إن متابعة الإنتخابات البرلمانية المصرية القادمة هي أمر شاق للمتابع فهي خليط بين المعقول واللامعقول، بين الجد والهزل،بين حزب واحد يصول ويجول واحزاب عدة مكدسة غير واضحة البرامج ولا المعالم ليس بينها وبين الحزب الواحد الكبير اي رابط إلا في شكل واحد وهو إفتقاد الشعبية والزخم الجماهيري الذي هوفي الأساس عضد أي حزب له مصداقية وقيمة وسط الشارع.

حاولت أن أفهم مستقبل هذه الإنتخابات؟ وكيف ستسير؟ وما مدي شفافيتها؟ـ رغم إيماني المطلق بفوز الحزب الوطني حزب الحكومة لسبب بسيط وهو أن واقع مصر السياسي لم يتغيربعد ولا يبدو انه سيتغير في القريب العاجل لا قبل الإنتخابات ولا بعدها، وهذا واحد من أهم الأسباب الأساسية التي تدعو الناخبين الي العزوف عن الإدلاء بأصواتهم، ومن ثم عدم إكتراث المراقبين والمتابعين لهكذا انتخابات محسومة نتيجتها للحزب الحاكم مسبقا، لكن الإهتمام الإعلامي بحكم العمل ومتابعة الحدث قد يدفع المرء دفعا الي متابعة ما يدور من حوارات اعلامية صحفية وتليفزيونية، ريثما يظهر شيئا جديدا يحيل الإحباط الي تفاؤل واليأس الي أمل،فالإعلام يقوم ومنذ فترة وجيزة بإستضافة العديد من المسؤليين الانتخابين سواء مرشحين أو مشرفين أو منظّرين أو محلليين.

إن متابعة أفكار كل هؤلاء يعطي مؤشرات صادقة عن سير العملية الإنتخابية المرتقبة في مصر، علي سبيل المثال يفند أعضاء الحزب الوطني الضالعين في العملية الإنتخابية من مستشارين وإعلاميين وقيادات حزبية مزاعم المعارضة التي تؤكد علي نية الحزب الحاكم بتزوير الانتخابات المرتقبة الي نفي تلك المزاعم مؤكدين في نفس الوقت علي أن هناك لجنة مستقلة شكّلت للإشراف علي العملية الإنتخابية المقبلة ويبدو جليا أن تشكيل أي لجنة في السياسة العربية هو حل لأزمة ما تحرج الحكومة lsquo; فإذا حدث أي خطب في الدول العربية يتسبب في حرج الحكومات أمام شعوبها تتشكل علي الفور لجان للتحقيق أو لدراسة الموقف وإصدار التوصيات أو للإشراف علي الإنتخابات وهذا دواليك حتي ينسي الناس أو يتناسوا ما حدث.

لقد حاولت فهم دور اللجنة المشرفة علي الإنتخابات المصرية ومدي صلاحياتها،لكني أعترف بعد متابعة حثيثة لم أتبين شيئا يمكن أن نقوم به هذه اللجنة لضمانة أن الإنتخابات البرلمانية القادمة ستجري بشكل نزيه وشفاف، فعندما يتطرق الأمر مثلا الي الإستعانة بمراقبيين دوليين،تثور قيادات صحافة الحزب الوطني ثورة عارمة وتراهم علي القنوات الفضائية وشرر الوطنية يتطاير من عيونهم، وكيف أن مصر التاريخ والحضارة تستعين بمراقبين دوليين لمراقبة الإنتخابات فيها، وينسون أو يتناسون في ثورة حماسهم تلك السنوات الطويلة من التزوير والتزيف بل وينسون فضائح النواب البرلمانيين الذين كشفتهم المحاكم المصرية وأدانتهم بسبب الفساد.

ان أكثر ما يغيظ المتابع هي تصريحات قيادات الحزب الوطني عن الشفافية والحرص علي أن تجري الإنتخابات المقبلة في جو ديمقراطي، إن البراءة المصطنعة في عيونهم وهم يتحدثون ويكررون ويزيدون عن حل النزاهة والشفافية الإنتخابية المتمثل في اللجنة التي تأسست للإشراف علي الإنتخابات يبدو أمرا محيرا، فتلك الجنة في راي أحد قضاة مصرالمستشار احمد مكي نائب رئيس محكمة النقض وفق ما نشرته جريدة اليوم السابع في 26 أكتوبر الماضي يقول أن صلاحيات اللجنة العليا للانتخابات محدودة، ولن تقوم فى مصر مؤسسة قادرة على حماية نزاهة الانتخابات إذا رأت الحكومة تزويرها، مستطردا أن مؤسسات الدولة ذات نظم فردية وهذا هو حجمها الحقيقي.

إذن الجو العام للانتخابات القادمة يشكك في نزاهتها، فبعد إستحداث تلك اللجنة تم محاصرة الإخوان والضغط عليهم لتخليهم عن الشعار الذين يرفعونه وهوquot; الاسلام هو الحلquot; ومن ثم الزج بأعداد منهم في السجون والتحقيق معهم،ورغم أن الأحزاب اليمنية هنا في أوربا ترفع في مواسم لإنتخابات الشعارت المتطرفة المعادية للأجانب والمهاجرين،لاتتم محاكمتهم أو محاسبتهم،فالأحزاب والمجموعات تطلق الشعارت التي تنبع من الفكر والإنتماء لجلب اصوات الناخبين وهي لعبة سياسية معروفة لا تستحق المحاكمة والمنع، غير أن التضيق الآخر علي حزب الوفد اتخذ منحي جديد وهو عدم الموافقة علي بث الدعاية الإنتخابية له علي تليفزيون الدولة،وهي كلها مؤشرات تظهر كيف أن النتيجة سوف تكون محسومة للحزب الوطني.ومبروك مقدما!!!