منذ انطلاقتها عام 2004 بلغت تكاليف قناة الحرة وراديو سوا اكثر من 700 مليون دولار.

المهمة المعلنة هي كسب عقول وقلوب العرب. منذ تأسيسها تعرضت فضائية الحرة لحملة كثيفة من الانتقادات. لا استطيع ان اتذكر عدد المقالات اللاذعة التي كتبت عن الحرة ولكن لم اقرأ الكثير عن الحلول. طبعا من السهل ان نكون ناقدين وسلبيين بدل ان نكون ايجابيين ونعرض الحلول. لا احسد ادارة الحرة لوضعهم الصعب الذين لا يحسدوا عليه. والسبب هو انك لا تستطيع القيام بدورك الاعلامي بينما تنظر باستمرار خلف ظهرك خائفا من ازعاج هذا اللوبي او عضو مجلس الشيوخ ذاك. لا يمكن ان تستطيع ادارة قناة اخبارية تحت هذه الظروف. اعرف وافهم ان الاعلام هو حقل من الالغام لا سيما في الشرق الأوسط الغير مستقر.

النواقص والمشاكل والعيوب

قامت عدة هيئات ومؤسسات بالتحقيق في اداء قناة الحرة الاعلامي ووجدوا انها تعاني من مشاكل موظفين وادارة. في ديسمبر 2008 أصدر مركز الديبلوماسية العامة في جامعة جنوب كاليفورنيا دراسة تستنتج فيها ان قناة الحرة لم تستطع ان تؤدي دورها انسجاما مع ادنى مستويات الصحافة وان القناة تعاني من تخطيط هزيل للبرامج وسؤ ادارة مالية. في عام 2009 انتقد تقرير المفتش العام المستوى الضعيف للاتصالات والتواصل بين الادارة والموظفين في قسم الاخبار. وانتقد التقرير ادارة تغير رأيها باستمرار وتعطي اجوبة غامضة لاسئلة يطرحها المحققون او للاستفسارات العامة. ولكن التقرير اضاف ان القناة بحاجة لشفافية وكبح لللانفاق المفرط. وفي تقرير آخر لهيئة الاشراف الاذاعي BBG تم وصف الادارة بالضعيفة.

الآن نعرف ان قناة الحرة الممولة اميركيا والناطقة عربيا تعاني من مشاكل ادارة وعجز في تقديم خدمة اعلامية قوية. اذا نحن امام أداة علاقات عامة باهظة التكاليف لا تحظى باعداد كافية من المشاهدين. كيف نعرف ذلك وكيف نتأكد من ذلك؟ ولكن مديرة الاتصالات (العلاقات العامة)

Deirdre Klein ديردري كلاين في الهيئة المسؤولة عن الحرة وتعرف باسم MBN اي

East Broadcasting Network Inc Middle نفت التقارير واعتبرت ان هذا تشويه للحقيقة عندما قرأت مقالي باللغة الانجليزية في موقع آخر. وبنفس الوقت قالت مدافعة عن الحرة ان القناة اطلقت برنامجا ناجحا عنوانه اليوم مدته 3 ساعات يوميا وينقل من 4 عواصم عربية في آن واحد وقالت ان الدراسات تشير الى ازدياد نسبة المشاهدين. هذا جيد ومشجع ايضا.

من يشاهد القناة؟

المدافعون عن الحرة يوقولون انها تستطيع الوصول الى 27 مليون مشاهد عربي. ماذا يعني ذلك بالضبط. السؤال هو من يشاهد وما هي الارقام وما هي معايير القياس؟ تشير بعض الدراسات ان القناة احرزت 9% من المشاهدة وهناك من يعتقد ان هذه نسبة مبالغ بها. الشكاكون يعتقدوا ان النسبة 2% اقرب للحقيقة. من الواضح انها فشلت في الحصول على حصة محترمة من المشاهدين. واشارت دراسة ميدانية انترميديا نيابة عن مؤسسة ايه سي نيلسون عام 2009 وجدت ما يلي: في مصر التي هي اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان جاءت الحرة بمرتبة 18 وفي الاردن 14 وعمان 11 والامارات 19 حيث ان شخصين فقط من العينة التي اخذت في الامارت شاهدا الحرة الليلة قبل الاستفتاء و 61 شاهدوا الجزيرة.

كما اوصى مركز الديبلوماسية العامة أن تقوم الحرة بتطوير اساليب ومعايير بديلة لتقدير مدى تأثير القناة على المشاهدين. ولكن ما هو مؤكد واقول ذلك كمراقب للمشهد الفضائي الاعلامي العربي ان الحرة فشلت في الحصول على حصة معتبرة من المشاهدين. ولكن نسبة المتابعة في العراق ولبنان افضل من بقية الدول العربية.

عندما اطلقت الحرة عام 2004 كان العالم العربي مشبعا ومكتظا بالقنوات الاخبارية الفضائية والتي لا تزال تتزايد بشكل ملحوظ. ونقرأ عن مخططات لمحطات جديدة ناطقة بالعربية تابعة لفوكس نيوز وسكاي نيوز مع شركاء محليين.

