غريب جدا ذلك التلازم المريع بين عمليات قطع رؤوس المسيحيين العراقيين الآمنين في بغداد وقضية إرسال الطرود البريدية المفخخة من اليمن على يد القاعدة وبين تصاعد الروائح الكريهة لنتائج نشر الوثائق العسكرية الأمريكية على موقع ( ويكليكس )!! لا أعتقد أن في الأمر مجرد مصادفة بريئة؟ ولا أتصور إن التصعيد الرهيب لأقصى درجات الإرهاب الأسود في بغداد مجرد مسألة روتينية في بلد تناهبه أمراء الحرب وصعاليك الطوائف وأغبياء الصراعات العشائرية وجهابذة المعممين الإيرانيين، ولا يمكن في النهاية وصف تلك العملية الأمنية الفاشلة لتحرير رهائن كنيسة سيدة النجاة في بغداد إلا بكونها مثالا لبؤس وعدم جاهزية القوات الأمنية العراقية للتعامل مع الأزمات الصعبة؟ فهذا العدد الهائل من الضحايا الأبرياء وبعضهم تم قطع رؤوسهم أمام الملأ! إضافة للفشل التعبوي الكبير في التعامل مع الموقف وعملية الفوضى الشاملة والإرتباك الأمني والإعلامي جميعها عوامل تؤكد بأن مرحلة ما بعد الإنسحاب ألأمريكي الشامل من العراق ستكون محطة تدميرية هائلة في العراق.. مبروك لقد نجحت العملية ولكن المريض مات!! بهذه العبارة يمكن توصيف نتيجة الرد الأمني الخائب لقوات مكافحة الإرهاب العراقية وهي تضرب خبط عشواء لتحقق خسائرا مذهلة وتحول عملية الإنقاذ لمجزرة بشرية وحمام دم رهيب في زمن عراقي صعب أصبحت معه مسالة تكوين حكومة عراقية بعد ثمانية أشهر من الإنتخابات بمثابة طموح غير مرئي!!،

لا أدري عن الكيفية والستراتيجية والتكتيك التي إتبعته قيادة عمليات بغداد وهي تخطط لتحرير الرهائن وإستئصال الإرهاب؟ ولا نعلم شيئا عن هوية القيادات العسكرية العراقية التي رسمت ونفذت مخطط التحرير الفاشل والمعبر عن بؤس شديد في التفكير والتخطيط والتنفيذ، وأعتقد أن المسؤول الأول والأخير عن ذلك الفشل الفظيع هو رئيس الوزراء بصفته القائد العام للقوات المسلحة!! فعلى مستوى الواقع الميداني لاتوجد عمليا قيادة عامة للقوات العراقية المسلحة؟ ولاتوجد قيادات للقوة البرية أو الجوية أو البحرية لترسم تكتيكات وخطط مواجهة الجماعات الإرهابية التي تنفذ ماتريد في الوقت الذي تريد وفي المكان والزمان الذي تريد..؟ فرئيس الوزراء( دام ظله الوارف ) لاوقت لديه لمتابعة الشؤون العسكرية فهو مشغول بتحالفاته الإيرانية لضمان البقاء في السلطة خلال السنوات الأربع المقبلة وهي سلطة يريدها حزب الرئيس القائد ( الدعوة ) أن تبقى قائمة حتى يسلمها الأحفاد للمسيح المنتظر أو لأاي منتظر آخر..؟.. ولايهم مع ذلك إن إنتشر الإرهاب ووصل لبوابات المنطقة الخضراء ولسان حالهم يقول كما قال آخر خليفة عباسي ( المستعصم بالله ) وهو يسمع ويشاهد إكتساح المغول للعالم الإسلامي! فحزب الدعوة يقول : ( إن المنطقة الخضراء تكفيني ولاضير في سقوط باقي المواقع بيد الإرهاب وأهله )!!

لوكان هنالك برلمان عراقي حقيقي خالي من الولاءات الطائفية والعشائرية وأسلوب ( شيلني وأشيلك.. وأنا بتاعك يابيه )!! لتمت جرجرة رئيس الوزراء بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة لمنصة الإستجواب وحتى المحاكمة نتيجة للتقصير الكبير وللفشل الأكبر في حماية المدنيين ودور العبادة لجميع العراقيين؟ولكن في العراق كل شيء صابون!! وكل الفظائع والأهوال تمر مر الكرام ولا يوجد مسؤول عراقي واحد يحترم دماء العراقيين ومعاناتهم، والقصور الأمني كبير وفظيع بسبب حالة الترهل والتسيب والبناء الخاطيء في المؤسستين الأمنية والعسكرية والإختيار السيء للعناصر القيادية تصوروا إن بعثات العسكريين المرسلين للدورات الخارجية مثيرة للشفقة فمعظم العناصر من أعمار متقدمة وحيث تتدلى كروشهم وتسيح على جوانبهم وأشكالهم لا تسمح أصلا بأي عمل عسكري فهم يصلحون لأي شيء سوى للأعمال العسكرية! ولكنها دولة التحاصص والتناطح الطائفية العراقية التي أفرزت كل هذا الكم الهائل من العجز والفشل والضياع الحقيقي لمؤسسات الدولة بعد تدهور قواها الأمنية والعسكرية بفعل الإحتلال ونتائج افعال عملاء النظام الإيراني في العراق، لقد هزلت الأمور حتى أضحى عديم الخبرة والعلم بالشؤون العسكرية قائدا عاما للقوات المسلحة وهي نفس الصيغة الفاشلة في الزمن البعثي البائد وحيث كان صدام حسين قائدا عاما للجيوش رغم أن خبراته العسكرية لم تكن وقتها تتعدى الخبرة الميدانية في معارك المقاهي والشوارع..! خصوصا بعد إن إستطاع قصقصة أجنحة جنرالات الحزب والجيش و أبعدهم نهائيا عن دائرة التأثير منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي وحيث كان صدام يعلن وقتها من خشيته من وجود ( بينوشيت ) عراقي إشارة للجنرال الشيلي أوغستو بينوشيت الذي أطاح بحكم الرئيس المنتخب سيلفادور الليندي في سبتمبر عام 1973؟ ورفع عددا من الأميين لمناصب عسكرية مهمة تحولوا بعدها لجنرالات وقادة للجيوش رغم أميتهم الفاضحة مثل علي حسن المجيد ( كيمياوي ) و الصهر الذي كان حسين كامل المجيد.. وغيرهم العشرات..؟ اليوم يكرر المالكي وحزب الدعوة نفس اللعبة المقيتة من خلال إعطاء المناصب العسكرية والإدارية المهمة في وزارات الدفاع والداخلية لصعاليك حزب الدعوة لكي يضمنوا سيناريوهات السيطرة على مفاصل الدولة العراقية..؟ وهي لعبة مستهلكة و مكشوفة، لاحل في العراق إلا بتقديم المقصرين للمحاكمة وأولهم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة.[email protected]