أعلن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إتفاقه والرئيس العراقي زعيم الإتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني على تغيير رئاستي الحكومة والبرلمان الكرديين في مطلع العام المقبل، مفنداً تصريحات أشارت إلى أنّ هذا الاجراء سيتم خلال الشهر المقبل... فيما اعتبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر موظفي السفارة الأميركية في بغداد quot;محتلون، ويجب مقاومتهمquot;.


قال رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إن الفترة الأخيرة شهدت نشر تقارير وتصريحات لمسؤولين في إقليم كردستان تتحدث عن إجراء تغييرات في رئاسة حكومة إقليم كردستان احتوت على آراء متباينة من هذا الموضوع.

وأشار في تصريح صحافي وزعته رئاسة الإقليم اليوم إلى أنّه يرغب في إعلام شعب كردستان بأنه قد بحث أمر التغييرات مع الرئيس العراقي زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني شريك الحزب الديمقراطي الكردستاني في حكومة كردستان، واتفق معه على عدم اجراء أي تغييرات قبل نهاية العام الحالي، موضحًا أن هذه التغييرات ستتم وفق إجراءات سيتم اتخاذها في مطلع العام الجديد 2012.

يأتي إعلان بارزاني هذا ليضع حدًا لسيل من التقارير والتصريحات لمسؤولين أكراد، بينهم الناطق باسم التحالف الكردستاني الحاكم في الإقليم مؤيد الطيب أكدت أن هذه التعييرات ستجري في منتصف الشهر المقبل.

على صعيد الأوضاع السياسية في العراق، فقد أكد بارزاني دستان أن هدف مبادرته التي جمعت قادة الكتل السياسية في إربيل في أواخر العام الماضي، وتشكلت اثرها الحكومة العراقية، كانت واضحة وصريحة في وضع أسس لاتفاقات سياسية تنهي مشاكل البلاد quot;لكن بعد تشكيل الحكومة العراقية تم تهميش مبادئ هذه المبادرة، ولم تتم متابعتها بشكل ضروري، مما أدى الى بروز جملة من المشاكل هي بحاجة الى الحل الآنquot;.

وقال خلال اجتماع مع قيادة الحزب الإسلامي العراقي quot;نحن في اقليم كردستان ننظر بعين الأهمية الى اوضاع العراق الحالية، لأن ما يحدث في بغداد يؤثر مباشرة إلى الوضع في اربيل، مشيراً إلى أنّ الوفد الكردستاني الذي زار بغدادأخيرًا قد بحث القضايا العالقة بين الحكومتين العراقية والكردستانية ومجمل الأوضاع في العراق.

من جانبه أشار الامين العام للحزب الاسلامي أياد السامرائي إلى أنّ مبادرة بارزاني تلك لعقد اجتماع القوى والأطراف السياسية العراقية كان لها تأثير ايجابي في حل المشاكل وازالة المعوقات امام تشكيل الحكومة العراقية... وقال quot;لكنه بعد ذلك، وبفعل ابتعاد القوى السياسية العراقية عن مضمون اتفاقية أربيل، أصبح العراق يواجه مشاكل سياسية، تحتاج حلولاً جذرية عن طريق تعزيز أسس العلاقات بين الكتل وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بينها، فضلاً عن الالتزام بمبدأ الشراكة الحقيقية وبنود الدستور الدائم واجراء الاصلاحات السياسية المطلوبة في البلاد.

التغييرات تنفيذ لاتفاقات استراتيجية بين الحزبين

يأتي تصريح بارزاني في وقت أكد مصدر مقرب من القيادة الكردية أن الحزبين الحاكمين توصلا بعد نقاشات مطولة إلى اتفاقات شبه نهائية لإجراء تغييرات في قيادات الإقليم، تتضمن تعيين رئيسين جديدين لحكومة وبرلمان إقليم كردستان. وأشار إلى أن هذه الاتفاقات تأتي منسجمة مع اتفاقية استراتيجية وقعها الحزبان عام 2007 تقضي بأن يكون منصب رئاسة الحكومة لمدة سنتين فقط لكل منهما، حيث ستنتهي ولاية رئيس الحكومة الحالي برهم صالح القيادي في الاتحاد الوطني مع نهاية الشهر المقبل لتخلفه شخصية من الحزب الديمقراطي.

