حيدرعبدالرضا من مسقط: قانون التخصيص الذي أصدرته السلطنة منذ أيام مضت يعتبر عملية "التخصيص" جزءا من برنامج الحكومة للإصلاح المالي والهيكلي ، ويعيد هيكلة الوحدات والهيئات والمؤسسات والشركات التي يتم تخصيصها، كما يجوز القانون أن تصل نسبة المساهمة الأجنبية في شركة المشروع إلى نسبة 100% من رأسمالها ولا يقيد المؤسس الواحد بنسبة معينة من المساهمة في شركة المشروع المراد إنشاؤها.

وقد تم إصدار هذا القانون بموجب المرسوم السلطاني الصادر من قبل صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان برقم 77/2004 الخاص بإصدار قانون التخصيص. وتضمن المواد التي نص عليها القانون الجديد إتفاقيات المشروع، وهي الاتفاقيات وعقود التراخيص التي تبرمها الحكومة أو الشركات أو الهيئات أو المؤسسات الحكومية بشأن المشروع. أما شركة المشروع فقد أشار إليها القانون بأنها الشركة التي تتعاقد معها الحكومة أو الهيئات أو المؤسسات أو الشركات الحكومية بشأن المشروع وفقا للشروط المنصوص عليها في الاتفاقيات أو العقود أو التراخيص التي تصدر بشأن المشروع، وكذلك الشركة الحكومية التي تنشأ لإعادة هيكلة المرفق تمهيدا لتخصيصه.

أما بشأن التخصيص فيعني القانون نقل ملكية أو إدارة أو تأجير المرافق أو المنشآت الحكومية للقطاع الخاص وفقا لأحكام هذا القانون. ويهدف القانون الجديد للتخصيص في السلطنة إلى تنويع مصادر الدخل القومي وتوسيع القاعدة الإنتاجية للبلاد، وإفساح المجال للقطاع الخاص للمساهمة في تطوير الاقتصاد الوطني، وتحريك قوى السوق والمنافسة، وزيادة كفاءة تشغيل الموارد، و تخفيض العبء المالي والإداري على الموازنة العامة مما يمكن الحكومة من القيام بالاستثمارات الاستراتيجية المطلوبة في مجالات الخدمات الأساسية التي لا يستطيع القطاع الخاص القيام بها.
كما يهدف قانون التخصيص الجديد إلى تنمية وتطوير سوق رأس المال، و زيادة فرص تشغيل المواطنين في القطاع الخاص، و تشجيع الاستثمارات الأجنبية وجذب الخبرات الفنية والإدارية والتكنولوجيا الحديثة.

وينص القانون في بعض مواده على إعادة هيكلة الوحدات والهيئات والمؤسسات والشركات الحكومية المراد تخصيصها قبل البدء في عمليات التخصيص الكلية أو الجزئية متى كان ذلك ضروريا، ويتم التخصيص وفقا الأساليب بحيث يمنح القطاع الخاص حق الإنشاء والملكية والإدارة أو حق الامتياز أو ترخيص الإنشاء أو الإدارة أو التأجير لمشروعات التخصيص، كما ينص القانون على بيع الحصص والأسهم المملوكة للحكومة في الهيئات والمؤسسات والشركات التجارية، وإبرام عقود المشاركة في رأس المال والإدارة أو أحدهما. كما يجوز القانون استخدام اكثر من أسلوب من الأساليب المذكورة في الحالات التي تتطلب ذلك.
وللإسراع في عملية التخصيص في السلطنة فقد نص القانون على إنشاء لجنة وزارية للتخصيص تتولى تحديد القطاعات والمشروعات المراد تخصيصها ورفعها لمجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب بشأنها، بالإضافة إلى مناقشة دراسات وبرامج مشروعات التخصيص المقدمة من الوزارة فيما يتعلق بالنواحي المالية والإدارية والقانونية لهذه المشروعات وذلك تمهيدا لتخصيصها ورفع التوصيات بشأنها لمجلس الوزراء، ووضع ضوابط واضحة لعملية التخصيص في إطار هذا القانون وذلك من حيث الآليات والسياسات المراد تطبيقها لتنفيذ عملية تخصيص المشروع وتحديد البرنامج الزمني لذلك، وكذلك إصدار القرارات المرتبطة بآلية العمل المناسبة والتوقيت المناسب للتخصيص في إطار البرنامج المعتمد من مجلس الوزراء، ومتابعة الإجراءات المعتمدة من مجلس الوزراء لتنفيذ برامج التخصيص في القطاعات المختلفة واقتراح الحلول المناسبة لأي عقبات تواجه ذلك.
كما ينص القانون على ضرورة مراجعة الأسس والمبادئ المعتمدة لعمليات التخصيص بصفة مستمرة واقتراح تحديثها وتطويرها بما يتناسب والاحتياجات المحلية ومواكبة التطورات النوعية في مجال التخصيص على المستوى الدولي، ومناقشة مقترحات الأمانة الفنية للتخصيص المتعلقة بالعاملين في المشاريع التي يتم تخصيصها بما في ذلك خطط التأهيل والتدريب واتخاذ القرارات اللازمة في هذا الشأن، واقتراح كيفية التصرف في حصيلة بيع الأصول الحكومية في المشاريع التي يتم تخصيصها، بحيث تقوم اللجنة الوزارية برفع توصياتها بشان استراتيجية التخصيص ووسائل وإجراءات تنفيذها وكيفية التصرف في حصيلة البيع إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.

