بينما أكدت الولايات المتحدة رفضها حرق أندية ومراكز تدليك ومحال لبيع الخمور في قضاء زاخو في محافظة دهوك في إقليم كردستان يملكها مسيحيون، ونددت بها فعاليات مسلمة ومسيحية، فقد رفض رئيس الإقليم مسعود بارزاني الاتهامات الموجّهة إلى حزبه بالمسؤولية عن الأحداث، رافضًا سلوكيات بعض رجال الدين في تحريض الشباب على العنف.


مثيرو الشغب يحرقون الأندية ومراكز التدليك

قالت السلطات وشهود عيان إن مثيري شغب أحرقوا عشرات من الأندية ومراكز التدليك ومتاجر الكحوليات في إقليم كردستان، بعد صلاة الجمعة الماضية، مما أدى إلى هجوم على مقر الحزب الإسلامي الكردستاني وإصابة 32 شخصًا بجروح، بينهم عدد من أفراد الشرطة.

وأضافوا أن محتجين قاموا بصحبة رجل دين، انتقد انتشار الخمور، بإحراق أكثر من 30 متجرًا للخمور، وأتلفوا ثلاثة فنادق في زاخو(440 كم شمال من بغداد).. بينما قال فاهاد ملا صالح عضو الاتحاد الإسلامي الكردستاني إن مقار للحزب تعرّضت لهجوم بعد أعمال الشغب، نافيًا أي مسؤولية عن أعمال العنف.

تنديد أميركي ورفض مسيحي إسلامي لعمليات الهجوم على الممتلكات

وفي وقت نددت فيه الولايات المتحدة بالهجمات التي تعرّضت لها ممتلكات المسيحيين، فقد دعا رئيس إتحاد علماء المسلمين الكردستاني وممثل القساوسة المسيحيين في الإقليم خلال إجتماع لهما في أربيل عاصمة الإقليم إلى تهدئة الأوضاع.

وقال رئيس إتحاد علماء المسلمين في الإقليم الملا عبدالله ملا ويسي في مؤتمر صحافي مع ممثل المطارنة المسيحيين في أربيل القس زيا إن quot;المجتمعين إتفقوا على ضرورة تطبيع الأوضاع الراهنة في الإقليم، لأن السمة الأبرز لكردستان هي التعايش الديني، الذي تتميز به بين أتباع الديانات المختلفةquot;.

وأشار إلى الاتفاق على تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين الإتحاد علماء المسلمين ومديرية ديوان وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة الإقليم ومديرية شؤون المسيحيين في الوزارة لمتابعة الأوضاع الراهنة أولاً بأول، وإطلاع الجهات المعنية عليها.

من جهته، أكد القس زيا على ضرورة إستثمار الأوضاع المستجدة في الإقليم، لتوطيد العلاقة بين الأديان والطوائف المختلفة في كردستان.. مشددًا على أن الأحداث الأخيرة خطأ يجب تداركه وحله في أسرع وقت ممكن.

من جانبها، نددت الولايات المتحدة بأعمال التخريب والحرق، التي تعرّضت لها محال ومراكز يملكها مسيحيون وأيزيديون. وندد الكسندر لاسكاريس القنصل الأميركي العام في إقليم كردستان بالهجمات التي استهدفت ممتلكات الأقليات المسيحية والأيزيدية في زاخوَ ودهوك.

وأكد أن القنصلية الأميركية العامة في أربيل و باسم الحكومة الأميركية quot;نندد بعملية سلب ونهب محال بيع المشروبات الكحولية والأماكن العامة في دهوك وزاخوَquot;.. ودعا في تصريح، وزّع على الصحافيين، إلى إعادة الأمن والاستقرار في تلك المناطق.

وشدد على رفض الولايات المتحدة كل أعمال العنف ضد الأقليات في دهوك وزاخوَ.. مؤكداً في الوقت عينه أن الأماكن التي تعرّضت للنهب والسلب والتخريب كانت لديها رخص قانونية، وأن أصحابها ينتمون إلى الأقليات في الإقليم. وأشار إلى ضرورة ترسيخ روح التعايش الأخوي بين القوميات المتآخية في كردستان.