وأشار المصدر إلى أن اختيار نجيرفان لرئاسة الحكومة الجديدة قد تم بعدما كانت هناك ثلاث شخصيات مرشحة للمنصب هم: نجيرفان وروز نوري شاويس نائب رئيس الوزراء العراقي وفؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة الاقليم، الا ان محادثات الحزبين استقرت على الأول لتولي المنصب الذي كان شغله سابقاً.

وكان برلمان كردستان عيّن برهم صالح بمنصبه الحالي في مطلع نيسان (أبريل) عام 2009 ثم تولاه رسميًا في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه، واعلن البرلمان خلاله ايضًا عن توحيد الوزارات المتبقية في حكومة الاقليم، وهي الداخلية والبيشمركة والمالية بعد مرور حوالى ثلاث سنوات على توحيد الادارتين الكرديتين السابقتين في اربيل والسليمانية في ادارة واحدة.

وكانت الادارة الموحدة لحكومة الاقليم قد تشكلت في عام 2006 مع الإبقاء على مجموعة وزارات من دون توحيدها إلى حين تصفية المشاكل الموجودة بين الحزبيين الرئيسين في كردستان.

وبحسب الاتفاقية الاستراتيجية، يفترض مداورةكل المناصب بين الحزبين بعد مرور سنتين من تشكيل الحكومة، وبهذا يتوجب على برهم صالح، الذي تولى رئاسة الحكومة في تشرين الثاني 2009، التخلي عن منصبه في الشهر المقبل. وقد أتت الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة في السابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 2007 لتنهيكل الخلافات العالقة بين حزبي الطالباني وبارزاني بعدما خاضا حربًا داخلية طاحنة استمرت منذ عام 1994 وحتى عام 1998.

وظلت بنود الاتفاقية سرية، لكن القليل الذي كشف عنه ينص على توزيع المناصب بين الحزبين، بحيث تؤول رئاسة جمهورية العراق إلى الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني، فيما تذهب رئاسة الإقليم إلى الديمقراطي بزعامة بارزاني. كما يتولى أحدهما منصب رئاسة الحكومة، فيما يشغل الآخر منصب رئيس برلمان كردستان، شرط أن يكون نائب كل مسؤول من حصة الحزب الآخر، ويتم تغيير المناصب كل عامين عدا رئاستي الجمهورية والإقليم.

وكان برهم صالح نائبًا لرئيس وزراء العراق قبل إجراء الانتخابات الكردستانية الأخيرة في 25 تموز (يوليو) عام 2009. لكن بعد ظهور أحزاب معارضة قوية في الإقليم، خصوصًا حركة التغيير بقيادة نوشيروان مصطفى النائب السابق للطالباني في الحزب عاد صالح إلى كردستان، ليقود الحملة الانتخابية للحزبين الرئيسين ويتولى رئاسة قائمتهما المشتركة ليحصد 59 مقعدًا من 111 معقدًا هي مجموع مقاعد برلمان كردستان.

وشكل صالح الوزارة السادسة في كردستان المؤلفة من 19 وزيرًا بمشاركة الحزب الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي والحركة الإسلامية والحزب الشيوعي وحزب الكادحين الكردستاني. ومع تأدية أعضاء الحكومة القسم، واجهت حكومته معارضة قوية داخل البرلمان بعدما حصد كل من حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية 35 مقعدًا مجتمعين.

نجيرفان بارزاني رئيس سابق للحكومة

يذكر أن نيجيرفان إدريس بارزاني يشغل حاليًا منصب نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، وكان يتولى قبل عام 2009 منصب رئيس حكومة كردستان. وهو من مواليد قرية بارزان في شمال العراق عام 1966 وابن اخ مسعود بارزاني، أي هو حفيد الزعيم الكردي الملا مصطفى بارزاني.

