يخيل الي في بعض الاحيان ان الله سبحانه وتعالى لما قسم السذاجة على شعوب العالم، اعطى حصة الاسد لنا نحن الاكراد، فقد ابتلينا بهذه الصفة غير المحمودة.. وهي تعني؛ الثقة الزائدة بالناس وبخاصة الاشخاص الذين ليسوا اهلا لذلك، التبعية العمياء للاخرين والمبالغة في التسامح والعفو حتى مع الاعداء.. والساذج يظل دائما على نياته الطيبة وفطرته الصافية لذلك يسهل خداعه واستدراجه..

وبما اننا سذج والسذاجة التصقت بنا التصاق الروح بالجسد، حتى اصبحت قدرنا الذي لانستطيع الفكاك منه ولو quot;بالطبل البلديquot; على حد قول اخواننا المصريين، فاننا نتعرض دائما لعمليات خداع ونصب مستمرة من قبل كل من هب ودب من الشعوب والامم المجاورة و غير المجاورة، حتى اصبحت حياتنا سلسلة من المؤامرات المحبوكة والمقالب السياسية quot;البايخةquot; التي تحاك ضدنا، وكثيرا ما يتم ذلك بموافقة وتعاون مسبق من عندنا، دون اكراه او اجبار من احد، واخر هذه العمليات التي كلفتنا الكثير من التضحيات كالعادة ؛ المشاركة في اسقاط النظام البعثي مع الجيش الامريكي، وارسال قوات البيشمركة الى بغداد لهذا الغرض، ومن ثم المساهمة في تأسيس الدولة العراقية الجديدة واقامة مؤسساتها و تفعيل دورها دوليا واقليميا، مقابل ماذا ؛ مقابل لاشيء!..

كل ما استطعنا الحصول عليه، كم وزارة سيادية في العراق! مجردة من الصلاحيات والفعاليات، لاتهش ولا تنش، يحركها الحاكم لامرالبلاد نوري المالكي كيفما يشاء..
فيما ظلت المشاكل الكثيرة العالقة بين المركز والاقليم على حالها، لم تحل، ومواد الدستور تعطلت وبخاصة المادة 140 و الفدرالية غدت مجرد حلم ديمقراطي جميل نتغنى به امام العالم، لم يتغير أي شيء، كل يوم نبدأ من النقطة التي انطلقنا منها اول مرة وهكذا ما ان نخطو خطوة حتى نرجع خطوة الى الوراء، ولا احد يستطيع ان يوقف زحفنا القهقري.

واليوم بعد مرور اكثر من سبعة اشهر من الانتخابات التشريعية، واخفاق القوى السياسية في التوصل الى اتفاق حول تشكيل الحكومة المرتقبة تتقاطر الكتل و الائتلافات و الاحزاب الصديقة والشقيقة الى اربيل من اجل ايجاد حل سحري عند الكردي quot;الساذجquot; تمهيدا لاخضاعه لعملية خداع..

وكعادتنا الدائمة وقعنا مرة اخرى في فخ الاخوة الاعداء وبدأنا نطرح مبادرات ساسية ومشاريع وطنية لانقاذ العراق quot;الجريحquot; من كبوته، وجمع الاخوة في حكومة شراكة وطنية، نسينا في لحظة صفاء اخوية، ان هؤلاء quot;لاغيرهمquot; هم الذين تنكروا للوعود التي قطعوها لنا، وقلبوا لنا ظهر المجن، وهم من وقفوا سدا منيعا امام طموحاتنا الوطنية المشروعة..

ومن المفارقات العجيبة التي لا تحدث الا عند ساسة الاكراد، ان رجلا يتهم بالعنصرية مثل اسامة النجيفي استقبل استقبال الابطال في عاصمة الاقليم واخذ بالقبل والاحضان! بحجة ان اللعبة السياسة تفرض في بعض الاحيان هكذا معاملات خاصة!.. طبعا هذا تبسيط ساذج جدا لادنى اصول و قواعد السياسة، فالاعراف السياسية الدارجة تقتضي المعاملة بالمثل، وهذه سنة متبعة في كل انحاء العالم..

فعلى الرغم من الحفاوة التي حظي به هذا الرجل، فانه لم يشأ ان يتنازل عن ثوابته المعروفة قيد شعرة؛ لا اعتراف بالمادة 140 التي تعالج القضايا العالقة..تأجيل النقاط الخلافية ومن ضمنها تلكم المتعلقة بمدينة كركوك الى ما بعد تأسيس الحكومة المرتقبة...عدم عودة قائمة نينوى المتآخية الكردية الى مجلس المحافظة الذي استولى عليه حزبه لممارسة استحقاقها الانتخابي، الا بشرط ان يخضع الجانب الكردي للسياسة العنصرية التي ينتهجونها خضوعا كاملا، و اخيرا وليس اخرا، ترك مناقشة الورقة الكردية المتضمنة 19 بندا الى اللجان التفاوضية للبت فيها quot;يعني بعد ان تقع الفأس على الرأس وتنتهي مشكلة تشكيل الحكومة لصالح كتلته طبعاquot;..

وعلى ذكر الورقة الكردية فانها تبقى ناقصة وغير ذات اهمية من دون تضمينها بند غاية في الاهمية، بدونه تفقد الورقة قيمتها الشرعية وتبقى مجرد حبر على الورق.. كان من المفروض على قادة الكرد ان يتعضوا من التجارب السابقة و يشترطوا على الجانب العراقي توثيق الورقة من جهة دولية مرموقة مثل الامم المتحدة وبحضور ممثلي الجامعة العربية و وفود دول العالم المتنفذة اسوة بالاتفاقية التي عقدت بين قادة اقليم جنوب السودان والحكومة المركزية عام 1995بحضور مكثف من قبل ممثلي المنظمات الدولية لتأخذ الورقة طابعا شرعيا دوليا، ولا تبقى قضايانا المصيرية رهنا باهواء القادة العراقيين الذين اثبتوا انهم لاعهد لهم ولاايمان ولا يعيرون أي اهمية لاي ورقة سواء المكتوبة quot;كالدستور العراقيquot; اوغير المكتوبة، لافرق، فهم في كلا الحالين ينقضون عهدهم ولا يلتزمون بكلامهم، وهذه عادتهم التي دأبوا عليها منذ تأسيس الدولة العراقية.. ولن يحيدوا عنها ابدا... ومن يقول غير هذا، فلينتظر ويرى وسوف يعلم... وان غدا لناظره قريب!.....

[email protected]