طالباني مجتمعًا مع المالكي لبحث الازمة الحكومية على ضوء تهديد السنة بالانسحاب منها

في وقت تتصاعد حملة تراشق الاتهامات بين الكتل السياسية العراقية الكبرى على خلفية فشل انعقاد الاجتماع الوطني لحل الازمة السياسية، فقد انتقل الرئيس جلالطالباني الى اربيل عاصمة اقليم كردستان بانتظار عودة مسعودبارزاني اليها من واشنطن، حيث سيدعو إلى اجتماع عاجل هناك للقيادات السياسية في محاولة أخيرة لانهاء الخلافات وسط مساع لسحب الثقة عن حكومة المالكي فيما اذا فشل لقاء اربيل.

وابلغت مصادر عراقية quot;ايلافquot; أن طالباني الذي انتقل الى مدينة اربيل الشمالية سيقوم بجهود وساطة لتسوية الخلافات بين ائتلافي دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي والقيادة الكردية اثر الاتهامات القاسية التي وجهها له رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني متهمًا اياه بالانفراد بالسلطة والتهيئة لدكتاتورية جديدة .

وجاءت مغادرة طالباني الى اربيل اثر اجتماع عقده مع المالكي وبحث خلاله quot; المستجدات والتطورات الحالية في البلاد وأهمية تطوير وتحسين العلاقات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان وحل القضايا المختلف عليها بروح الفريق الواحد وبإطار التفاهم الأخوي وفي نطاق الدستور والالتزام بمبادئه وتفادي تضخيم المشكلات والخلافات خصوصًا في الوسائل الإعلاميةquot;، كما قال بيان رئاسي . واشار الى أنه جرى التأكيد على تعزيز التحالف التاريخي بين التحالف الوطني quot;الشيعيquot; والتحالف الكردستاني وإدامة تفاهم وتعاون وتنسيق قيادتي التحالفين.

واشارت المصادر الى أن بارزاني الذي سيعود الى كردستان هذا الاسبوع في ختام زيارة الى الولايات المتحدة بحث خلالها الاوضاع العراقية مع الرئيس باراك اوباما ونائبه جو بايدن ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون سيدعو الى اجتماع عاجل للقادة السياسيين لحل الازمة السياسية التي تضرب البلاد منذ اربعة اشهر. وقالت إن هذا الاجتماع سيكون حاسمًا في حل الازمة السياسية أو تفجير العملية السياسية الجارية في البلاد ثم الذهاب الى خيارات اخرى من بينها سحب الثقة عن الحكومة أو اجراء انتخابات مبكرة.

وقد تصاعدت الاتهامات بين تحالفي المالكي وبارزاني بشدة خلال الاسبوع الماضي على خلفية وقف اقليم كردستان تصدير النفط، حيث اتهمت حكومة بغداد نظيرتها في اربيل بتهريب النفط الى ايران وافغانستان فيما قالت هذه الاخيرة إن مسؤولين في وزارة النفط العراقية يهربون النفط الى اسرائيل.
وخلال زيارته الحالية إلى واشنطن حذّر بارزاني من أن البلد يتجه إلى كارثة وعودة الدكتاتورية. وانتقد في تصريحات صحافية الاستئثار بالسلطة في كل مرافق الدولة، واشار الى انه لم يعد هناك مجال للمجاملات ولا للدبلوماسية، إما معالجة الوضع وإما مواجهة وضع لا يمكن القبول به، وفيه شخص واحد يستحوذ على كل مرافق الدولة ويتصرف وفق إرادته ويهمش الآخرين ثم يبقى رئيساً للوزراء، هذا غير مقبول على الإطلاق .


وحذر بارزاني من قرار قد يتم اللجوء إليه في حال فشلت الجهود لحل الازمة السياسية في البلاد، وألمح أنه سيلجأ إلى استفتاء الشعب الكردي على إعلان دولة كردية. وقال: quot;نحن نحاول أن نصحح الوضع في العراق أولاً بتنفيذ ما ورد في الدستور وتحديد ضوابط للحكم
وإقامة شراكة حقيقية.. إذا كان الآخرون مستعدين لإصلاح الوضع فأهلا وسهلاً، أما إذا كانوا يتهربون ويقبلون بالوضع الحالي فهذا مرفوض من جانبنا ولن يكون خيارنا على الإطلاق.. مهما كان الثمن لا يمكن أن نقبل بعودة الدكتاتورية إلى العراق، وإذا فشلنا في وقف الدكتاتورية فلن نكون مع عراق يحكمه دكتاتورquot;. وفي ما يتعلق بقضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، قال :quot;أنا لم أعد أثق بالقضاء العراقي، فهو قضاء غير مستقل ومسيس ومسيرquot;.