أما الأمانة الفنية للجنة الوزارية للتخصيص فإنها ستختص القيام بإجراء الدراسات وتقديم المقترحات والبرامج المتعلقة بالتخصيص، ودراسة المقترحات الواردة إليها من قبل الوزارات والوحدات الحكومية الأخرى بشأن أساليب ووسائل التخصيص وإعادة الهيكلة وتقديم المقترحات والتوصيات بصددها للجنة الوزارية للتخصيص، واقتراح الإجراءات التنظيمية، ولتنسيق مع وزارة المالية في كل ما يتعلق ببيع حصص الحكومة في الشركات، وإعداد المقترحات الخاصة بإجراءات تنفيذ الأسس والضوابط المتعلقة بالأيدي العاملة في القطاعات والمشروعات التي يتم تخصيصها والمنصوص عليها في هذا القانون، وإعداد الوثائق الخاصة بالعطاءات والعروض وإجراءات المناقصة وكيفية الإعلان وذلك بالتنسيق مع مجلس المناقصات، وكذلك التأكد من سلامة اتباع أساليب العلنية والشفافية والحياد عند تنفيذ المراحل المختلفة لعمليات التخصيص، والمساهمة في الإعلان عن البرامج عبر التحضير والإعداد لتنظيم الندوات وحلقات العمل الخاصة بعملية التخصيص وذلك من خلال وسائل الأعلام المختلفة.
كما ينص القانون على قيام اللجنة الفنية بمشاركة الجهات المعنية في التفاوض بشأن عمليات التخصيص، ومتابعتها وإعداد تقارير دورية عن تنفيذ مشروعات التخصيص، واقتراح المعايير والضوابط اللازمة وإعداد تقارير دورية عن تنفيذ مشروعات التخصيص، بالإضافة إلى توفير التسهيلات اللازمة للخبراء والمستشارين الذين تكلفهم الوزارة بإنجاز الأعمال المطلوبة، و الالتزام بقواعد ونظم العمل وفق الإرشادات الصادرة من الوزارة، والالتزام بتوفير المعلومات اللازمة التي تطلبها الوزارة عن الشركات التي تم تخصيصها.

