دعت المعارضة السورية إلى تحرك quot;عاجل وحاسمquot; للأمم المتحدة بعد إقرار الولايات المتحدة للمرة الأولى باحتمال استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية ضد معارضيه. في وقت أكدت واشنطن وبريطانيا عدم استعدادهما لتدخل عسكري بعد تجربة العراق.


دمشق: وعد الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة باجراء quot;تحقيق قويquot; حول احتمال استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، مكررا ان استخدام هذا السلاح quot;سيغير قواعد اللعبةquot;.

وقال اوباما للصحافيين قبل اجتماعه في البيت الابيض مع العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني quot;نملك بعض المؤشرات التي تفيد ان سلاحا كيميائيا استخدم ضد السكان في سوريا، انها تقديرات اولية تستند الى عملياتنا الاستخباراتيةquot;.

واضاف اوباما الذي كان يتحدث للمرة الاولى عن هذا الملف منذ كشفت ادارته الخميس ان لديها اعتقادا ان النظام السوري استخدم اسلحة كيميائية quot;هناك اسئلة عديدة حول كيفية استخدام هذه الاسلحة ومتى حصل ذلك واينquot;.

ووعد quot;بان نقوم بانفسنا بتحقيق قوي جدا وبان نجري مشاورات مع شركائنا في المنطقة وكذلك مع المجتمع الدولي والامم المتحدة للتحقيق في هذا الامر في اسرع وقت واكبر قدر من الفاعليةquot;.

واضاف quot;لكنني كنت افكر في ما قلته واكرره، ان سقوط قذائف هاون على مدنيين وقتل اناس من دون تمييز هو امر فظيع بالتاكيد لكن احتمال اللجوء الى اسلحة دمار شامل بحق مدنيين يتجاوز حدا جديدا على صعيد القوانين الدولية ويغير قواعد اللعبةquot;.

وتابع اوباما quot;قلت سرا وعلنا انه اذا استخدمت الحكومة السورية اسلحة كيميائية فان هذا الامر سيتجاوز خطا من شانه تغيير معادلتي وكيفية تعامل الولايات المتحدة مع الملفquot;.

وقال ايضا quot;اعتقد انه بالنسبة الينا جميعا، ليس فقط الولايات المتحدة بل العالم اجمع، علينا ان نقر باننا لا نستطيع البقاء مكتوفي الايدي والسماح باستخدام منهجي لاسلحة مثل الاسلحة الكيميائية ضد سكان مدنيين، اذا انه ملف سنركز اهتمامنا عليهquot;.

واعتبر ايضا ان quot;استخدام اسلحة كيميائية والخطر الذي يمثله هذا الامر للمجتمع الدولي وجيران سوريا وامكان ان تقع (هذه الاسلحة) في ايدي ارهابيين، كل ذلك يضفي طابعا ملحا على ما هو اصلا مشكلة انسانية وامنية كبيرة في المنطقةquot;.

وفي وقت سابق، اعلن المتحدث باسم باراك اوباماإنه يريد quot;تقييما حاسماquot; بشان لجوء او عدم لجوء النظام السوري الى استخدامه السلاح الكيميائي قبل ان يتخذ قرارا في هذا الصدد.

وقال جاي كارني quot;نعمل على التحقق من وقائع موثوق بها ودقيقةquot; مضيفا ان quot;الرئيس يريد وقائعquot;.

ورفض المتحدث quot;تحديد جدول زمنيquot; لهذه العملية لان quot;الوقائع هي التي يجب ان يستند اليها هذا التحقيق وليس الموعدquot;.

وكرر المتحدث ايضا موقف البيت الابيض المتمثل في ان quot;كل الخياراتquot; ستكون مطروحة اذا ثبت ان نظام بشار الاسد استخدم اسلحة كيميائية.

وكانت الولايات المتحدة اعترفت الخميس للمرة الاولى بان النظام السوري استخدم على الارجح اسلحة كيميائية مشددة في الوقت نفسه على ان معلوماتها غير كافية للتاكد مما اذا كانت دمشق قد تجاوزت quot;الخط الاحمرquot; الذي وضعه الرئيس اوباما.

وكان اوباما حذر اكثر من مرة نظام الاسد من مغبة اللجوء الى مخزونه من الاسلحة الكيميائية مؤكدا خصوصا في 20 اذار/مارس الماضي في اسرائيل انه سيكون quot;خطأ خطيرا ومفجعاquot; يؤدي الى quot;تغيير قواعد اللعبةquot;.

واثارت هذه التطورات رد فعل عنيفا في الكونغرس الاميركي حيث يحض بعض النواب الجمهوريين منذ وقت طويل اوباما على اتباع موقف اكثر تشددا حيال نظام الاسد بعد اكثر من عامين على اندلاع حركة الاحتجاج الدامية في سوريا.

وقال السناتور الجمهوري جون ماكين ان quot;رئيس الولايات المتحدة قال انه اذا استخدم بشار الاسد اسلحة كيميائية فان ذلك سيغير كل شيء ويتجاوز خطا احمرquot; واضاف quot;اعتقد ان من الواضح ان خطا احمر قد تم تجاوزهquot;.

آن الآوان

في هذه الاثناء، قال مسؤول في الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، لوكالة فرانس برس اليوم الجمعة، quot;تؤكد فرنسا وبريطانيا حيازتهما معلومات حول استخدام النظام للأسلحة الكيميائية. واليوم تقول الولايات المتحدة الشيء نفسه. آن الأوان ليتحرك مجلس الأمنquot;.