برلمان كردستان في جلسة طارئة الاربعاء

من جهتها، دعت رئاسة برلمان كردستان أعضاء البرلمان إلى المشاركة في جلسة استثنائية، سيعقدها الأربعاء المقبل، مشيرة إلى أن الجلسة ستخصص لبحث الأوضاع في قضاء زاخو في محافظة دهوك، بعد أعمال الشغب التي شهدتها.

وقالت الرئاسة إنه في وقت يترقب شعب كردستان خطوات تثبيت التجربة الديمقراطية والفدرالية في الإقليم من أجل تعميق روح التآخي والنضال المشترك بين الأطراف السياسية وكل المكونات القومية والدينية لتطوير تجربتها، شهدت المنطقة حوادث أليمة بعيدة عن القانون، حيث تعرّضت محال تجارية وفنادق في مدينة زاخو إلى اعتداءات أدت إلى إحراقها، ويمتلك هذه المحالمواطنون مسيحيون وإيزديون، وأعقبت ذلك حوادث مماثلة في دهوك وقضاء سيميل، تسببت في حرق مقار الاتحاد الإسلامي الكردستاني، بشكل أثار استياء المواطنين.

ودعت رئاسة برلمان كردستان جميع الأطراف السياسية ومواطني الإقليم إلى ضبط النفس، وعدم تبادل التهم، وانتظار نتائج التحقيقات من أجل الوصول إلى الحقائق واتخاذ الإجراءات القانونية.

وقالت إن الواجب الوطني والقومي يستدعي التعاون مع اللجنة الخاصة بتقصي الحقائق، التي شكلها بارزاني، وتضم ممثل عن برلمان كردستان، والتي بدأت عملها اليوم الأحد، للتحقيق في أحداث زاخو ودهوك وسيميل.

وطالبت الأطراف السياسية وجميع المواطنين في إقليم كردستان بتقديم التعاون اللازم للمؤسسات الحكومية بروح قبول الآخر والمصالحة والعمل من أجل تطبيع الأوضاع quot;ومواجهة المخططات العدوانية ضد شعبنا الهادفة إلى زرع الفتنة بين مكونات شعب كردستانquot; على حد قولها.

وأكدت أن برلمان كردستان كمؤسسة منتخبة من قبل الشعب، وهي مصدر القرارات المصيرية، يعمل على تثبيت القانون وحماية المصالح العليا للشعب.. وناشدت حكومة الإقليم لعب دورها الكامل لحلّ الموضوع انطلاقًا من سيادة القانون والعدالة.

وشددت على رفض المحاولات، التي تهدف إلى تهميش دور البرلمان في متابعة الأحداث، quot;لأن مثل هذه الآراء ليست في مصلحة تجربتنا وجماهير شعبنا، بل تلحق الضرر بإرادة شعب كردستان، الذي انتخب هذا البرلمانquot;.

وأكدت على ضرورة تعاون المواطنين والقوى السياسية مع المؤسسات الرسمية في الإقليم، ولعب دور إيجابي في تهدئة الأوضاع، والاستمرار في حماية استقرار وأمن إقليم كردستان، وحلكل المشاكل عن طريق القانون وبعيدًا عن العنف.

بارزاني زار المنطقة ودعا إلى التهدئة ثم اجتماع بقادة الأحزاب

لأجل احتواء تداعيات أحداث العنف في زاخو، فقد زار القضاء اليوم الأحد بارزاني، واجتمع بممثلي سكانها (20 ألفًا) ومسؤولي الوحدات الإدارية، مؤكدًا على القول quot;لا نسمح لأي شخص أو أي جهة بأن يحرّض المواطنين على ارتكاب أعمال عنف تخريبية. وشدد على ضرورة التزام بسيادة القانون والقرار والتحقيق من قبل الدوائر ذات العلاقة واللجان المختصة بالأحداث التي شهدها القضاءquot;.

