قررت بريطانيا إعادة إحياء وحدات عسكرية خاصة لتأمين السلاح الكيماوي السوري، بعدما جرى تجميد عملها بسبب خطة التقشف، لضمان انضمام بريطانيا إلى جهود منع انتقال هذا السلاح إلى حزب الله أو الاسلاميين المتشددين.


بيروت: سوريا اليوم عنوان المرحلة، سياسيًا وميدانيًا. والسلاح الكيماوي هو عنوان المرحلة السورية، على وجه التخصيص. فاستعمال هذا السلاح هي الذريعة التي استخدمتها الادارة الأميركية في استدارة على مواقفها السابقة، واتخاذها القرار بتسليح المعارضة السورية، ولو كانت هذه الاستدارة كلامية حتى الساعة.

وفي بريطانيا، نقلت صحيفة تلغراف عن مسؤولين بريطانيين قولهم إن بلادهم عقدت العزم على إعادة تشغيل وحدات عسكرية مختصة بتأمين السلاح الكيماوي في سوريا، بعدما جرى الاستغناء عنها بسبب تقليص موازنة الدفاع بنحو 129 مليون جنيه إسترليني سنويًا.

فبحسب الصحيفة، دعا قادة عسكريون الحكومة البريطانية إلى إعادة النظر سريعًا في السياسة التقشفية في هذا البند بالذات، لضمان انضمام بريطانيا إلى ائتلاف عسكري دولي، تقوده الولايات المتحدة، للانتشار في سوريا منعًا لسقوط السلاح الكيماوي السوري بأيدي منظمات إرهابية كالاسلاميين المتشددين أو حزب الله. وتوقعت الصحيفة أن تتخذ وزارة الدفاع قرارًا في هذا الشأن خلال هذا الأسبوع، وتسريع إعادة تفعيل الوحدات العسكرية هذه لتكون جاهزة بنهاية أيلول (سبتمبر) المقبل.

توثيق داخلي

من الداخل السوري، نقلت تقارير صحافية عن الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان توثيقها نحو 34 هجومًا بالسلاح الكيماوي في مناطق سورية عدة، 23 منها في أحياء في دمشق، بين شهري حزيران (يونيو) 2012 وأيار (مايو) 2013، بمتوسط مرة كل 34 يومًا في الأشهر السبعة الأخيرة من العام 2012، ومرة كل ثمانية أيام منذ بداية العام الجاري، حتى منتصف أيار(مايو) الماضي، ومرة كل يوم في الأسبوعين الأخيرين من أيار (مايو).

وفي الأسبوعين الأخيرين من شهر أيار (مايو)، زاد استخدام السلاح الكيماوي في ريف دمشق إلى 91 بالمئة، كما تم استخدم غاز سارين في 97 بالمئة من الهجمات الموثقة، بينما بلغت نسبة الأهداف المدنية المستهدفة بالسلاح الكيماوي 94 بالمئة من الهجمات، واستخدمت الطائرات المقاتلة أو المروحية في 66 بالمئة من الهجمات حتى الآن، والثلث الباقي استخدمت فيه صواريخ سكود وغراد قذائف المدفعية.

وقال عبد الكريم ريحاوي، رئيس الرابطة، لـصحيفة الشرق الأوسط إن تقرير رابطته استند إلى مقابلات أجراها ناشطون في المواقع المستهدفة، مع ضحايا وشهود عيان.

وأضاف: quot;من خلال التعاون مع بعض الأطباء السوريين الذين أشرفوا على معالجة المصابين، تمكن فريق الرابطة من التأكد أن جميع المواقع الوارد ذكرها في التقرير قد تم استهدافها بسلاح كيماوي، وإن كان بعضها على مستوى ضيق ومحدود.

وأدى إرسال عينات للفحوص المخبرية من مصابين ومتوفين في سوريا إلى السفارة الأميركية في تركيا، ما سمح لدول عدة تأكيد استخدام السلاح الكيماوي في استهداف المدنيين. وتوقعت الرابطة تزايد معدل الاستخدام مئات المرات في الشهرين المقبلين.

تأكيد وتشكيك

وكان البيت الأبيض أكد الجمعة الماضي استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية، بما في ذلك غاز الاعصاب، ضد مقاتلين معارضين، لكن على نطاق محدود، ودعا الحكومة السورية إلى تسهيل مهمة فريق التحقيق الأممي، معتبرًا أن ذلك سيثبت أنها لا تماطل في مسألة التفتيش.

وكانت وكالة الاستخبارات الأميركية قدرت مقتل نحو 100 إلى 150 شخصًا نتيجة استخدام جيش النظام تلك الأسلحة، بعد تبادل في المعلومات مع شركاء دوليين والأمم المتحدة. غير أن بان كي مون، أمين عام الامم المتحدة، قال إنه لا يمكن الحديث عن قيمة أية معلومات حول الاستخدام المزعوم للسلاح الكيماوي في سوريا في غياب الأدلة الدامغة، quot;ولهذا السبب أصر على ضرورة إجراء تحقيق ميداني في سوريا من أجل جمع العينات وإثبات الوقائعquot;.

وأكد كي مون أن أيك سيلستروم، رئيس اللجنة الفنية الأممية للتحقيق في التقارير عن استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، وفريقه يواصلان جمع وتحليل المعلومات والمواد التي قدمها مختلف أعضاء الأمم المتحدة. وكان مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، قال إن القيادة الروسية لم تجد الأدلة التي قدمتها الولايات المتحدة على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية مقنعة.

وكان جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، أكد أن استخدام الأسلحة الكيماوية وزيادة مشاركة حزب الله في المعارك في سوريا يشيران إلى عدم التزام النظام السوري بالمفاوضات، ما يهدد أي تسوية سياسية.