استبق رئيس إقليم كردستان مشروع قانون قدمه طالباني إلى مجلس النواب لإعادة ترسيم الحدود الإدارية لمحافظات البلاد الـ18، بإعلانه مدينة مخمور في الموصل جزءًا من الإقليم، مؤكدًا أنه لايمكن انتظار تنفيذ المادة الدستورية 140 حول مايسمّى بالمناطق المتنازع عليها لإعادة المدينة إلى الإقليم.


مجموعة من شخصيات قضاء مخمور في اجتماع رسمي في بغداد

بغداد: جاء ذلك في كلمة لمسعود بارزاني خلال زيارة إلى قضاء مخمور، حيث عقد اجتماعًا مع سكانه بحضور القائممقام إبراهيم شيخ الله، الذي أشار إلى عدد من المشاكل التي تواجه المنطقة، مستعرضًا مطالب مواطنيها، وداعياً إلى تنفيذ عدد من المشاريع والخدمات فيها، quot;وبذل الجهود من أجل إعادة قضاء مخمور إلى إقليم كردستانquot;.

وأكد بارزاني على ضرورة قيام حكومة إقليم كردستان ببذل مزيد من الاهتمام بقضاء مخمور، مشيراً إلى وضع القضاء التاريخي، موضحًا أنه انتزع من محافظة إربيل، وألحق بمحافظة الموصل عام 1996 بقرار إداري أصدره النظام السابق، وليس بقرار قانوني، مشددًا على كردستانية قضاء مخمور.

وأشار إلى أن قضاء مخمور غير مشمول بالمادة 140، وقال quot;إن تبعية مخمور لإقليم كردستان ليست مثار نزاع، حيث إن تنفيذ المشاريع في القضاء، ولاسيما الخدمية منها، تتم إلى الآن على نفقة ميزانية حكومة إقليم كردستانquot;.

وأضاف أن ميزانية مخمور تذهب إلى محافظة نينوى (عاصمتها الموصل)، ولا تصرف بشكل صحيح، وما قامت به حكومة الإقليم في قضاء مخمور هو من تخصيصات ميزانيتها.

وأشار إلى أن الإقليم يعاني مثل هذه المشكلة في مدن quot;سنجار وشيخانquot; ومناطق أخرى، يتكالب إقليم كردستان على انتزاعها من محافظاتها وإلحاقها به.

وشدد بارزاني على ضرورة حسم هذه المسألة، quot;لكي تستطيع حكومة الإقليم أن تعمل، وتضاف ميزانيات هذه المدن إلى ميزانية الإقليمquot; كما قال.

وحول طلب سكان قضاء مخمور في أن يكون لهم ممثل في برلمان كردستان، قال بارزاني quot;إن برلمان كردستان يكتمل عندما يشارك فيه ممثلون عن كل سكان الإقليم، ولكن مخمور لا يتبع إداريًا الآن لإربيل عاصمة الإقليم، بحسب قرار النظام السابق.

وأضاف إن الإقليم لن يعيّن أي ممثل عن مخمور في البرلمان، إلا بعد حسم مرجعية منطقة مخمور.. وقال quot;سنسمح لكم عندها باتخاذ القرار المناسب، وبرلمان كردستان لن يمنع هذا الحق عنكمquot;.

وأوضح بارزاني أنه تتم الآن دراسة موضوع الطلاب غير المقبولين في الجامعات من سكان قضاء مخمور، وكذلك القرارات الجائرة التي صدرت في عهد النظام السابق. وقال quot;هناك عمل كبير أمام البرلمان ومجلس النواب، وهناك قرارات مجحفة وغير إنسانية صدرت في السابق، وسوف نعمل على إلغائهاquot;.

وبخصوص العرب العراقيين المعتقلين في سجون الإقليم، قال بارزاني إنه أوعز إلى الأجهزة المختصة بإطلاق سراح الذين لم يرتكبوا أعمالاً إرهابية،وأضاف quot;حسب معلوماتي هناك وجبة جاهزة لإطلاق سراحهمquot;.