وقد اهتم بالشؤون السياسية في الاقليم منذ ما يقارب 25 عامًا، واضطر إلى الهجرة إلى إيران مع عائلته إلى جانب الآلاف من الاكراد عام 1975 بسبب سياسات النظام العراقي السابق، وهناك درس العلوم السياسية في جامعة طهران، لكنه ترك الدراسة بسبب وفاة والدهُ إدريس بارزاني، ثم أصبح ناشطاً في صفوف الحركة التحررية الكردية وتقدم بسرعة في صفوف الحزب، الذي نال عضوية مكتبه السياسي خلال المؤتمر العاشر للحزب عام 1989، وأعيد انتخابه في المؤتمر الثاني عشر للحزب والمنعقد عام 1999، وفي عام 1996 عيّن نائباَ لرئيس الوزراء في حكومة إقليم كردستان.

وعندما عيّن رئيساَ للحكومة عام 1999 شرع في برنامج نشط في تحسين رفاهية المجتمع، وفي آذار (مارس) عام 2006 انتخب أول رئيس حكومة موحدة لإقليم كردستان، وتحت قيادته أصبحت الحكومة علمانية تعددية. ونيجيرفان بارزاني متزوج وله 4 بناء، ويجيد اللغتين الكردية والعربية والفارسية، وله إلمام بالانكليزية، وهو مولع بالشعر الكردي والفارسي. وقد تنقل بين بلدان الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وإجتمع مع عدد من رؤساء الدول وكبار المسؤولين الحكوميين فيها.

وفي الختام يقول المصدر في حديثه مع quot;ايلافquot; إن تقاسم الحزبين الرئيسين يلقى الآن معارضة من قبل قوى كردية أخرى لها تأثيرها على الساحة الشعبية في كردستان، خاصة مع التغيرات التي شهدتهاأخيرًا، وخروج تظاهرات ضد استمرار هيمنهما على الأوضاع السياسية وللمطالبة بإصلاحات في إدارة الاقليم ومشاركة أوسع في هذه الادارة.

وأشار الى امكانية إجراء تعديلات مستقبلاً على اتفاق الحزبين الموقع عام 2007، بحيث يتم وضع أسس جديدة، تضمن مشاركة القوى السياسية الأخرى المتحالفة مع الحزبين الرئيسين في الحصول على مناصب سيادية في قيادات الاقليم، وربما يصل الأمر إلى تولي أحدها رئاسة حكومة الاقليم مستقبلاً او التنافس على رئاسة إقليم كردستان ايضًا.

الصدر: موظفو السفارة الأميركية quot;محتلون يجب مقاومتهمquot;

من جانب آخر، أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر (40 نائبًا و5 وزراء) أن موظفي السفارة الأميركية في بغداد هم محتلون يجب مقاومتهم. جاء ذلك في رد للصدر وجّهه له أحد أنصاره، قال فيه quot;نقلت مصادر إعلامية وأميركية ان هناك نية للإحتلال الأميركي لزيادة عدد أفراد سفارته في بغداد من 5 الاف الى 15 الف بعد عام 2011، أي بعد انتهاء مهلة الاتفاقية الأمنية، وهذا التفاف على اتفاقية الانسحاب... فما هو ردكمquot;. فرد الصدر قائلا quot;كلهم محتلون... تجب مقاومتهم بعد أنتهاء المهلةquot;.

وقد طالب التيار الصدري أمس بعقد جلسة برلمانية طارئة لمناقشة مطالب زعيمه الصدروالانسحاب الأميركي من البلاد. وقال رئيس كتلة الأحرار الصدرية في مجلس النواب بهاء الأعرجي خلال مؤتمر صحافي إن الكتلة quot;طالبت رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي خلال اجتماع عقدته معه بعقد جلسة طارئة لمناقشة مطالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وقضية الانسحاب الأميركي من البلادquot; مؤكدًا أن quot;مطالب الصدر بحاجة إلى مناقشة وتشريع قوانينquot;.

ودعا الأعرجي الكتل السياسية إلى quot;المشاركة في الجلسة لكون الوجود في البرلمان أفضل من الحجquot;، معتبرا أن quot;تعطيل جلسات البرلمان مؤامرة لتفرد الحكومة في مناقشة وجود الاحتلال وتدوير موازنة العام الحالي إلى السنة المقبلةquot;.