ستعاني الحرة من وصمة التمويل الأميركي الذي سيبقى عبء على القناة. كل من تحدثت اليهم يعتقدوا ان الحرة هي اداة دعائية نيابة عن الولايات المتحدة. فشلت القناة في اثارة الجدلية في الشارع فشلت في هز القارب وفشلت في تحريك مقياس الريختر الاعلامي. كان هناك ضجة كبيرة عندما شارك ضيف من رام الله في برنامج اخباري ووصف اسرائيل بأنها دولة احتلالية عنصرية. تعرض المقدم للانتقاد لأنه لم يتصدى للضيف. كيف يستطيع المذيع ان يتدخل هذا ليس واجبه. التصدي يجب ان يأتي مع ضيف متعاطف مع اسرائيل وليس من المقدم. لا يمكن التحكم بما سيقول الضيف في الاجابة على سؤال. استضافة ضيوف مثيرين للجدل سيجذب المشاهدين. استضافة الحذرين جدا يفعل عكس ذلك.

عندما حاول لاري ريجستر وهو مدير سابق للاخبار في الحرة ان يعطي المحطة مصداقية اكثر تعرض لهجوم شديد بسبب تغطية مؤتمر في طهران ونقل احد خطابات حزب الله.

حببنا ام كرهنا الشرق الاوسط مليء بالانظمة السيئة والدول المارقة والمنظمات المتطرفة وبما انها موجودة على الساحة لا نستطيع تجاهلها لأن ما تقوله وتفعله له تأثير علينا جميعا. هل نفرض تعتيم كامل عليها لنرضي هذا اللوبي او ذاك؟. وفي النهاية تم اجبار السيد ريجستر على الاستقالة في حزيران 2007 وسط موجة من الانتقادات ان الحرة لم تتصدى لبيانات معادية لأميركا واسرائيل. هذا يمكن علاىجه باستضافة معلقين متعاطفين من اميركا واسرائيل.

مقترحات وحلول

الحرة بحاجة الى اصلاح جوهري كامل يشمل تركيبة المحطة التوظيفية وتغييرات في طواقم العمل. استبدال الموظفين الذين لا يتميزوا بالكفاءة. عدد موطفين الحرة يزيد عن 650 موظف مما يجعلها ثقيلة بيروقراطيا وصعبة الادارة وغير عملية. بالامكان ادارة محطة ناجحة بنصف هذا العدد حيث يبلغ عدد موظفين فضائية بي بي سي الناطقة باللغة العربية حوالي 220 موظف. هل تحتاج الحرة 650 موظف؟

تعيين صحفيين مؤهلين ومهرة يتقنوا اللغتين العربية والانجليزية. لكي تحقق اختراقا في العالم العربي عليها ان تكون رائدة في مجال حرية التعبير ومعالجة القضايا الحساسة والمواضيع المحرمة. بجب ان تكون قادرة على انتقاد السياسة الخارجية الاميركية الخاطئة تماما كما تفعل صحف النيويرك تايمز واواشنطن بوست الاميركية. على الحرة ان تتعامل مع العالم كما هو. اذا كانت المستوطنات التي تشيدها اسرائيل في المنطقة المحتلة غير قانونية وتنتهك المواثيق الدولية يجب قول ذلك وعدم تلميع ذلك بعبارات ديبلوماسية. انتقاد اسرائيل ليس ضد السامية وليس ضد اليهودية بل ضد السياسات والممارسات الخاطئة التي ترتكبها اسرائيل.

على الحرة ان الا تتردد من فضح انتهاكات حقوق الانسان من قبل اي نظام حتى لو كان هذا النظام حليفا لأميركا. وعلى الحرة ان لا تتردد في كشف التفاصيل المرعبة التي جاءت في وثائق ويكيليكس عن الجرائم ضد الانسانية في العراق؟ وماذا عن جرائم اسرائيل في غزة والضفة الغر بية؟

ونتساءل لماذا اختار الرئيس اوباما قناة العربية للقاءه التلفزيوني الأول الموجه للعالم العربي ولم يختار الحرة؟؟

اذا ارادت الحرة ان تكون موثوقة وارادت ان تكون ذات تأثير وتستقطب المشاهد العربي عليها ان تسمي الاشياء بمسمياتها. لا تستطيع ان تدير قناة فضائية بسوق تنافسي مزدحم وان تبقى حذرا وخائفا من ان تؤذي احدا.

لا تقل شيئا مسيئا ضد اميركا واسرائيل والتزم الهدوء وابتعد عن الجدلية سوف لا يشاهد القناة احد ولا يعيرها احد اي اهتمام.

الجزيرة والعربية حظيتا باعداد كبيرة من المشاهدين بسبب الجرأة في الطرح.

لاكتساب نوع من المصداقية يجب السماح لذوي الرأي الناقد للسياسة الأميركية ان يشاركوا في الحوارات وان تنقل المحطة الاخبار التي قد تعتبر غير ودية او سلبية لصورة اميركا. ان تبقى خائفا وحذرا فقط لارضاء جماعات الضغط سوف لا يستقطب مشاهدين جدد. أن تقدم للمشاهدين مواد لطيفة محايدة وغير مؤثرة هو هدر للمال والكفاءات. اسلك الطريق الآمن ولا تزعج احد ولا احد يشاهدك.

اعلامي عربي لندن