في رحلة باراك أوباما نحو نيل موافقة الكونغرس على قرار ضرب النظام السوري، لا بد أن يمر القرار في طريق متعرج، يخترق مناطق نفوذ تتعارض حينًا وتتقاطع حينًا، وأن يُحسب في حسابات إنتخابية مستقبلية.


بيروت: السباق محموم بين تأكيد موافقة الكونغرس الأميركي على توجيه الرئيس باراك أوباما ضربة عسكرية لسوريا، وبين رفضه ذلك. ذرائع القبول والرفض عديدة، لكنها تتغير في الميزان وفق عوامل عديدة، أهمها أمن إسرائيل، الذي يعتبر أساسيًا في آلية اتخاذ أي قرار بشأن مسألة دقيقة ومعقدة كالمسألة السورية.

وفي الطريق إلى تحديد ساعة الصفر والتنفيذ، يريد أوباما حماية ظهره في البيت الأبيض، فيعتمد على أعضاء نافذين في مجلسَي النواب والشيوخ، لحشد الدعم للضربة العسكرية على سوريا. وفي هذا الاطار، استعرضت واشنطن بوست اليوم آراء اثني عشر مشرّعًا أو مجموعة من المشرّعين، ينبغي رصدها في الأيام المقبلة، لأنها ستشكل أجزاء البوصلة التي ستقود دفة الكونغرس في التاسع من أيلول (سبتمبر) الحالي، حين يجتمع للتصويت على quot;ضرب سورياquot;.

ريد وماكونيل

أول المشرعين الذين تتناولهم واشنطن بوست هو الديمقراطي هاري م. ريد، زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ. فعليه سيعوّل أوباما لحشد دعم كافٍ لاستصدار قرار يجيز للرئيس استخدام القوة في سوريا، خصوصًا إذا هدّد أعضاء مجلس الشيوخ بالمماطلة السياسية لتعطيل التصويت على القرار. وسبق أن أعلن ديمقراطيون عديدون في مجلس الشيوخ معارضتهم اللجوء إلى القوة في سوريا، أو أن شكوكًا تنتابهم حيال المسألة برمتها، ما قد يصعّب مهمة ريد على نحو كبير، علمًا أن ريد تحول إلى أشد منتقدي الحرب في العراق بعدما صوّت لصالح الحرب في البداية.

أما المشرع الآخر فهو الجمهوري ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، الذي لم يعرف بعد إن كان سيترك لزملائه الشيوخ حرية التصويت، أم سيحشد ضد أوباما، ليمنعه من تحقيق انتصار سياسي قد يستغله في مسائل داخلية أخرى.

وبعد اجتماعه إلى أوباما أمس الثلاثاء، طالب ماكونيل أن يطّلع أعضاء الكونغرس والناخبون أكثر على الخطوات التي يجب القيام بها والتي يمكن إنجازها في سوريا والشرق الأوسط. فماكونيل يسعى لإعادة انتخابه في العام المقبل، لذا يريد الحفاظ على لحمة الكتلة الجمهورية في مجلس الشيوخ، تؤمن له الاستمرار في مقعده.

رؤساء اللجان

وبحسب واشنطن بوست، طالب كل من الرئيس الجمهوري لمجلس النواب جون أيه بوينر، وزعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس النواب إريك آي كانتور، والمسؤول عن الانضباط الحزبي لدى الأكثرية في مجلس النواب كيفن مكارثي، أوباما تزويد الكونغرس معلومات مزيدة عن الضربة. وقال بوينر وكانتور بعد الاجتماع مع أوباما أمس إنهما مع ضرب سوريا، بينما أبقى مكارثي قراره طي الكتمان.

ولا يُنتظَر من هؤلاء الثلاثة أن يحتسبوا رسميًا الأصوات التي يمكن أن تصبّ في مصلحة القرار أو ضدّه، ويقول معاونوهم إنه سيكون على الديمقراطيين أن يحشدوا الدعم الكافي لتمرير قرار يريده الرئيس. أما نانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، فهي إلى جانب أوباما بقوة في قرار ضرب النظام السوري، والمعروف عنها قدرتها على حشد الأصوات، من خلال التأثير على الزملاء المتردّدين عند الحاجة.

