قال رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إنه لا يبرّئ نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ولا يتهمه، في ما ينسب إليه من عمليات قتل وإرهاب، لأن الأمر قد يكون مدبّرًا، مؤكدًا أن القضاء هو الحكم في هذه القضية، وأشار إلى أنه أكد للمسؤولين العراقيين قبل ثلاثة أشهر أن القوات الأمنية العراقية لن تتمكن من حفظ الأمن بعد انسحاب القوات الأميركية، وشدد على أن العملية السياسية تواجه خطر الانهيار، وأن الأكراد لن يقفوا لا مع الشيعة ولا مع السنة فيما إذا تفجّر الصراع بينهما.


رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني

أسامة مهدي: خلال اجتماع لبارزاني مع اساتذة الجامعات في محافظة دهوك احدى محافظات الإقليم الثلاث، أسف رئيس إقليم كردستان للتفجيرات التي وقعت في بغداد امس وراح ضحيتها 72 عراقيًا، موضحا انه قد تنبأ قبل ثلاثة اشهر بتصاعد العنف، وأشار الى عدم قدرة القوات العراقية وحدها على حفظ الامن.

واضاف في هذا الشأن quot;ان المسؤولين في بغداد لايقولون الحقيقة عن استعداد الشرطة والجيش لحماية الوضع بعد انسحاب الجيش الاميركيquot;، وعبّر عن الأمل في أن لا حدث أسوأ مع تصاعد الخلافات السياسية والتهديد بالانهيار الذي تواجهه العملية السياسية.

وشهدت مناطق متفرقة من العاصمة العراقية امس 12 انفجارًا أدت إلى مقتل 72 شخصًا على الأقل، واصابة 190 آخرين بجروح في سلسلة هجمات بعبوات ناسفة وسيارات مفخخة هزت بغداد، إضافة إلى هجمات في مناطق أخرى. ووقعت هذه الهجمات، وهي الاخطر منذ مقتل 78 شخصًا بتفجيرات مماثلة في مناطق مختلفة في آب (اغسطس) الماضي.

لا اتهم الهاشمي ولا أبرّئه.. والعملية السياسية تواجه الانهيار
حول الأزمة السياسية، التي تشهدها البلاد حاليًا، قال بارزاني ان الاوضاع في العراق مؤسفة، quot;ولم اكن اتمنى ان يحدث الذي حدث من فوضى سياسيةquot;. وعن اتهام الحكومة لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، اشار بارزاني الى ان للموضوع جانبين، سياسيا وقضائيا، ولذلك فأنا quot;لا ادينه ولا ابرئه، لأن القضاء وحده يجب ان يكون الحكمquot;.

واضاف ان كل الاحتمالات واردة، ولذلك يجب ترك الامر للقضاء، ولا ينبغي لأي أحد اصدار الاحكام حول الموضوع لأنه قضائي. واوضح ان الجانب الثاني من الامر سياسي، داعيا القادة والمسؤولين الى الجلوس معًا لحل الخلافات، ليقرروا ما لديهم من حلول من دون تصفية حسابات.

وشدد بارزاني على ضرورة معالجة الامر، مؤكدا أنه لا يحق لأي كتلة اصدار القرارات. وقال quot;اذا كنا شركاء فلا بد ان نتشارك في الحل لأن للشراكة ضوابط. أما إذا كانوا لا يريدون ذلك، فمعناه انهيار العملية السياسية، وحينها لا احد يتكهن بما سيقع، لذلك فإن جهودنا ستستمر لحل الازمةquot;.

وتابع quot;سنبذل جهودنا لحل الموضوع، ويجب عدم القول إن ما يحدث في بغداد لاعلاقة لنا كأكراد به، لذلك لا بد ان نساهم في البحث عن الحلولquot;. وتساءل قائلاً quot;هل سينتهي الوضع الى الاسوأ.. فإذا كانت هناك فرصة، فنحن مستعدون لتقديم المساعدة الممكنةquot;.

واشار الى انه في حال تحولت الخلافات الى صراع مذهبي، فإن الأكراد لن يكونوا مع أي طرف ضد آخر.. لا مع الشيعة ضد السنة، ولا مع السنة ضد الشيعة، quot;ونأمل أن لا يصل الضرر الى اقليم كردستان، فاذا حدث صراع مذهبي، لن نكون طرفًا فيه. اما اذا كان هناك صراع سياسي فلدينا تصوراتنا، وهي قضية تخصنا ايضًا، ففي حينها قد نكون مع الشيعة أحيانًا، ومع السنة احيانًا أخرى في البرلمان وفي النقاشات حول مختلف المسائلquot;.

ولفت الى ان الامر معقد، وانه اذا كانت لدى رئيس الوزراء نوري المالكي دلائل ضد الهاشمي، كان عليه ان يطلب عقد اجتماع على اعلى مستوى ويقدم دلائله، ويقول quot;هذه دلائلي وعليكم ان تقرروا.. لأننا نعمل من أجل الوصول إلى عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي، وليست هناك أية فرصة لحاكم مطلق ليفرض هيمنته على الاخرينquot;.