ومن جهتها، شددت الكتلة العراقية أن العملية السياسية وصلت الى طريق مسدود يهدد وحدة ومستقبل العراق، quot;ولا يمكن للمؤتمر الوطني أو غيره ان يعيدها الى مسارها الصحيح ان لم تكن هناك نوايا صادقة مبنية على اساس المصالحة الحقيقية وترك المصالح الفئوية والحزبية والعودة إلى الشعب العراقي ومحاربة الفاسدين والمفسدين الذين عاثوا بالارض فساداًquot;.

سحب الثقة عن الحكومة بين الدعوة والرفض
وتأتي هذه التطورات في وقت كشفت القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق إياد علاوي عن مساعٍ ستقودها مع التحالف الكردستاني وبعض أطراف التحالف الوطني لسحب الثقة عن المالكي إذا لم يعمل بمبدأ الشراكة الوطنية وتطبيق الدستور، مؤكدة وجود مباحثات جدية مع الاكراد بهذا الشأن.
وقال المتحدث باسم القائمة حيدر الملا إن quot;الطرف المتعنت وهو المالكي إذا لم يأتِ إلى مربع الشراكة وتطبيق الدستور والإيمان باللامركزية الإدارية، سيقوم بعض أطراف التحالف الوطني والكرد والعراقية بالركون إلى الآليات الدستورية ومنها سحب الثقة عنهquot;.
وأكد في تصريح نقلته وكالة quot;السومرية نيوزquot; quot;وجود مباحثات جدية مع الكرد بهذا الشأن من اجل تقييم العملية السياسيةquot;، مشيراً إلى أن quot;من يعتقد أنه يستطيع أن يؤسس دكتاتورية تديم له الحكم فهو واهمquot;.

وعلى الفور رد رئيس كتلة الاحرار النيابية الممثلة للتيار الصدري بهاء الاعرجي، مؤكدًا على أن المالكي هو مرشح التحالف الوطني . وقال في بيان اليوم وزع على الصحافة إن التحالف الوطني يسعى الى تقوية الحكومة من اجل تقديم الخدمات الى الشعب العراقي ومحاربة الفساد .

واشار الاعرجي الى أن السنوات السابقة اوضحت أن التشنج السياسي ينعكس على الشارع العراقي سواء كان أمنيًا او اقتصاديًا. وقال إن الكتل السياسية وخلال برنامجها الانتخابي اكدت على خدمة الشعب العراقي . واضاف أن التصعيد الاعلامي من جميع الاطراف يتنافى مع البرنامج السياسي والانتخابي الذي قدم الى الناخب العراقي . ودعا جميع الاطراف الى الحوار من اجل فض النزاعات، واشار الى انه اذا كان الاجتماع الوطني لحل الازمة السياسية حاجة في الماضي القريب، فإنه أصبح ضرورة وطنية ملحة .

وتتحدث بعض وسائل الإعلام في بغداد وإقليم كردستان منذ ثلاثة ايام عن وجود اتفاق سياسي بين التحالف الوطني والعراقية والتحالف الكردستاني بشأن سحب الثقة عن المالكي وترشيح بديل عنه لترؤسها، مشيرة الى أنه تم الاتفاق على أن رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي الأكثر حظًا ليكون خليفة للمالكي، الأمر الذي نفاه رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري واصفًا تلك الأنباء بـquot;الأكذوبةquot; ومعتبراً أنها quot;محاولة للاصطياد في الماء العكرquot;.

يذكر أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي في أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي، بعد اتهامه بدعم الإرهاب، وذلك في 19 من الشهر نفسه، وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة عن نائبه صالح المطلك القيادي في القائمة العراقية أيضاً بعد وصف الأخير للمالكي بأنه quot;دكتاتور لا يبنيquot;، الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب، وإلى أن تقدم طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي، قبل أن تقرر في 29 من كانون الثاني (يناير) الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب، ثم لتعود في السادس من شباط (فبراير) الماضي وتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء، وعودة جميع وزرائها إلى حضور جلسات المجلس.