قضاء مخمور يضم أكرادًا وعربًا وألحق بالموصل عام 1996

مخمور مدينة عراقية ومركز قضاء في محافظة نينوى (375 كم شمال بغداد) وتبعد عن جنوب غرب مدينة أربيل حوالى 65 كيلومتراً، وعن شرق الموصل 115 كيلومترًا. وتتبع قضاء مخمور أربع نواحٍ إدارية أصغر، هي ديبة كة وقراج وكنديناوة والكوير.

يقع قضاء مخمور بين ثلاث محافظات مهمة في العراق، هي نينوى وأربيل وكركوك. وتعتبر منطقة مخمور خصبة زراعياً، حيث تنتج الشعير والقمح، ويعمل معظم سكانها في الزراعة والثروة الحيوانية. وغالبية سكان قضاء مخمور من الاكراد، إضافة إلى العرب.

وقد كانت مخمور في الأصل تابعة لمحافظة أربيل، إلا أنه تم إلحاقها إداريًا بمحافظة الموصل عام 1996.

ويبلغ عدد سكان قضاء مخمور حاليًا حوالى 185 ألف نسمة ضمن 45 ألف عائلة، وهو يتشكل من 206 قرى.

يذكر أن مجلس النواب استلمأخيرًا مشروع قانون للرئيس العراقي جلال طالباني لإلغاء التغييرات، التي أجريت على حدود المحافظات العراقية خلال حقبة النظام السابق، وهو يستعد لمناقشته برلمانيًا، فيما بدأت تظهر خلافات وشد طائفي بين مختلف الكتل العراقية، بالترافق مع مطالبة بلدات عراقية بالانفصال عن محافظات، والانضمام إلى أخرى.

وعلمت quot;إيلافquot; أن مشروع القانون، الذي أعلنته رئاسة الجمهورية العراقية، يقضي بإلغاءكل التغييرات في الحدود الإدارية لمحافظات البلادالـ18، وحمل اسم quot;إلغاء التلاعبات غير العادلة في الحدود الإدارية للمحافظات والأقضية والنواحي كافةquot;، وذلك بهدف إلغاءكل قرارات مجلس قيادة الثورة والمراسيم الجمهورية والإجراءات التي قامت بها السلطات العراقية خلال حقبة الرئيس السابق صدام حسين في تغيير خريطة الحدود الإدارية quot;لأهداف سياسية وعنصرية، تهدف إلى إحداث تغييرات سكانية في مختلف مناطق البلادquot;.

من شأن المصادقة على القانون المثير للدجل إلغاء كل القرارات السابقة في هذا الشأن وإعادة حدود المحافظات والأقضية والنواحي في أنحاء العراق كافة،كما كانت عام 1968 حين استلم حزب البعث السلطة عبر انقلاب عسكري على حكم الرئيس السابق عبد الرحمن عارف.

وأشار مصدر برلماني سألته quot;إيلافquot; عن مدى قانونية طلب بعض إدارات أقضية أو نواح بالانسلاخ عن محافظاتها والانضمام إلى أخرى، أشار إلى أن قانون الأقاليم والمحافظات الساري المفعول حاليًا قد شرع عام 2008 من أجل رسم الحدود الإدارية لكل محافظة، من ضمنها الأقضية والنواحي، وبالتالي فلا يوجد أي نص دستوري يسمح بانفصال أي قضاء عن أي محافظة مهما كانت ردود أفعال أهالي تلك الأقضية.

مدن تريد التحول إلى محافظات وأخرى إلى الانسلاخ والانضمام إلى محافظات أخرى

في آخر التطورات حول القانون، فقد طالبت مدينتان في شمال العاصمة بالانسلاخ عن محافظتيهما، وتشكيل محافظتين مستقلتين، كما طالبت مدينتان من محافظة صلاح الدين الغربية بالانسلاخ عنها، والانضمام إلى محافظة بغداد.

فقد أكدت الجبهة التركمانية العراقية في بيان تسلمته quot;إيلافquot; دعوتها إلى تحويل قضائي طوز خورماتو وتلعفر إلى محافظتين تركمانيتين، نظرًا إلى أن معظم سكانهما ينتمون إلى المكوّن الثالث في البلاد، وهم التركمان.

