خلال اجتماع للمجلس القيادي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، تم الإعلان عن تسمية نائب رئيس الحزب نجيرفان بارزاني رئيسًا جديدًا لحكومة الإقليم خلفًا لرئيسها الحالي برهم صالح القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، وبدء الاتصالات للانتهاء من التشكيلة الحكومية الجديدة.

نجيرفان بارزاني وبرهم صالح خلال لقاء سابق

قرر المجلس القيادي للحزب خلال اجتماع استثنائي موسع في مدينة إربيل عاصمة الإقليمتسلم رئاسة الحكومة من الاتحاد الوطني الكردستاني، وتسمية نجيرفان بارزاني لاستلام منصب رئاسة حكومة الإقليم تنفيذًا للاتفاقية الإستراتيجية الموقعة بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي عام 2007، والتي تقضي بتبادل رئاسة البرلمان والحكومة بين الحزبين كل سنتين من عمر الدورة الانتخابية.

وخلال الاجتماع تم أيضًا بحث التطورات السياسية في كردستان خاصة، والعراق عامة، والتطورات الدولية وتأثيرها على تلك التطورات التي ألقت بظلالها على العملية السياسية في الإقليم والعراق، إضافة إلى بحث المخاوف المحتملة، التي قد تحدث في المرحلة المقبلة، وعلى ضوء ذلك تم تحديد موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني إزاءها.

وكان برهم صالح استعجل السبت الماضي تسليم مهامه رئيسًا لحكومة الإقليم، وقال quot;أنا قدمت استقالتي إلى رئيس الإقليم منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، ولكن الرئيس بارزاني بعد تشاوره مع الرئيس جلال طالباني طلب مني الاستمرار في مهامي إلى نهاية العام، وها هو العام انتهى، وما زالت الأمور معلقة، وأعتقد أنه لا يجوز أن نترك البلد في حالة الأخذ والرد، لأن هناك مهامًا أساسية للحكومة، يفترض أن تؤديها، خاصة أن ميزانية الإقليم على وشك العرض على جلسات البرلمان، وهذه قضية مهمة تتعلق بمصالح الناس، لذلك لا بد من الاستعجال في تسلم رئاسة الحكومة، وأدعو جميع الأطراف إلى دعم الحكومة المقبلةquot;.

وشدد بالقول quot;بالنسبة إليّ الأمر محسوم، ولم أطالب بتمديد فترة رئاستي، ولن أطلب ذلك، وقد حان الوقت لحسم هذه المشكلة، وتسلم الإخوة في الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة الحكومةquot;.

وأخيرًَا اشترط نجيرفان بارزاني المرشح لتولي رئاسة حكومة كردستان قريبًا مشاركة أحزاب المعارضة الكردية في تشكيلة حكومته المقبلة، لكي تتمكن من أداء مهامها في أجواء من الأمن والاستقرار والهدوء، وذلك لعظم مسؤولياتها في المرحلة المقبلة، حيث تواجه الإقليم تحديات كبيرة، بسبب تداعيات الوضع الإقليمي وتطورات الأزمة السياسية في بغداد، لكن العقبة التي تواجهه حاليًا تتمثل في رفض أطراف المعارضة لأي مشاركة في الحكومة المقبلة من دون تلبية مطالبها الأساسية.

وأبلغ مصدر في الحزب الديمقراطي الكردستاني quot;إيلافquot; أن اختيار نجيرفان لرئاسة الحكومة الجديدة قد تم بعدما كانت الأوساط السياسية هناك قد تداولت خلال الأشهر الأخيرة أسماء ثلاث شخصيات مرشحة للمنصب هم، إضافة إلى نجيرفان بارزاني، كل من: وروز نوري شاويس نائب رئيس الوزراء العراقي وفؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة الإقليم، إلا أن محادثات الحزبين استقرت على الأول، لتولي المنصب الذي كان شغله سابقًا.

تناوب الحزبين في تولي المناصب

وعيّن برلمان كردستان برهم صالح في منصبه الحالي في مطلع نيسان (أبريل) عام 2009، ثم تولاه رسميًا في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه.

وأعلن البرلمان خلاله أيضًا عن توحيد الوزارات المتبقية في حكومة الإقليم، وهي الداخلية والبيشمركة والمالية، بعد مرور حوالى ثلاث سنوات على توحيد الإدارتين الكرديتين السابقتين في إربيل والسليمانية في إدارة واحدة.

وكانتالإدارة الموحدة لحكومة الإقليم قد تشكلت في عام 2006 مع الإبقاء على مجموعة وزارات من دون توحيدها إلى حين تصفية المشاكل الموجودة بين الحزبين الرئيسين في كردستان.

وبحسب الاتفاقية الإستراتيجية، يفترض مداورةكل المناصب بين الحزبين، بعد مرور سنتين من تشكيل الحكومة، وبهذا يتوجب على برهم صالح، الذي تولى رئاسة الحكومة في تشرين الثاني (نوفمبر)2009 التخلي عن منصبه الآن.