وقد أجاز القانون إنشاء اكثر من شركة لتوفير الخدمة التي يتم تخصيصها وذلك للحيلولة دون الاحتكار بقدر الإمكان وبما يتناسب مع طبيعة المشروع، كما يجوز لمجلس المناقصات الموافقة على طرح المشروع وفقا لقواعد وإجراءات أخرى تكون ملائمة للمشروع مع مراعاة مبدأ العلنية والشفافية والوضوح في إجراءات الطرح.
وينص القانون على إنشاء شركة المشروع بحيث تأخذ هذه الشركة شكل شركة المساهمة العامة ويجوز بعد موافقة مجلس الوزراء أن تأخذ شكل شركة المساهمة المقفلة أو محدودة المسئولية إذا اقتضت طبيعة المشروع ذلك، كما يجوز القانون أن تصل نسبة المساهمة الأجنبية في شركة المشروع إلى نسبة 100% من رأسمالها ولا يقيد المؤسس الواحد بنسبة معينة من المساهمة في شركة المشروع. وفي حالة الاكتتاب بأقل من الأسهم المطروحة تعتبر شركة المشروع قد تحولت إلى شركة مساهمة عامة وتقرر الوزارة بالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة لسوق المال كيفية تغطية الأسهم المتبقية.
ومع مراعاة أحكام هذا القانون يجوز إنشاء هيئات تنظيمية مستقلة تعمل على تنظيم العلاقة بين الحكومة والمستثمر والمستهلك، ويكون إنشاء هذه الهيئات وتحديد مهامها وإجراءات عملها وفقا للقانون على أن يتم دمج هذه الهيئات فيما بعد في هيئة تنظيمية واحدة تضم جميع القطاعات وذلك على ضوء التجربة العملية.
وينص القانون بأن تتمتع شركة المشروع بعدد من المزايا والحوافز منها تعاملها من الناحية الضريبية معاملة الشركات المملوكة بالكامل للعمانيين، وتتمتع أيضا بذات الحقوق المتعلقة بالأراضي الممنوحة للشركات المملوكة بالكامل للعمانيين، وتعفى من الرسوم الجمركية على المواد والأجهزة والمعدات الرأسمالية المطلوبة لمرحلة الإنشاءات على أن يتم استيرادها باسم ولحساب شركة المشروع. كما تتمتع شركة المشروع بأية مزايا أو تسهيلات تنص عليها القوانين الأخرى.
كما ينص القانون على نقل جميع حقوق والتزامات المنشأة التي يتم تخصيصها إلى شركة المشروع وذلك وفقا للاتفاقيات التي تبرم معها، وتسوية أوضاع العاملين بمشروعات التخصيص، وتلتزم شركة المشروع بنقل العاملين وإبرام عقد عمل مع كل منهم يوضح به اختصاصات وصلاحيات الوظيفة ومزايا وحقوق شاغلها، ويجب أن لا تقل الأجور والمزايا المالية الأخرى بالنسبة للعاملين المنقولين إلى الشركة عما كانوا يحصلون عليها عند نقلهم للشركة. كما تلتزم شركة المشروع بعدم الاستغناء عن العاملين المنقولين إليها لمدة خمس سنوات من تاريخ نقلهم بشرط التزام هؤلاء العاملين بنظم وضوابط العمل في الشركة، على أن يستمر الموظفون العمانيون المنقولون إلى شركة المشروع في سداد الاشتراكات وفقا لنظام التقاعد الذي يخضعون له، كما تقوم هذه الشركات بسداد المساهمات بدلا من الحكومة وفقا للنظام المتبع في صندوق التقاعد وعند انتهاء خدمتهم بشركة المشروع لأي سبب يعاملون معاملة الموظف في الحكومة في شأن احتساب مستحقات ما بعد الخدمة.
كما يطالب القانون بتسوية أوضاع العاملين الذين لا يتم استيعابهم في شركة المشروع بحيث يتم نقل الراغبين منهم إلى الوحدات الحكومية وفقا لحاجة العمل فيها على أن يتم إعادة تأهيلهم وتدريبهم على المهارات الجديدة التي تتفق مع متطلبات العمل في هذه الوحدات، بينما يتم إحالة بعضهم إلى التقاعد للذين اكملوا في الخدمة عشر سنوات فاكثر، وتسوى حقوقهم بافتراض بلوغهم سن التقاعد وذلك حسب نظام التقاعد الذي كان يخضع له المرافق الذي تم تخصيصه مع منح كل منهم مكافأة بواقع راتب أساسي شهري حسب آخر راتب تقاضاه عن كل سنة من سنوات الخدمة بحد أقصى 12 راتبا أساسيا وبحد أدنى خمسة آلاف ريال عماني. كما يجوز للموظفين الذين تقل المدة المتبقية لإكمال عشر سنوات في الخدمة بستة اشهر فأقل شراء المدة المتبقية لغرض استحقاق وحساب المعاش وذلك من خلال سداد الاشتراكات المستحقة من تلك المدة لصندوق التقاعد.
ويأتي صدور القانون الجديد في إطار السياسة التي تعتمدها الحكومة العمانية بهدف تفعيل مبادرات واقتراحات القطاع الخاص، وإعطاء مجال أوسع للاستثمارات العمانية والأجنبية لتأسيس المؤسسات والشركات المختلفة في مختلف المجالات والحقول التي تحتاج إليها البلاد والسوق العماني، وتنشيط قطاعات الصناعة والسياحة والمعادن في عمان بجانب تفعيل الاستثمارات النفطية أيضا.