وتتبع طوزخرماتو محافظة صلاح الدين حاليًا بعدما سلخها النظام السابق من محافظة كركوك، فيما تتبع تلعفر محافظة نينوى الشمالية.

بالترافق مع ذلك، فقد أعلنت قائمقاميتا قضائي الدجيل وبلد، اللتين تسكنهما غالبية شيعية، عن تقديمهما طلب رسمي للإنفصال عن محافظة صلاح الدين الغربية السنية والانضمام إلى محافظة بغداد والعودة إلى الحدود الإدارية للعاصمة بغداد لعام 1958.

ويشير مراقبون إلى أن ما يشهده العراق على هذا الصعيد أمر خطر، وقد يقود البلاد إلى منزلقات لاتحمد عقباها، موضحين في هذا الإطار أن الأكراد يطالبون بكركوك كلها، وبمناطق من محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين وواسط . وبغداد تنادي باستعادة بلدتي الدجيل وبلد من صلاح الدين، وكربلاء تطالب بقضاء النخيب من الأنبار .. وذي قار بناحية بصية من المثنى.. وأخيرًا، ولا يبدو أنها الاخيرة، حيث تطالب اليوم محافظة ميسان بناحية شيخ سعد من محافظة واسط.

وتتخوف المصادر العراقية من أن يؤدي مشروع طالباني إلى تفجّر نزاعات بين المحافظات العراقية المتجاورة، حيث يطالب إقليم كردستان بضم مدينة كركوك الشمالية الغنية بالنفط إلى محافظاته الثلاث، التي يحكمها منذ عام 1991، إضافة إلى مناطق أخرى في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى، كما تطالب محافظة كربلاء quot;الشيعيةquot; بمناطق، تقول إنها انتزعت منها، وضمت إلى محافظة الأنبار quot;السنيةquot; في زمن النظام السابق، إضافة إلى مطالبة محافظة بغداد بمدن بلد والدجيل وسامراء، التي سلخت منها، وألحقت بمحافظة صلاح الدين في زمن ذلك النظام أيضًا.

من جهتها تطالب محافظة كربلاء ببادية وقضاء النخيب وناحية الرحالية من محافظة الأنبار المجاورة، الأمر الذي أثار مشاحنات كلامية بين المسؤولين في المحافظتين.

يضاف إلى كل هذه النزاعات أيضًا ما تطالب به محافظة بغداد باستعادة بلدتي الدجيل وبلد، اللتين تقول المحافظة إنهما انتزعتا منها، وألحقتا بمحافظة صلاح الدين، إبان عهد النظام السابق. كما إن هناك مناطق أخرى انتزعت من بغداد، وألحقت بمحافظة ديالى في شمالها.

وبرغم أن مطالبة بغداد بهذه المناطق لم تأخذ بعدًا تصعيديًا بعد، إلا أنه يتوقع أنها ستثيرجدلاً في حال تم الشروع بتغيير الحدود الإدارية لمحافظات أخرى.

إزاء كل هذه التداعيات، يتوقع العراقيون أن يلاقي مشروع قانون طالباني صعوبة وسجالاً بين الكتل السياسية، بسبب حساسية الموضوع، خاصة في الوقت الحالي، وسط دعوة العديد من المحافظات إلى إنشاء الأقاليم.

ويخشى العراقيون أن ييثر المشروع مشاكل جديدة، تهدد وحدة البلاد واستقرارها، خاصة مع التفاعلات الحالية حول إعلان بعض المحافظات التحول إلى أقاليم مستقلة إداريًا واقتصاديًا، وما تفرزه من تصعيد يومي في الخلافات بين القوى السياسية والحكومات المحلية وحكومة بغداد المركزية.

إضافة إللى هذه التحديات الخطرة، هناك أيضًا العامل الخارجي، الذي يؤثر في تطورات الأوضاع العراقية، ومثال ذلك الموقف التركي، الرافض بشدة إلحاق مدينة كركوك، التي تسكنها غالبية تركمانية، بالإقليم الشمالي الكردي.

ويدعم تركمان وعرب المدينة جعل محافظتهم إقليمًا فيدراليًا محايدًا، يجمع القوميات التركمانية والكردية والعربية، إضافة إلى المسيحيين، ولايخضعلسلطة الأكراد.