظام ديمقراطي مشترك.

وعبرت الرئاسة في عن قلقها من تفاقم العنف في سوريا لأن هذا العنف الذي تمارسه السلطات السورية وصل إلى مرحلة يتم فيها استهداف الشخصيات والوطنية والنشطاء السياسيين واغتيالهمquot;. وأشارت إلى ان الشعب الكردي في سوريا يطالب بحقوقه المشروعة بشكل ديمقراطي وسلمي على الرغم من تعرضه مراراً للترهيب والعنف الوحشي. وقالت إن الأحداث في سوريا تسير باتجاه بدء مرحلة سياسية جديدة حيث إن الشعب الكردي في سوريا يسعى إلى الحصول على حقوقه في إطار نظام ديمقراطي وسلمي كأحد المكونات الرئيسة في البلاد ويكون مشاركاً فعالاً quot;لذا فان اغتيال الشخصيات الوطنية وإطلاق النيران على المواطنين المدنيين واعتماد سياسة الحديد والنار سيفاقم الوضع سوءاً ويجر وراءه أزمات أعقدquot;.

ومن جانبه أدان رئيس حكومة اقليم كردستان برهم صالح بشدة عملية اغتيال السياسي وقال في بيان صحافي quot;ندين بشدة عملية اغتيال مشعل تمو الناطق باسم تيار المستقبل الكردي في سوريا، ونعتبر إخماد المطالب المشروعة للشعب السوري بشكل عام والشعب الكردي في ذلك البلد بشكل خاص، مسعى غير مشروع مع ادانة هذا العمل وندعو المسؤولين في سوريا للتحرك بشكل مدني مع المطالبين بالحريةquot;. وأضاف quot;نحن نرى في حكومة اقليم كردستان أن استشهاد مشعل تمو ومحاولة اغتيال وبث الرعب بين المواطنين والناشطين لا ينم عن شيء سوى تعميق المشاكل ونؤكد دعمنا لكل المطالب التي تنادي بالحرية للشعب السوريquot;.

ومن جانبها وصفت قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني في رسالة إلى قيادة تيار المستقبل الكردي في سوريا اغتيال تمو بالعمل الإرهابي وقالت quot;إن استشهاد المناضل مشعل التمو يعد خسارة كبيرة لشعبنا وللديمقراطية وعملية السلام والتعايش في سوريا، ويعد بمثابة إطفاء شمعة كانت تضيء درب الحرية والإعتدال والعدالة وحقوق الإنسان وكل هذه الصفات كنا نتلمسها في كتابات الشهيد مشعل التموquot;.

وأضافت quot;إن إستشهاد مرشد آخر للاكراد هي خسارة أخرى بحق نضال شعبنا ونحن على يقين أن دم الشهيد مشعل التمو مثل دماء سائر شهداء الكرد، سيجعل من مشعل ثورتنا اكثر وهجاً كما سيجعل من عزيمتنا اكثر صلابة وسيروي شجرة الحرية بدمائهquot;.