من جانبه قال علي الشلاه النائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي إن quot;مطالب زعيم التيار الصدري القاضية بمنح الشعب حصة من النفط وتعيين ما لا يقل عن 50 ألفا في دوائر الدولة، إضافة إلى الأمور الأخرى، سبق أن تمت مناقشتها، وهناك رؤية تقول إنه لابد من تلبية معظمهاquot; مبينًا أن quot;هناك وجهات نظر كثيرة في التحالف الوطني تطالب بها أيضًاquot;.

وخلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس أكد رئيس الوزراء نوري المالكي أن العراق سيدخل ضمن مرحلة جديدة مع الولايات المتحدة الأميركية في نهاية العام الحالي، معلناً عدم بقاء أية قاعدة أميركية بعد عام 2011. وقال إن المفاوضاتلا تزال مستمرة مع الجانب الأميركي حول مسألة بقاء مدربين أميركيين، وخصوصًا مايتعلق منها بالحصانة القضائية.

وأشار إلى أنّ القوات الأميركية لا تزال تتمركز في 20 قاعدة عسكرية داخل الأراضي العراقية... وقال إن العراق اشترى أسلحة ومعدات من الولايات المتحدة، فيما تلقى منها أسلحة ومعدات هدية منها بقيمة 800 مليون دولار.

والجمعة الماضي، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه سيسحب كل القوات الأميركية من العراق بنهاية العام الحالي 2011 بعد تسع سنوات تقريبًا على الغزو الأميركي للعراق، والذي أدى إلى مقتل اكثر من 4400 جندي أميركي. وقال أوباما في البيت الابيض quot;بوسعي أن أعلن اليوم، كما وعدت، بأن البقية من قواتنا في العراق ستعود إلى الوطن بنهاية السنة. بعد قرابة تسع سنوات ستنتهي الحرب الأميركية في العراقquot;.

وأضاف أوباما quot;عندما أتيت إلى الرئاسة كان هناك أكثر من 100 ألف جندي أميركي في العراق وأفغانستانquot;، مشيرًا إلى أن quot;هذا الرقم سينقسم بنسبة 50%، وسيستمر في التدنيquot;. وأكد أن quot;الولايات المتحدة ستدعم العراقفي كلالمجالاتquot; لافتًا إلى أن quot;شهر كانون الأول سيكون الوقت المناسب لكل ما مررنا به، وأن نهاية الحرب في العراق تعتبر فترة انتقالية مهمةquot;.

وكانت واشنطن وبغداد دخلتاأخيرًا في مفاوضات تهدف إلى دراسة إمكانية بقاء بضعة آلاف من القوات الأميركية في العراق، بعد موعد الانسحاب المقرر بنهاية العام الحالي وذلك لتقديم المشورة الأمنية والتدريب.

وفي هذه المفاوضات أصرّ الجانب الأميركي على ضرورة نيل الجنود حق الحصانة القانونية في العراق، غير أن بغداد رفضت ذلك، ما عطل البحث في نقاط أخرى تتعلق بأعداد الجنود ومهماتهم. يذكر أن عديد القوات الأميركية في العراق حالياً يقدر بحوالى 39 ألف عنصر، بينما ترغب الولايات المتحدة ببقاء ما يتراوح بين 3000 و5000 عنصر في العراق بعد نهاية العام الحالي.

وبدأ الجيش الأميركي الخميس الماضي مرحلة جديدة في انسحابه المعلن من العراق مع إنهاء مهمة كتيبة الشمال الأميركية، التي تتخذ من تكريت (120 كم غرب بغداد) مقرًا لها. وأوضح متحدث باسم الجيش الأميركي أن القوات الأميركيةلا تزال تحتفظ بـ 18 قاعدة في العراق، بعضها يقع في شمال البلاد، بالرغم من انتهاء مهمة كتيبة الشمال.

وكشفت مصادر نيابية عراقية أن الأميركيين يعملون الآن على بقاء 16 ألف جندي و4 قواعد لحماية السفارة الأميركية، التي يبلغ موظفيها 3 ألاف شخص حاليًا، كما إنهم يمارسون الآن ضغوطات على الكتل لمنح الحصانة لمدربيهم. لكن التيار الصدري يرفض بقاء أي جندي أميركي بعد نهاية العام الحالي، وكذلك إعطاء حصانة للمدربين، معتبراً بقاء القوات لحماية السفارة الأميركية quot;احتلالاً جديداًquot;.