دعوة بعض المحافظات العراقية الى الاستقلال تشكل تحديا اضافيا للحكومة ويتوقع بعض المحللين أن تؤدي إلى اشتباك سياسي يقود نحو quot;حرب اهليةquot;.

بغداد: راى سياسيون ومحللون عراقيون ان المطالبة بالفدرالية من خلال دعوة بعض المحافظات الى الاستقلال قبيل الانسحاب العسكري الاميركي من العراق، تشكل تحديا اضافيا للحكومة وان طرح مشروع من هذا القبيل في هذه المرحلة قد يؤدي الى اشتباك سياسي يقود نحو quot;حرب اهليةquot;.

واعلن مجلس محافظة صلاح الدين (وسط) ذات الغالبية السنية في تشرين الاول/نوفمبر، المحافظة اقليما مستقلا اداريا واقتصاديا الامر الذي رفضته الحكومة المركزية في بغداد.

بدوره، تمكن مجلس محافظة الانبار (غرب)، اكبر محافظات العراق، من جمع تواقيع 16 عضوا من بين اعضائه ال29، وذلك لاجراء استفتاء شعبي حول المطالبة باعلان المحافظة، التي تسكنها غالبية سنية ايضا، اقليما مستقلا كذلك.

وقال مستشار رئيس الوزراء لشؤون المصالحة الوطنية عامر الخزاعي الاسبوع الماضي ان quot;هناك مشاريع تخطط لتقسيم العراق (...) لذلك ادراكنا واستشعارنا بالخطر يبين لنا هدف المطالبة بالاقاليم في الوقت الحاضرquot;.

وحذر من ان quot;اي فدرلة، تؤدي الى حرب اهلية جبهوية (...) تستمر ربما لفترة طويلةquot;.

وكان رئيس الحكومة العراقية التي يهمين عليها الشيعة، نوري المالكي، حذر في وقت سابق من مطالب تشكيل اقاليم مستقلة اداريا واقتصايا، واصفا الامر بquot;الكارثةquot; في الوقت الحاضر.

وقال ان هذه المطالب يجب ان تتم quot;على اساس الحرص وليس على اساس ان يكون جزءا من العراق فدراليا على اساس طائفي، وتبدأ المشاكل والتحدياتquot;.

وعلى الرغم من هذه التحذيرات، الا ان سياسيين كبار ابرزهم رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، اعتبروا ان مطلب تشكيل الاقليم دستوري، ودعوا الى تنفيذه.

وياتي هذا الانقسام في وقت تعمل القوات الاميركية على الانسحاب من البلاد بحلول نهاية العام الحالي، بعد ثمانية اعوام من التواجد العسكري فيه، تاركة العراق امام تحدي اعمال العنف اليومية، والمحاصصة الطائفية التي تطغى على نظامه السياسي.

وتنص المادة 119 من الدستور العراقي على انه quot;يحق لكل محافظة او اكثر، تكوين اقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم باحدى طريقتين: اولا، طلب من ثلث الاعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الاقليمquot;، وquot;ثانيا: طلب من عشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الاقليمquot;.

وتشير المادة 120 الى ان الاقليم يقوم quot;بوضع دستورٍ له، يحدد هيكل سلطات الاقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على ان لا يتعارض مع هذا الدستورquot;، اي دستور العراق.

ويرى استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد احسان الشمري ان quot;تشكيل الاقليم على اسس طائفية قد يفتح الباب للتدخل الخارجي، وعلى هذا الاساس ستبدا عمليات الشد والجذب وقد يتحول ذلك الى عنف اهلي ويصل الى الاقتتالquot;.

ويؤكد ان quot;هذا الاقتتال قد لا يقف عند الشيعة والسنة، انما قد يشمل الاكرادquot; الذين يسيطرون على اقليم شبه مستقل، مضيفا ان quot;الاتجاه نحو السلاح سيكون واردا، وهو لا يهدد النظام والعملية السياسية فقط، انما يهدد ايضا سلامة العراق ككلquot;.

ويقول الشمري ان quot;العراق ليس مؤهلا في هذه المرحلة لتشكيل اقاليم، ليس في ظل مرحلة الشد والجذب هذهquot;.

وكان العراق شهد بين عامي 2006 و2008 مواجهات طائفية شرسة خصوصا بين السنة والشيعة راح ضحيتها عشرات الآلاف.

من جهته يرى المحامي والسياسي المستقل طارق المعموري انه quot;في حال تم تشكيل الاقاليم، او نجح رئيس الوزراء في منع تشكيلها، فان الامر سيؤدي الى حربquot;.

ويقول المعموري ان quot;الساسة الاكراد والشيعة كتبوا الدستور على عجلة لتقاسم السلطة واستبعاد الطرف السني، فكان الاقرار على مبدأ الفدرالية دون حساب للمستقبل بحيث ان يتحول الحق الوارد في الدستور الى سيف بيد الطرف الاخر (السنة)quot;.

ويعتبر ان quot;تحرك السنة للمطالبة بهذا الحق الان تحديدا، هو من تداعيات ما يسمى بالربيع العربي، ووصول الاسلاميين الاصوليين الى سدة الحكم، في تونس ومصر والمغربquot;، في اشارة الى حركات الاحتجاج التي تطال عددا من الدول العربية ونتئاج الانتخابات التي تتمضخ عنها.

ويوضح ان quot;الاهم من ذلك ما يتوقع ان يحصل في سوريا، ووصول الاسلام السياسي المتطرف السني الى سدة الحكمquot; كما قال.

وكان الرئيس العراقي حذر من quot;بديل متطرفquot; لنظام الرئيس بشار الاسد في سوريا التي تتشارك مع العراق في حدود تمتد بطول 605 كليومترات، حيث تقع محافظات عراقية ذات غالبية سنية كان ينظر اليها على انها معاقل للتمرد ضد القوات الاميركية والحكومة العراقية.

ويرى المعموري انه اذا حدث ذلك في سوريا quot;فاما يجري احياء الدولة العثمانية بقيادة تركيا والتحاق الاقاليم السنية في العراق بهذه الدولة (...) او احياء الدولة الاموية على ان يكون مركزها سوريا ثم تلتحق بها اقاليم الموصل وصلاح الدين والانبار بما تمتلكه من ثروات لتصبح الشريان الاقتصادي لهذا الكيانquot;.

وذكر ان quot;حصول ذلك، او حتى التلميح بحصوله، سيؤدي بالضرورة الى انزلاق العراق نحو حرب اهليةquot;.