ويشهد العراق حالًيا ازمة سياسية حادة على خلفية اصدار مذكرة توقيف ضد نائب الرئيس طارق الهاشمي المتهم بالإشراف على فرق موت. ويوجد الهاشمي في اقليم كردستان حاليًا بعدما غادر بغداد الى هناك، اثر صدور مذكرة اعتقال ضده السبت الماضي، وكان اجتمع مع بارزاني هناك الاثنين الماضي.

فما ان طوت القوات الأميركية علمها، وسحبت دباباتها من الأراضي العراقية خلال هذا الشهر، حتى تفجّرت جولة جديدة من النزاع الطائفي واندلعت أعمال العنف، ما يضع الشيعة في مواجهة منافسيهم السنة، ويثير شبح الاتجاه من جديد نحو اقتتال طائفي شبيه بذلك الذي عاشته البلاد عامي 2006 و2007.

أحداث العنف في الاقليم
وحول احداث العنف التي شهدتها مدينة زاخو في محافظة دهوك أخيرًا، وأحرق خلالها إسلاميون متشددون محال تدليك وأندية ومحال لبيع وشرب الخمور، قال بارزاني quot;صحيح نحن شعب غالبيته من المسلمين في اقليم كردستان، ولكن في الوقت نفسه هناك في كردستان، الى جانب المسلمين، مسيحيون وايزيدية، يعيشون معًا، وفي فترات سابقة كان هناك يهود أيضًا يعيشون في ما بينهم كأخوةquot;.

واشار الى ان ما يمتاز به الاكراد من الأعراف الاجتماعية يجب ان يصبح عوامل قوة يجب الحفاظ عليها. وقال quot;يجب أن لا نقلد اوروبا، ولكن يجب ان نستفيد من التطور التكنولوجي، فاذا لم نستفد منه، سنبقى مجتمعًا منغلقًا، ولكن يجب ان تكون لحريتنا حدود وضوابطquot;. وعن محال بيع المشروبات الروحية اشار الى ان quot;المشروب موجود منذ آلاف السنوات، وحتى في زمن النبي محمد كان موجودا، واذا كان هناك من لا يشرب فهناك من يشرب، وهو مسؤول عن حياته، والشيء عينه ينطبق بخصوص الحجاب، فلا يستطيع أحد ارغام اي امرأة على ارتداء الحجاب او منعها ايضًا، لكن يجب تنظيم هذه الأمور بقانون، وتنظيم حياة المجتمع، فلا يحق لأحد إصدار الفتاوى.

لكنه استدرك قائلا quot;يجب ان لا نهمل دور رجال الدين ومهمتهم في النصيحة والارشاد بالشكل الصحيح، لأن القرآن ايضًا يذكر: فجادلوهم بالتي هي احسن.. وان الدين هو النصيحة. أما قيامهم بإصدار الفتاوى للحرق والنهب، فهذه جريمة، ليس لأحد الحق في اصدار فتوى في صددهاquot;.

وشدد بارزاني في كلمته، التي نشرتها واذاعتها وسائل اعلام كردية، على انه لن يسمح quot;بتجاوزات بحق اي مكون في اقليم كردستان، لكي نعيش مسلمين ومسيحيين وايزيدية واتباع كل الديانات.. وكرد وكلدان واشوريين وسريان وعرب وتركمان كأخوة، لأن الله للجميع، وليس للمسلمين وحدهم، كل واحد يعرف ربه بطريقته، فالاسلام دين السلامquot;.

اوضاع الاكراد في سوريا
وحول التطورات التي تشهدها دول المنطقة في ما يسمى بالربيع العربي، قال بارزاني ان التغيرات في مصر وتونس وليبيا مهمة، ولكن quot;علينا ان لا نقلدها، لأن لكل منطقة خصوصياتها، وتجربتنا تختلف عن تجارب تلك الدول. ففي اقليم كردستان لدينا نهج مختلف، وأخيرًا زرت تركيا وايران بهدف اقامة علاقات متوازنة على مبدأ الصداقة والاحترام المتبادل مع دول الجوار.

وعبّر عن ارتياحه من استقرار الوضع في ايران بخصوص انهاء عمليات حزب quot;بيجاكquot; الكردي الايراني، quot;وبالنسبة إلى تركيا فنحن مستمرون في جهودنا مع حزب العمال الكردستاني وتركيا، ونأمل في الوصول الى نتيجة، فلم يعد هناك مكان للحروب والقتال، لأنهما أصبحا مادة منتهية الصلاحيةquot;.

واضاف ان الوضع في سوريا مهم جدًا بالنسبة إلى الاكراد. وقال quot;ان وضع سوريا مهم، فهناك مليونا كردي في هذا البلد، وبقاء أو انهيار النظام سيحدث حالة جديدة، وسيكون له تأثيره الكبير على المنطقة. وبالنسبة إلينا كحكومة الاقليم ننتظر المعارضة والحكومة، وما يحملونه للاكراد، اذ لايزال هناك حوالى 400 الف كردي لايحملون الجنسية السورية، وهذا الامر مهم لمستقبلهم، ونأمل في أن لايحدث اي اعتداء على الاكراد، واي قرار في مصلحتهم بالشكل الديمقراطي نحن سندعمه، ولكن لسنا مع المعارضة ضد الحكومة أو العكس، لأننا نأمل في أن تحل المسألة سلميًاquot;.