نهاد اسماعيل

تشهد العاصمة العراقية بغداد نشاطا محموما تحت الحراسة المشددة في القطاع المصرفي.

تقليديا احتكر بنك الرافدين وبنك الرشيد القطاع المصرفي في العراق لعقود من الزمن. هذا سيتغير كليا وسيقود هذا التغيير مجموعة من البنوك الخاصة التي أخذت تنتهز الفرص المتاحة من سياسة التحرر الاقتصادي وقوانين تشجيع الاستثمار والمجازفة.

تدفق أموال اعادة بناء العراق خلق فرصا جذابة للبنوك لاستقطاب هذه الاموال وتشغيلها. ولكن مشكلة انعدام الاستقرار، وكذلك الفوضى والانفلات الأمني أعاقت الاستفادة الكاملة من هذه الفرص.

والعراق كما هو معروف بحاجة الى اعادة بناء كاملة للبنية التحتية من طرق وجسور ومطارات ومدارس ومرافق عامة وهذه تتطلب المليارات من الدولارات وتحتاج الى مصارف ذات كفاءة عالية لادارة الاموال وتوجيها. وبعد سنوات طويلة من الاختناق تحت قبضة نظام ديكتاتوري استمر منذ عام 1958 تحوّلت البنوك العراقية الاحتكارية الى شبه دوائر حكومية بيروقراطية من طراز سوفياتي بالي. ولا شك ان العقوبات الاقتصادية التي فرضت على العراق بعد غزو الكويت ساهمت في تأخير وصول التكنولوجيا لمصرفية الحديثة الى العراق.

وتفتقر البنوك العراقية الى أليات التحويل المالية السريع من خلال شبكات الانظمة العالمية الاليكترونية السريعة وتفتقر ايضا الى نقاط سحب النقود ولا تزال تعتمد على النظام اليدوي الذي سبق عصر الحاسوب.

وجاء في الصحف مؤخرا خبرا ان 400 مليون دولار مخصصة لشراء غذاء للعراق تم ايداعها في 3 بنوك لبنانية وأوضح وزير التجارة أن السبب في ذلك هو ان البنك التجاري الوطني الذي أسسته الحكومة المؤقتة بطيء جدا في فتح الاعتمادات التجارية اللازمة في عمليات الاستيراد لان البنك التجاري رغم انه حديث يلجأ لاساليب قديمة.

وتم افتتاح بنكين منذ ابريل (نيسان) عام 2003 وتدرس الحكومة 8 طلبات أخرى لفتح 8 بنوك جديدة. واستغل المستثمرون من خارج العراق القوانين الجديدة التي تسمح لغير العراقين في الاستثمارلتقديم طلبات للحصول على رخص مصرفية وتأسيس شركت مالية. وعلى سبيل المثال بنك التصدير والتمويل الاردني (اكسبورت اند فانينس بانك( وهو بنك استثماري) اشترى حصة تساوي 49 في المائة من بنك العراق الوطني . وكذلك اشترى بنك الكويت الوطني أغلبية اسهم بنك الاعتماد العراقي (كريدت بانك)

وربح كل من "اتش اس بي سي " و"ستاندرد تشارترد" البريطانيين عقودا للعمل البنكي في العراق. وتقدم البنكان الايرانيان ملات وصادرات بطلبات لممارسة النشاط البنكي في العراق.

والذي يجذب تلك البنوك للعراق هو ضخامة المبالغ التي سيتم انفاقها على مشاريع البناء والتي تقدر قيمتها 270 مليار دولار. وأوضح بعض رجال الأعمال العاملين في العراق والذي طلب عدم كشف هويته لاسباب أمنية ان التعامل مع البنوك في المرحلة الحاضرة صعب جدا ومليء بالعقبات والمخاطر. لا تستطيع القيام بأي معاملة عن طريق الهاتف وتضطر أن تذهب بنفسك وتعرض حياتك للخطر وتحتاج الى حراسة. الاقتراض صعب جدا والبيروقراطية تمنع قرارات سريعة ويحتاجو الى ضمانات تعادل خمس اضعاف المبلغ المطلوب وفي النهاية يقلع رجل الاعمال عن الاقتراض. ولذك دخول بنوك جديدة للساحة وتحضر معها اسليب حديثة للتعامل وتكنولوجيا متطورة سيساعد العراق وسيساهم في اسراع عمليات البناء ولكن في النهاية كل شيء يعتمد على الوضع الامني.