وضعت الإدارة الأميركية خطط طوارئ إن قرر النظام السوري استخدام الأسلحة الكيميائية، فيما يتخوف مسؤولون من وقوعها بأيدي الإسلاميين أو حزب الله، الذي أنشأ معسكرات صغيرة بالقرب من بعض مواقع التخزين.


في الأيام الأخيرة من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) ، دعا قادة إسرائيل وزارة الدفاع الأميركية لمناقشة صور استخباراتية تظهر على الأقمار الصناعية، وتشير إلى أن القوات السورية تخلط المواد الكيميائية في اثنين من مواقع التخزين، ربما غاز أعصاب السارين المميت، وتستخدمها في تعبئة العشرات من القنابل بوزن 500 باوند التي يمكن تحميلها على متن الطائرات.

وخلال ساعات من إبلاغ الرئيس الأميركي باراك أوباما، ازداد منسوب القلق الدولي وبدأت الاجتماعات لمحاولة التوصل إلى وسيلة لوقف هذا التحرك، في ظل معلومات عن أن القوات السورية تقوم بتحميل الذخيرة في سيارات بالقرب من القواعد الجوية السورية.

وفي جلسات الإحاطة، قال مسؤولون في الادارة الأميركية إن الرئيس السوري بشار الأسد سيأمر باستخدام الأسلحة الكيميائية في حال شعر بمزيد من اليأس، لا سيما وأن هذه الذخيرة يمكن تحميلها جواً في أقل من ساعتين، وهو وقت قصير جداً لن تتمكن فيه الولايات المتحدة من التحرك لوقف هذه المخططات.

وناقش المسؤولون التعاون الدولي لوقف الحرب الأهلية السورية، وهو أمر تعجز الولايات المتحدة والدول العربية وروسيا والصين على التوصل إلى اتفاق عمل مشترك بشأنه.

سلاح دمار شامل

واعتبرت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; أن القلق لا يزال وارداً من أن يستخدم الأسد الأسلحة الكيميائية في أي لحظة. ونقلت عن مسؤول دفاعي كبير قوله: quot;أعتقد أن الروس فهموا أن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوصلنا إلى التدخل في الحربquot;.

بينما تعتبر الأسلحة الكيميائية quot;سلاح دمار شاملquot; تقنياً - جنباً إلى جنب مع الأسلحة البيولوجية والنووية - إلا أنه من الصعب استخدامها، ففعالية الهجوم تعتمد على الرياح والتضاريس.

صعوبة كشف الهجمات

وأحياناً من الصعب كشف هذا النوع من الهجمات حتى بعد وقوعها. ويقول بعض المسؤولين إن القوات السورية يمكنها استخدام الأسلحة الكيميائية في قرية أو حي ما، وأن الامر سيستغرق بعض الوقت ليعرف العالم الخارجي بهذه الخطوة.

وتجدد النقاش حول ما إذا كان ينبغي للغرب أن يساعد المعارضة في تدمير سلاح الجو السوري. وقال مسؤولون إن الذخائر الكيميائية لا تزال في مناطق التخزين بالقرب من أو على القواعد الجوية السورية، وعلى استعداد للانتشار في غضون مهلة قصيرة.

ساعات لنشر الكيميائي

ولم تتحدث إدارة أوباما والحكومات الأخرى علانية بشأن الأسلحة الكيميائية، وذلك جزئياً بسبب القلق إزاء المساس بمصادر المعلومات الاستخبارية حول أنشطة قوات الأسد. وتستند هذه المعلومات الى مقابلات مع قادة من الجيش والاستخبارات والمسؤولين الديبلوماسيين، الذين يشترطون عدم الكشف عن هويتهم.

وحذّر رئيس جهاز المخابرات الالمانية الخارجية، في تقييم سري في الشهر الماضي، من أنه يمكن نشر الاسلحة الكيميائية خلال أربع إلى ست ساعات بعد أن تصدر الأوامر بذلك، وأن الرئيس الأسد لديه مستشار خاص إلى جانبه ليشرف على السيطرة على الأسلحة، حسب ما ذكرت quot;دير شبيغلquot; الألمانية.

ويقول بعض المسؤولين الأميركيين وغيرهم من الحلفاء، إنه يمكن تحميل قنابل غاز السارين على الطائرات في أقل من ساعتين. وقال ديبلوماسي غربي quot;دعنا نقول فقط في الوقت الحالي، إنه سيكون أمراً سهلاً نسبياً لتحميل السلاح الكيميائي بسرعة على الطائراتquot;.

خطط طوارئ

ومن غير الواضح كيف يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل، جنباً إلى جنب مع الدول العربية، أن ترد في حال استخدمت قوات الأسد السلاح الكيميائي. لكن هناك مؤشرات على أن إدارة أوباما والقوات المتحالفة معها عملت بشكل غامض على وضع quot;خطط طوارئquot; في حال قررت التدخل لتحييد الأسلحة الكيميائية، وهي مهمة تشير تقديرات البنتاغون إلى أنها تتطلب أكثر من 75 ألف جندي.

وأرسلت الولايات المتحدة العسكرية فرقة عمل سرية تتألف من 150 مخططاً ومتخصصاً إلى الأردن لمساعدة القوات المسلحة هناك، من بين أمور أخرى، على الاستعداد لاحتمال أن سوريا سوف تفقد السيطرة على الأسلحة الكيميائية.

قلق من حزب الله

وذكرت وسائل الاعلام الاسرائيلية أن رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد سافر إلى الأردن في الأسابيع الأخيرة، للتحدث في كيفية التعامل مع الأسلحة السورية واحتمال نقلها إلى لبنان، حيث يمكن لحزب الله أن يسيطر عليها ويستخدمها ضد إسرائيل. لكن خطط الاحتياط والمواجهة في هذا الإطار لا تزال سرية.

ومع تصاعد حدة القتال، قال مسؤولون أميركيون إن القوات الحكومية قد نقلت بعض المخزونات الكيميائية إلى أماكن أكثر أماناً، وهي خطوة قد تؤدي في الواقع إلى مساعدة القوات الغربية في حال قررت دخول سوريا للسيطرة على الذخائر أو تدميرها.

رسائل إلى سلاح الجو

والأسلحة الكيميائية في سوريا تحت سيطرة الوحدة 450 التابعة لسلاح الجو، ويعتبر أفرادها من أكثر الموالين لحكومة الاسد نظراً لأهمية الأسلحة التي في عهدتها. وقال مسؤولون اميركيون إنه تم في الأسابيع الأخيرة توجيه رسائل عبر قنوات خلفية لقادة هذه الوحدة، محذرة إياهم من أنهم سيعتبرون مسؤولين شخصياً إذا استخدمت الحكومة الأسلحة الكيميائية.

ويقول أحد المسؤولين في التحالف إنه لا يزال هناك قلق كبير من أن الأسلحة الكيميائية يمكن أن تقع في أيدي المتطرفين الإسلاميين الذين يقاتلون الحكومة أو أن تنتهي بيد حزب الله الذي أنشأ معسكرات تدريب صغيرة بالقرب من بعض مواقع التخزين.

وقال جيريمي بيني، المتخصص في شؤون الدفاع والإرهاب إنه quot;في حال حصل المتشددون على هذه الذخائر، فسيواجهون صعوبة في نشرها على نحو فعال من دون المدفعية المرتبطة بها، أو أنظمة الطائراتquot;، لكنه اضاف محذراً من أن quot;وقوعها في يد حزب الله يعني أن المجموعة ستكون قادرة على نشرها على نحو فعال ضد اسرائيل مع قليل من المساعدةquot;.