وأضاف quot;إنها مسألة مهمة جدًا، وشلل مجلس الأمن حول الملف السوري يجب ألا يبرر عدم تحرك الأمم المتحدةquot;. ورأى أن على الأمم المتحدة quot;أن تبدأ تحقيقًا فوريًا حول هذا الموضوع، وإذا عثرت على أدلة على مثل هذا الاستخدام، فعليها التحرك سريعًا عبر فرض منطقة حظر جوي على الأقل على الطيران السوريquot;.

وكان الائتلاف أصدر بيانًا الليلة الماضية، دعا فيه الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إلى quot;إفهام النظام باللغة التي يفهمها بأن ما قيل عن اعتبار استخدام السلاح الكيمياوي خطًا أحمر تترتب على تجاوزه نتائج جديةquot;، في إشارة إلى تصريح الرئيس الأميركي باراك أوباما في الشهر الماضي بأن استخدام السلاح الكيميائي سيشكل quot;خطأ جسيمًاquot; من قبل الرئيس بشار الأسد وquot;خطًا أحمرquot;، ومن شأنه quot;تغيير الوضعquot;.

وأضاف الائتلاف quot;إن أي رد دون مستوى خطورة الحدث سيفهمه النظام على أنه قبول دولي باستخدام السلاح الكيميائي على مستوى أوسعquot;. وطالب الأمم المتحدة بـquot;أن تقوم بواجبها تجاه صرخات الشعب السوريquot;، وروسيا بـquot;أن تتوقف عن منع الأمم المتحدة عن القيام بواجبها الأول، وهو حفظ السلم والأمن الدوليينquot;.

شركاء في الإبادة
وحذر من أن quot;روسيا والدول التي ما زالت تدافع عن النظام، وتقدم له الغطاء الدوليquot; ستتحمّل quot;مسؤولية المشاركة في جريمة إبادة واسعة النطاق في سوريا يعدّ لها النظام الأسدي إذا استمرت بدعمها لنظام لا يتوانى عن استخدام أبشع الوسائل لقمع شعبهquot;.

وتهدد موسكو والصين، حليفتا النظام السوري، باستخدام حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن الدولي للحؤول دون صدور أي قرار يدين النظام السوري أو يفرض عليه عقوبات.

ويقول المسؤول السوري المعارض quot;إذا لم يكن مجلس الأمن قادرًا على تخطي عجزه، فلم لا يتدخل طرف آخر، كحلف شمال الأطلسي مثلًا؟quot;. وكانت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض تحدثت الخميس عن quot;معلومات لأجهزتنا الاستخباراتية بدرجات متفاوتة من الثقة تشير إلى أن النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية على نطاق ضيقquot;.

وقالت إن التقديرات تشير إلى احتمال استخدام غاز السارين، الذي يستهدف الأعصاب، ويتسبب بتشنجات وتوقف التنفس والموت.
وتلت هذا الإقرار الأميركي موجة من التحذيرات.

إسرائيل تحث أميركا
فقد أعلن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي زائيف الكين الجمعة أن على الولايات المتحدة التحرك عسكريًا من أجل quot;استعادة السيطرة على ترسانة الأسلحة الكيميائية السوريةquot;. وأضاف في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي quot;من الواضح أنه إن كانت هناك إرادة من جانب الولايات المتحدة والأسرة الدولية، يمكن السيطرة على ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية.. ما سيضع حدًا لجميع المخاوفquot;.

كما أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الجمعة أن quot;الأدلة المتزايدةquot; على استخدام النظام السوري لأسلحة كيميائية تصعيد quot;خطير وجريمة حربquot;، معربًا في الوقت نفسه عن معارضته لإرسال قوات بريطانية إلى سوريا.

وقال quot;أعتقد أن بوسعنا بذل المزيد من الضغوط على النظام والعمل مع شركائنا والمعارضة من أجل التوصل إلى الحل المناسبquot;.
وكان مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أكد الخميس ردًا على أسئلة صحافيين في أبو ظبي على هامش زيارة لوزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، أن بلاده ليست على وشك التدخل عسكريًا في سوريا.

وجدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الخميس quot;نداءه العاجلquot; إلى الحكومة السورية لكي تسمح لفريق تابع للأمم المتحدة بالتحقيق في الاتهامات بشأن استخدام أسلحة كيميائية في النزاع. وقال المتحدث باسمه مارتن نيسيركي في بيان إن quot;بعثة التحقيق جاهزة للانتشار في غضون 24 إلى 48 ساعةquot; حالما تحصل على الضوء الأخضر من دمشق.

وكانت دمشق رفضت استقبال فريق التحقيق، الذي شكل في آذار/مارس، بعدما طلب بان كي مون أن يسمح له بالتنقل على كل الأراضي السورية، بينما تريد سوريا أن يحقق فقط في عملية سقوط صاروخ يحمل سلاحًا كيميائيًا في بلدة خان العسل في ريف حلب. ويتبادل النظام السوري والمعارضة المسلحة الاتهامات بإطلاق هذا الصاروخ.

الاتحاد الأوروبي: للتحقيق بشأن الأسلحة الكيميائية
إلى ذلك، جدد الاتحاد الاوروبي الجمعة دعوته إلى السماح للأمم المتحدة بالتحقيق في الاتهامات الموجّهة إلى النظام السوري باستخدام اسلحة كيميائية (التفاصيل).