ووقعت الاتفاقية الإستراتيجية الثنائية في السابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 2007 لتنهي كل الخلافات العالقة بين حزبي طالباني وبارزاني، بعدما خاضا حربًا داخلية طاحنة، استمرت منذ عام 1994 وحتى عام 1998.

وظلت بنود الاتفاقية سرية، لكن القليل، الذي كشف عنه، ينص على توزيع المناصب بين الحزبين، بحيث تؤول رئاسة جمهورية العراق إلى الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني، فيما تذهب رئاسة الإقليم إلى الديمقراطي بزعامة بارزاني.

كما يتولى أحدهما منصب رئاسة الحكومة، فيما يشغل الآخر منصب رئيس برلمان كردستان، شرط أن يكون نائب كل مسؤول من حصة الحزب الآخر، ويتم تغيير المناصب كل عامين، عدا رئاستي الجمهورية والإقليم.

وكان برهم صالح نائبًا لرئيس وزراء العراق قبل إجراء الانتخابات الكردستانية الأخيرة في 25 تموز (يوليو) عام 2009. لكن بعد ظهور أحزاب معارضة قوية في الإقليم، خصوصًا حركة التغيير بقيادة نوشيروان مصطفى النائب السابق لطالباني في الحزب، عاد صالح إلى كردستان، ليقود الحملة الانتخابية للحزبين الرئيسين، ويتولى رئاسة قائمتهما المشتركة، ليحصد 59 مقعدًا من 111 معقدًا هي مجموع مقاعد برلمان كردستان.

وشكل صالح الوزارة السادسة في كردستان، المؤلفة من 19 وزيرًا، بمشاركة الحزب الديمقراطيوالحزب الاشتراكي الديمقراطي والحركة الإسلامية والحزب الشيوعي وحزب الكادحين الكردستاني .. لكن حكومته واجهت معارضة قوية داخل البرلمان، بعدما حصد كل من حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية 35 مقعدًا مجتمعين.

نجيرفان بارزاني رئيس سابق للحكومة وابن أخ مسعود بارزاني
ونيجيرفان إدريس بارزاني يشغل حاليًا منصب نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، وكان يتولى قبل عام 2009 رئاسة حكومة كردستان. وهو من مواليد قرية بارزان في شمال العراق عام 1966، وابن أخ مسعود بارزاني، أي هو حفيد الزعيم الكردي الملا مصطفى بارزاني.

وقد اهتم بالشؤون السياسية في الإقليم منذ ما يقارب 25 عامًا، واضطر إلى الهجرة إلى إيران مع عائلته إلى جانب الآلاف من الأكراد عام 1975 بسبب سياسات النظام العراقي السابق، وهناك درس العلوم السياسية في جامعة طهران، لكنه ترك الدراسة بسبب وفاة والدهُ إدريس بارزاني، ثم أصبح ناشطاً في صفوف الحركة التحررية الكردية، وتقدم بسرعة في صفوف الحزب، الذي نال عضوية مكتبه السياسي خلال المؤتمر العاشر للحزب عام 1989، وأعيد انتخابه في المؤتمر الثاني عشر للحزب، وفي عام 1996 عيّن نائباَ لرئيس الوزراء في حكومة إقليم كردستان.

وعندما عيّن رئيساَ للحكومة عام 1999 شرع نجيرفان بارزاني في برنامج نشط في تحسين رفاهية المجتمع.. وفي آذار (مارس) عام 2006 انتخب أول رئيس حكومة موحدة لإقليم كردستان، وتحت قيادته أصبحت الحكومة علمانية تعددية.

ونجيرفان بارزاني متزوج، ولديه 4 أبناء، ويجيد اللغات الكردية والعربية والفارسية، وله إلمام بالانكليزية، وهو مولع بالشعر الكردي والفارس.وقد تنقل بين بلدان الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، واجتمع مع عدد من رؤساء الدول وكبار المسؤولين الحكوميين فيها.

في الختام يقول المصدر في حديثه مع quot;إيلافquot; إن تقاسم الحزبين الرئيسين يلقى الآن معارضة من قبل قوى كردية أخرى، لها تأثيرها على الساحة الشعبية في كردستان، خاصة مع التغيرات التي شهدتها أخيرًا، وخروج تظاهرات ضد استمرار هيمنتهما على الأوضاع السياسية وللمطالبة بإصلاحات في إدارة الإقليم ومشاركة أوسع في هذه الإدارة.

وأشار إلى إمكانية إجراء تعديلات مستقبلاً على اتفاق الحزبين الموقع عام 2007، بحيث يتم وضع أسس جديدة، تضمن مشاركة القوى السياسية الأخرى المتحالفة مع الحزبين الرئيسين في الحصول على مناصب سيادية في قيادات الإقليم، وربما يصل الأمر إلى تولي أحدها رئاسة حكومة الإقليم مستقبلاً أو التنافس على رئاسة إقليم كردستان أيضًا.