ربما لم يجد ذلك quot;المُدمنquot; مبرراً عندما أقتحم مستشفى الأمل في العاصمة السعودية الرياض قبل أيام داخلاً بمركبته لأروقة العلاج، إلاّ أنه يريد الدخول، والدخول فقط. للعلاج.. للمراجعة.. للزيارة.. للإطلاع.. للمعرفة.. لأي شيئ. المُهم أنه أراد الدخول وسُمح أم لم يُسمح له لأي سبب، فأضطر إلى العودة واستخدام مركبته لاقتحام أسوار quot;الأملquot; بحثاً عنه.

عزيزي quot;المُدمنquot;: اسمح لي أن أعتذر لك نيابةً عن كلِ القائمين على مستشفى بحجم quot;الأملquot;، ونيابة عن كل من يرعى وزارة بحجم الصحّة، ونيابة عن كل من يدّعي المسؤولية الاجتماعية بحجم المجتمع... فالواقع الذي نعيشه لا يتحمّل أخطاء الآخرين، حتى وإن كنت قد وقعت في فخ المخدّر، عليك الخروج منه أو ستظل تقتحم خلايا عقلك إدماناً، إلى أن يستشري في مجتمعاتنا داؤك الفتاك. بينما يشير المنطق، إن كان هناك منطق: إلى النظر فيما تُعلن عنه وزارة الداخلية السعودية من وقت لآخر، عن الكميات الهائلة من الحبوب المخدرة والحشيش وغيرها التي يكشف عنها على خلفية تلك العمليات التي كانت قوات الأمن السعودية قد أحبطتها في منافذ الجور والبر والبحر.

لعل خطوة الإفطار الرمضاني الذي جمع المثقفين والإعلاميين وبعض الفنانين والمشاهير بالمرضى المنومين للعلاج في مستشفى quot;الأملquot; كانت خطوة إيجابية، ولكنها خلّفت فجوة دامت أكثر من ثلاثة أشهر حتى الآن دون أن يظهر هلال quot;الأملquot; الذي ما زلنا نتحراه.. أعزائي منسوبي مستشفيات quot;الأملquot; في أنحاء بلادي: كيف يمكن لكم زيادة دافعية العلاج لدى المرضى؟ وأنتم بعيدين كل البعد عن احتوائهم وتشريع الأبواب لهم! والأدهى من ذلك ابتعادكم عن البحث عنهم وإقناعهم بضرورة العلاج أو إقامة المعارض التوعوية المتنقلة في أرجاء البلاد للتعريف بالأضرار ومن ثم تسهيل مراحل العلاج؟

كيف يمكنكم منع تكرار الانتكاسة للمُدمن؟ وتفعيل دور الرعاية اللاحقة التي أعلنتم عنها عبر بيت منتصف الطريق والذي له دور كبير في احتواء المتعافين من الإدمان ودمجهم بالمجتمع؟ وقلتم حينها: quot;سيفتتح قريباquot;. والآن بعد عام وأكثر بكثير، اسمحوا لي أن أقول: يبدوا أنكم قد أصبتم بداء quot;الأملquot;!

من منا لا يعرف المقولة الدارجة: quot;لا.. للمخدراتquot;؟ والتي للأسف الشديد جرفت خلفها القاصي والداني بحثاً عن نتائج التجربة الأولى. لوائح الدعاية الإعلان تؤكّد بأن هناك خلل كبير، لم يتريّث أمامه واضع تلك العبارة ومشرعها، ما أصّل من quot;لا.. للمخدراتquot; دعوة مبطّنة لمن لا يعرف المخدرات ونتائجها فاستجاب للدعوة، والنهاية: quot;جزء من المخ مفقودquot;!.

روي لي.. بأن إحدى العائلات المحترمة كانت قد يئست من البحث عن مأوى لعلاج أحد أبنائها من الإدمان بل وإقناعه بذلك، في ظل ازدحام وانشغال مستشفى الأمل بالمرضى وعدم استقبال منسوبيه لبعض الحالات، مما جعل تلك العائلة تلجأ للجهات الأمنية المتخصّصة في مكافحة المخدرات، وبشكل غير رسمي عبر أحد أفراد العائلة، وذلك ليوصي بالقبض على ذلك الابن التائه والذي لم يجد مأوى للعلاج بل طالت أضرار إدمانه صغار العائلة وكبارها بالتفشي والتعدّي.. عزيزي المُدمن: إن quot;الأملquot; الذي تريده غير موجود في الخدمة مؤقتاً!

* كاتب وإعلامي سعودي
[email protected]