وأضاف بارزاني في كلمة له quot;أنا حزين لتدهور الأوضاع في زاخو المدينة، التي أحبّهاquot;.. وأشار إلى أن الأحداث، التي شهدتها الجمعة، لم تكن من فعل quot;السكان الأصليين والوطنيين في المنطقة، ولم تقع من قبل الذين قدموا التضحيات للوصول إلى الحرية الموجودة اليوم في كردستانquot;.

وأوضح أنه quot;إذا كان عدد من الأشخاص قد فعلوا ما فعلوه ويريدون إلحاق التهمة بالحزب الديمقراطي لتتدهور الحرية والأمان الموجودان في كردستان فإننا لن نقبل هذا الأمر، وإن كان تحت أي تأثيرquot;.

وأكد بارزاني أنه لا يجوز لشخص إعطاء فتوى للشباب والأطفال، ليقوموا بأعمال من شأنها أنتدفع الأوضاع في المدينة نحو التدهور.. وتساءل قائلاً quot;إذا كانت تربيتهم للأطفال بهذا الشكل... فكيف سيكون مستقبلهم إذًاquot;.

وأوضح أن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يترأسه، هو الذي شكل الحكومة من خلال أصواته، وليست الحكومة هي التي أوجدت الحزب.. وقال quot;لذا يجب التعامل مع هذه المسألة بحذر، ولن أقبل من كوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني الاعتداء على أحد، لأنهم لم يكونوا المسؤولين عن الأحداث، كما لن أقبل بأن يقوم أحد بالاعتداء عليهمquot;.

إثر ذلك، عقد بارزاني اجتماعًا طارئًا مع ممثليكل الأحزاب السياسية في محافظة دهوك لمناقشة تداعيات الأحداث في زاخو، داعيًا إلى ضبط النفس والتعاون من أجل عدم تكرارها مستقبلاً.

وكان رئيس حكومة إقليم كردستان برهم صالح سعى خلال الليلة الماضية إلى تهدئة الأوضاع السياسية والأمنية وتهديدات الاتحاد الإسلامي الكردستاني بالانسحاب من التحالف الكردستاني، حيث التقى مع أعضاء المكتب السياسي للإتحاد في أربيل، يتقدمهم الأمين العام للاتحاد صلاح الدين بهاء الدين، وبحث معهم الهجومات التي شهدتها مدينة زاخو في محافظة دهوك (460 كم شمال بغداد) إحدى ثلاث محافظات يتشكل منها إقليم كردستان العراق الشمالي من قبل متظاهرين إسلاميين.

ووصف صالح في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع الأحداث بأنها مؤسفة وحزينة، مؤكدًا على ضرورة توحيد الموقف في مواجهتها.. وقال quot;إن حرق المحال والفنادق والأماكن العامة بفتوى شخص ما أمر خاطئquot;. وأضاف quot;أن أحداث زاخو تقلقنا جميعاً، وندين بشدة أعمال العنف الناجمة منها، كما ندين ونرفض في الوقت نفسه حرق المقار السياسية، كما حصل لمقر الاتحاد الإسلامي الكردستانيquot;.

وأشار إلى أن وزير داخلية كردستان اتخذ إجراءات عدة،ويتابع عن كثب تلك الأحداث للحدّ من اتساعها. وقال quot;إن المسؤولية تقع علينا جميعاً، من خلال العمل على عدم تكرارها، وتقديم المحرّضين والمسؤولين عن تلك الأعمال التخريبية إلى العدالةquot;.

وشدد على أن الحفاظ على الأمن مسولية الجميع، والعمل على تهدئة الأوضاع تخدم مصلحة البلد، ولا بد من الاستفادة من هذه التجربة، لعدم تكرارها مرة ثانيةquot;. وأكد رفض إحراق مقر قوة سياسية أصيلة، هي الاتحاد الإسلامي الكردستاني.. وأشار إلى ضرورة إحالة الأشخاص، الذين قاموا بهذه الأعمال، وحرّضوا المواطنين على ذلك، إلى العدالة من أجل المصلحة العامة.