الآن وقد أخذت تباشير أنفراج أزمة الحكم تلوح في الأفق، بعد قرار المحكمة الأتحادية إلغاء بدعة الجلسة المفتوحة، فأن ذلك ولا شك يبعث لدىالشعب العراقي شيئاً من الراحة والتفاؤل بعد أشتداد الأزمة وتعقد الصراع. ولكن هذا التفاؤل يظل مجروحاً وخاضعاً لكثير من الاشتراطات التي قد تأتيعلى كثير من دواعي الفرح والتفاؤل، حيث سيكون للدول الأقليميةاستحقاقاتها التي ستعبر عنها مختلف الأطراف السياسية، وهذه الاشتراطات لنتكون -مع الأسف- الا على حساب الكثير من مصالح الشعب العراقي، وفوق هذه
الأشتراطات الأقليمية يتربع الأستحقاق الدولي الذي لن يكون هو الآخر بلاثمن.

سبع سنوات تصرمت والقلق يفترس خلالها هناء الشعب العراقي وخبزهواطفاله، حتى صار وكانه أدمن القلق وماتت كل مشاعره، سوى الخوف رايتهووسادته.

سبعة أشهر والصراع اللاموضوعي، البعيد عن مصالح الشعب العراقي وهمومه،يزرع اليأس والنقمة لدى المواطن العراقي المبتلى، وكأن الأربعين سنةالعجاف التي تجرعها حتى الآن لم تعد كافية، وان من مستلزمات شطبالدكتاتور، شطب شعب بكامله معه، فيطوف سياسيوه الأقطار يتسولون اقتسام
المصالح والحصص بما يملأ النفس قنوطاً وغثياناً.

بلغت ميزانيات العراق خلال الأربع سنوات الماضية(311) مليار دولار وميزانية عام2010 بلغت(72.4) مليار دولار وهي تتجاوز ميزانية أربع دول عربية وهي سوريا(24 مليون نسمة) والأردن ولبنان واليمن وما زال العراقيلهث وراء القروض، دون ان يسمع الشعب تبريراً أو حساباً بأمواله وثرواته حتى الآن.

لم نسمع اعتذاراً واحداً لهذا الشعب مما عاناه وقاساه خلال السبعسنوات المنصرمة، والعكس ابتدعنا بدع جديدة ومنها أن يذهب المسؤول المختلسبأموال الشعب معززاً مكرماً الى حيث يتنعم سعيداً بمباذله وسرقاته بعد انأتعبته سنوات النضال والعبادة!!.

أكدنا أكثر من مرة ان وجود معارضة وطنية فعالة في البرلمان هو منمستلزمات الديمقراطية وضماناً لمصالح الشعب العراقي ومقوماً لعثراتالسلطة وشططها وليس العكس، ولكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه اذ كما يبدو ان المحاصصة بمختلف بواعثها وأسبابها، صارت تنسحب على السياسة العراقيةبقوة وتفرض اقتسام الكعكة واعطاء كل طرف من اطراف الصراع نصيبه، وخلافهسيلفظ الأمن أنفاسه المرهقة فتعود المتفجرات وكواتم الصوت والعبواتاللاصقة الى آخر ما هنالك من فنون وابداعات -الصراع الوطني!!؟؟- الذي يستدعي المصالحة الوطنية!! بأقتسام عادل للمكاسب والغنائم!!.

المطلوبات صارت قائمتها طويلة وعريضة وأولها بناء الدولة.. دولةالمؤسسات المدنية الديمقراطية.. وليست دولة البطل الواحد الذي يفرض سيطرةالسلطة التنفيذية على السلطات الأخرى للدولة، وبالتالي يختزل الدولة في سلطتها التنفيذية التي تجعل السلطتين التشريعية والقضائية تابعتينللتنفيذية.

لقد اراق الشعب العراقي انهاراً من الدماء ورصع اديم الوطن بمقابرالشهداء الجماعية، التي ما زالت حتى الآن لم تكتشف جميعها.. ومن غيرالمعقول ان يكلل هذا النضال وتلك الآلام بما نحن فيه الآن.. رويدكمورحمتكم بهذا الشعب الذي كرمكم واسبغ عليكم العز والمجد والنعمة الباذخة.

نأمل ان يكون هذا المقال امام القاريء الكريم وقد تشكلت الحكومة بأقصىما يمكن من التوازن والوئام، من كفاءات تتمتع بالتاريخ والنزاهة والشعوربالمسؤولية الوطنية والحرص على مصالح الشعب. وتكون المصالحة الوطنيةالمنشودة قد تربعت على عرش السياسة العراقية بما يؤمن انحسار الأرهاب وحلول السلام السياسي والاجتماعي لبناء عراق ديمقراطي فدرالي موحد بعيداًعن المحاصصة الطائفية.