لم تكن الأفعال التي إستهدفت الأخوة المسيحيين بعد الأحتلال أفعال ممنهجة مخطط لها كما يروج له البعض،فهي لا تشابه ما يحدث للشيعة في العراق اليوم من إستهداف ذو أجندات خطيرة،، بل هي في أغلبها أفعال فردية أو حوادث وردات فعل أنتقامية وما حدث لكنيسة النجاة قبل أيام قلائل هو الأستثناء الوحيد مع كثير من علامات الأستفهام والتحفظ، لذلك نرفض الدعوات الغبية التي تطلق من هنا وهناك تطالبهم بالهجرة والرحيل وكأن القيامة قد قامت علاوة على أن أغلبهم محافظون عربيي الثقافة والأخلاق، والتقاليد، والعادات ولا يستطيعون الأندماج في المجتمعات الغربية المنحلة،، ورغم إدانتنا الشديده لتلك العملية الإجرامية التي إستهدفت مدنيين في كنيسة إلا أننا في الوقت نفسه نستغرب أشد الأستغراب لتلك الضجة والتضخيم الأعلامي الذي رافق تلك العملية الأجرامية وما زال لحد هذه اللحظة وربما سوف يستمر لشهور في مقابل تجاهل واضح وعدم أكتراث للدماء التي سالت عقب عملية الكنيسة بيوم واحد حيث هزت بغداد أكثر من 14 سيارة مفخخة أستهدفت لون وطيف عراقي واحد وخلفت أكثر من 100 شهيد وما يزيد عن 300 جريح وكأن فاعلها أراد أن يشفي قلوب وغليل الأخوة المسيحيين، وهذه الفاجعة الأليمة كان من المفروض لها أن تُغطي على حادثة الكنيسة ولو إعلاميآ على أقل تقدير لكن العكس هو الصحيح فحادثة الكنيسة لازالت تتصدر معظم نشرات الأخبار وتٌفرد لها الصحف في كثير من الدول بعض الصفحات بالخبر، والتحليل، والمواساة، والتعاطف أما مواقع الأنترنت فحدث ولا حرج فمقالات حادثة الكنيسة فيها أصبحت الشغل الشاغل والحدث الأهم.
لا شك بأن الوجود المسيحي قد أنتعش في بعض الدول العربية مستفيدآ من سمو الأسلام وتسامح مبادئه وخاصة تجاه الآخر المختلف وقد حافظ المسيحيون في الشرق على تماسكهم من خلال كنائسهم التي كانت كالمقرات بالنسبة لهم فأنغلقوا على أنفسهم وأوجدوا مجتمعآ خاصآ بهم وبذلك ترسخت العقيدة المسيحية التي يؤمنون بها بقوة بينهم حيث لم يطالبهم أحد بالإندماج وإحترام طريقة حياة الغالبية العظمى من أفراد المجتمع بل فرضوا في بعض الأحيان نمط وطريقة حياتهم، وقد هيمنوا من خلال تواجدهم في العالم الإسلامي الذي يعاني التخلف بسبب كثير من الأمور (لا مجال لذكرها هنا) على كثير من المسائل السياسية والثقافية والأقتصادية مما إنعكس على الوضع الإجتماعي في مجتمعاتنا وبذكاء شديد أيضآ فقد سيطر الأخوة المسيحيين على معظم وسائل الترفيه والمغريات، وتقلد كثير منهم مناصب سياسية رفيعة ولم يلاحظ أي تمييز مورس بحقهم بل لم تكن للمسلمين أي ردات فعل أو حالات إنتقام على مدى التأريخ الطويل ضد المسيحيين الذين يعيشون بين ظهرانينا على الرغم من حدة الأستفزازات والتعديات والمظالم التي أستهدفت ولا زالت الأقليات والجاليات المسلمة التي تعيش في الغرب في ظل ظروف قاسية،ولم يسجل التاريخ إن المسلمين ردوا على جرائم الإبادة وعمليات التطهير العرقي والطائفي التي أرتكبها الأسبان بحق المسلمين في الأندلس،وفي الأمس القريب حدثت مجازر للمسلمين في أوربا فهذا شعب البوسنة عانى من أقسى أنواع الجرائم وحشية تحت مرأى ومسمع وحماية الغرب ( المتحضر) الذي وقف موقف المتفرج بل المتواطئ أحيانآ في تنفيذ هذه الجرائم النكراء، علاوة على الجرائم الشنيعة التي أرتكبت ولا زالت بحق العراق وأفغانستان وهي دول مسلمة.
أن هناك اليوم مسؤولية أخلاقية وأنسانية قبل أن تكون دينية تقع على عاتق الأقلية المسيحية وخاصة النخبة الفكرية ورجال الدين وهي الدعوة الى إدانة الحيف والظلم الذي يتعرض له المسلمون في العراق وأفغانستان إضافة الى ما يتعرض له المسلمون اليوم من أستفزازات وتعديات وإنتهاك للحقوق في أوربا وكنا نتمنى أن يصدر بيان من السينودس الذي أنعقد في الفاتيكان مؤخرآ بحضور كبير لقساوسة الشرق يدين فيه الأسلامفوبيا الغير مبررة ويدعوا الى ترسيخ حالة التعايش والأنسجام والتسامح بين الأديان والثقافات،، كما أدان وأستنكر أغلب علماء ورجال الدين الإسلامي حادث كنيسة النجاة.
حيدر مفتن جارالله الساعدي
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات