وزير التجارة الصيني يستقبل نظيره الأميركي
نهاد اسماعيل من لندن: لم تكن زيارة وزير التجارة الأميركي دان إيفانز برفقة وفد رفيع المستوى للصين بحجم التوقعات الأميركية، إذ أن الزيارة التي كان الهدف منها إقناع الصين برفع قيمة عملتها اليوان (الرنمنبي) لم تلق غير بعض الوعود الغامضة التي اعتادت الصين على إطلاقها بأنها "ستنظر في الموضوع".

وكانت الصين تعرضت في السابق لحملة انتقادات شديدة شنتها الولايات المتحدة الأميركية إزاء رفض بيكين فك ارتباط عملتها (اليوان أو الرنمنبي) عن الدولار، هذا الربط الذي جعل من الصعب التنافس مع الصين في التجارة الدولية كما تراها الولايات المتحدة.

وجلب صعود الصين كلاعب محوري ذو الأهمية البالغة في التجارة الدولية القلق والذعر لصفوف الدول الغربية التي تعتمد على التجارة الدولية والتصدير كمصدر أساسي للدخل القومي.

وتضاعف طلب الصين لمصادر الطاقة بشكل مضطرد خلال السنوات الأخيرة، حتى أنها احتلت مرتبة ثاني أكبر مستورد للطاقة، المركز الذي احتلته اليابان قبلها. وترجح مصادر اقتصادية ان يحدث النمو الاقتصادي في الصين زلزالًا في أوساط الرأسمالية الغربية التي هيمنت على اقتصاد العالم لأكثر من مائة عام.

وتمتلك الصين مزايا لا تتوافر لدى الدول الصناعية المتقدمة. فبالإضافة إلى التكلفة المنخفضة للأيدي العاملة فيها، سجلت الإنتاجية الصينية تحسنًا كبيرًا ، أي أن الفرد العامل في الصين لديه مقدرة انتاجية أكبر من مثيله في أوروبا أو أميركا. وقطعت الصين شوطًا كبيرًا في ترقية مستوى البنية التحتية.

وبزرت الصين كلاعب أساسي في أسواق السلع العالمية، إذ أنها تستهلك أكثر من 27% من انتاج العالم للحديد. وكانت نسبة استهلاكها خلال العام 1990 أكثرمن 6% من انتاج العالم للنحاس، وارتفع هذا المعدل الى 12% عام 2000. أما في العام 2004، فتخطى الرقم نسبة الـ22%.

وحلّت الصين محل اليابان كثاني أكبر مستورد للنفط. وفي هذا الإطار، قال خبير السلع في هونغ كونغ مارك فيبر في حديث أجرته صحيفة "الصندي تايمز" معه مؤخرًا إن "القطاع الصناعي الاميركي توقف عن النمو، ولكنه في الصين يزدادا نموا". واضاف "الصادرات اليابانية للولايات المتحدة بدأت تتناقص بينما ازدادت الصادرات الصينية بنسبة 30 الى 40% منذ اواسط عام 2003".

وحلّت الصين محل الولايات المتحدة لتلعب دور القاطرة التي تحرك الاقتصاد الآسيوي. ونمى الإنتاج المحلي الإجمالي بمعدل 9.5% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2004، ما أعطى الصين اللقب "قاطرة الإقتصاد في آسيا". ووصل الاستثمار الأجنبي المباشر الى 54 مليار دولار خلال الأشهر العشرة المنتهية في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي.

أما قطاع البناء الذي يتضمن تشييد الطرقات والسكك الحديدية والبنى التحتية، فيسجل تحسنًا بارزًا ويسير على قدم وساق.
وقبل ثلاثة أعوام، التحقت الصين بمنظمة التجارة الدولية، الأمر الذي أجبرها على الإندماج في شبكة الإقتصاد العالمي والابتعاد عن سياسة الحماية لمنتوجاتها. ونفذت الصين وعودها في تقليل الرسوم الجمركية على المستوردات، وخفضت هذه الرسوم في بعض الحالات من 40% الى 10.4%. ويعتقد الاقتصاديون أنها استطاعت دمج اقتصادها في النظام العالمي بدون مشاكل.

ومن المتوقع ان تحتل الصين في قطاع التجارة الدولية خلال العام الجاري المرتبة التي كانت تحتلها اليابان في السابق، وبالتالي تصبح ثالث دولة في العالم بعد الولايات المتحدة وألمانيا في نشاط التبادل التجاري.

يذكر ان حجم التبادل التجاري ارتفع في الصين خلال الأشهر العشرة المنتهية في تشرين الأول (أكتوبر) بنسبة 36% لتصل الى مجموع 926.47 مليار دولار. وطرحت الصين مبادرة الغزو السلمي بالتجارة، كما واستثمرت في قطاعات الطاقة في كل من إيران والسودان، واستثمرت ايضًا في الولايات المتحدة.