يرى مراقبون أن الدعم الغربي للمعارضة السورية لا يقارن بذاك الذي يلقاه نظام الرئيس بشار الاسد من حلفائه الذين قاموا بكل ما يمكن لضمان بقائه على قيد الحياة.


بيروت: تجد المعارضة السورية نفسها مضطرة للبحث عن قائد جديد يواجه مهمة شبه مستحيلة لاخماد خلافاتها الداخلية والتباينات بين داعميها لا سيما المملكة العربية السعودية وقطر، في حين يحقق نظام الرئيس بشار الاسد تقدمًا ميدانيًا.
وكان رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد معاذ الخطيب اكد للمرة الثانية خلال شهر استقالته من منصبه، ردًا على عدم تحرك المجتمع الدولي إزاء الازمة السورية المستمرة منذ عامين وأدت الى مقتل اكثر من 70 الف شخص.
وكتب الخطيب على صفحته الخاصة على موقع quot;فايسبوكquot; للتواصل الاجتماعي: quot;عندما يكون الطائر في القفص يبقى حبيسًا عاجزًا، والبارحة خرجت من القفص الذهبي الخادع الذي كنت فيه... ومع أبناء سوريا ولا شيء آخر سأتابع الطريق إلى الحريةquot;.
والاثنين، كلف رئيس المجلس الوطني السوري المعارض جورج صبرة بمهام رئيس موقت للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، غداة تأكيد الخطيب استقالته التي تقدم بها في آذار/مارس الماضي، بحسب بيان للمجلس.
ورغم الدعم الذي تقدمه دول غربية عدة للمعارضة، وآخرها الولايات المتحدة التي اعلنت مضاعفة مساعداتها quot;غير القاتلةquot; خلال مؤتمر quot;اصدقاء الشعب السوريquot; الذي عقد السبت في اسطنبول، يبدي المعارضون امتعاضهم من عدم تزويدهم بالسلاح لمواجهة القوة النارية الضخمة للقوات النظامية.
وبعد خمسة اشهر على انتخابه رئيسًا للائتلاف الذي ابصر النور في الدوحة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بات الخطيب quot;مقتنعاً بغياب الالتزام الجدي من المجتمع الدولي رغم كل الوعودquot;، بحسب ما يقول لوكالة فرانس برس استاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس-سود خطار ابو دياب.
ويشير ابو دياب الى أن الدعم الغربي للمعارضة quot;لا يقارن بذاك الذي يلقاه نظام الرئيس السوري بشار الاسد من حلفائه الذين قاموا بكل ما يمكن لضمان بقائه على قيد الحياةquot;.
ويحظى النظام السوري بدعم اساسي من موسكو التي ما زالت مزوده الرئيسي بالاسلحة، وينال دعمًا اقتصاديًا مهمًا من طهران، في حين أن حزب الله اللبناني يقود المعارك في منطقة القصير الحدودية مع لبنان، بحسب المعارضة السورية والمرصد السوري لحقوق الانسان، ما يتيح للنظام تحقيق تقدم في هذه المنطقة المحورية.
مستفيدًا من هذا الدعم والتقدم الميداني الذي يحققه على الارض، هاجم الرئيس الاسد المعارضة في الفترة الاخيرة، مشككًا في quot;وطنيتهاquot; ومقللاً من حجم التأييد الشعبي لها.
ويشير ابو دياب الى أن امتعاض الخطيب ناجم خصوصًا عن التباينات بين اطياف المعارضة السورية نفسها، ما يمنعها من الظهور في موقف موحد ضد النظام.
ويقول: quot;بات (الخطيب) مقتنعًا بغياب دينامية وسط المعارضة تساعدهquot; في مهمته.
من جهته، يعتبر الخبير في معهد كارنيغي للشرق الاوسط يزيد صايغ أن quot;المعارضة لم تنجز استراتيجية سياسية لاسقاط النظام، وفي الوقت نفسه لم تضمن ادارة فاعلة للمناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، توفر لها الخدمات الاساسية والامنquot;.
وانتخب الائتلاف المعارض في آذار/مارس الماضي غسان هيتو رئيسًا لحكومة انتقالية للمعارضة مهمتها ادارة quot;المناطق المحررةquot; لا سيما في شمال سوريا وشرقها، لكنها لم تبصر النور بعد.
وشكل انتخاب هيتو لرئاسة الحكومة، مدفوعًا من جماعة الاخوان المسلمين النافذة في الائتلاف باتجاهها، احد الاسباب الرئيسية التي حدت بالخطيب الى اعلان استقالته في 24 آذار/مارس.
ويقول ابو دياب إن الاخير quot;كان يخشى ازدواجية في الادوارquot;..
ويقول توما بييريه الاستاذ في جامعة ادنبره في اسكتلندا، إن quot;كل مسار لاعادة بناء المعارضة يتطلب حكمًا مصالحة بين المملكة العربية السعودية وقطرquot;.
ويضيف: quot;حصول هذه المصالحة ليس مضمونًا، لكن في حال تم ذلك، سنتجه الى كيان اكثر واقعية، لا يعدو خلف الوعود الغربية الوهمية، بل يتصرف من منطلق ما يمكن الحصول عليهquot;.
لكن في انتظار هذه المصالحة، يرى المحللون أن تقوية اواصر العلاقة بين المعارضة السياسية والمقاتلين المعارضين هي السبيل الوحيد لاعطاء دفع اضافي للمعارضين الموجودين في الخارج.
ويقول بييريه: quot;الاهم هو أن يتمكن الائتلاف من بناء علاقة قوية مع الجيش السوري الحرquot; الذي يشكل مظلة لغالبية المقاتلين المعارضين. ويعتبر أن quot;مستقبل الائتلاف هو أن يصبح، الى حد كبير، الممثل السياسي للجيش السوري الحرquot;.