وإلى مجلس النواب، نظر أوباما إلى رؤساء وأعضاء بارزين في لجان العلاقات الخارجية والخدمات المسلّحة والاستخبارات في مجلسَي النواب والشيوخ، أملًا في أن يساهم الدعم الموحَّد من جانبهم في إقناع المشرّعين المتردّدين، خصوصًا الجمهوري مايك روجرز، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، والجمهوري هوارد مكيون، رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب، والجمهوري إيد رويس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، الذين يمكنهم ممارسة الضغوط على أعضاء اللجان، فضلًا عن الجمهوريين الأحد عشر الآخرين الذين يمثّلون ولاية كاليفورنيا في مجلس النواب.

كما يستطيع الديمقراطي إليوت أنجل، النائب الديمقراطي الأول في لجنة الشؤون الخارجية، من تغيير رأي زملاء له من نيويورك وولايات أخرى يعارضون قرار الضربة العسكرية.

الثنائي مكاين - غراهام

لم يصمت الجمهوريان جون ماكين وليندسي غراهام منذ أيام، فهما يساندان أوباما في قراره ضرب النظام السوري. لكن ماكين أبدى تحفظه أمس الثلاثاء حين قال: quot;لا أظن أنه كان يجدر بالرئيس القيام بذلك، عندما أعلن أننا سنشنّ هجمات كان عليه أن يبادر إلى التصرّف، كما فعل الرؤساء من قبله، جمهوريون وديمقراطيون على السواءquot;.

أما غراهام، فيقول: quot;على أوباما بذل الجهود الإضافية لإقناع المشرّعين المشكّكين بضرورة الضربة العسكرية لسورياquot;. وإلى جانبهما، ثمة أربعة مشرّعين جمهوريين يفكّرون في الترشّح للرئاسة في العام 2016، أو في إدراج اسمائهم لمنصب نائب الرئيس، وهم تيد كروز وراند بول وماركو روبيو وبول ريان، وأعلنوا عدم قناعتهم بجدوى الضربة.

ومقابل هؤلاء، ثمة ديمقراطيون يفكّرون في الترشّح للرئاسة أيضًا، مثل كيرستن جيليبراند وأيمي كلوبوشار وجواكين كاسترو. كما يتوقّف الأمر على قرار هيلاري كلينتون ونائب الرئيس جو بايدن بشأن الترشّح للانتخابات الرئاسية.

معارضة من الجانبين

وبحسب واشنطن بوست، ينشط النائب الجمهوري المشاكس جاستن أماش على موقع تويتر، مغردًا ضد الضربة العسكرية لسوريا، بينما تمكن النائب الجمهوري سكوت ريغل من إقناع أكثر من 140 مشرعًا بتوقيع رسالة يطلبون فيها من أوباما الحصول على موافقة الكونغرس قبل شن أي عملية عسكرية ضد سوريا، وهو مستمر في معارضة أي تورط عسكري في الشرق الأوسط.

وتقول واشنطن بوست إن ريغل يمثّل مقاطعة في فرجينيا تضم مئات آلاف العسكريين الحاليين والمتقاعدين، ولذلك فإن أعباء حربي العراق وأفغانستان على كاهل أسر الجنود تثير حساسية عالية لديه، شأنه شأن مشرّعين آخرين.

وفي الجانب الديمقراطي، تقف النائبة باربرا لي المناهضة للحرب، وهي أيضًا تمكنت من إقناع أكثر من 60 مشرعًا بتوقيع رسالة يطلبون فيها من أوباما الحصول على موافقة الكونغرس قبل ضرب سوريا، وتستمرّ في معارضتها للضربة العسكرية.

ويخاف البيت الأبيض أن تؤثر لي في زملائها السود بالكونغرس، ويزيدون عن أربعين، يحتاج إليهم أوباما ليتمكّن من تمرير القرار في مجلس النواب، الذي يشهد انقسامًا شديدًا.

وتلفت واشنطن بوست إلى وجود سناتورات تابعين للكتلة الديمقراطية، يشكّكون في جدوى العمل العسكري، ويريدون حججًا مقنعة قبل تأييد ضرب سوريا، فضلًا عن أن زعيم الأكثرية ريد يحتاج إلى غالبية من 60 سناتورًا ليتجاوز المماطلة السياسية التي يمكن أن تشلّ عمل مجلس الشيوخ، وفي هذه الغالبية السناتورَين جو مانشين الثالث وأنغوس كينغ، اللذين يرجّح صوتهما كفّة الموافقة أو المعارضة.