شددت المجموعة الاستشارية العالمية لشؤون التحقيقات والنزاعات التابعة لمؤسسة "إرنست أند يونغ" إحدى أكبر شركات تدقيق واستشارات الأعمال في الشرق الأوسط في تقرير أعدته بعنوان "الاحتيال: حلول حقيقية للمخاطر الحقيقية" على أهمية المخاطر التي يمكن أن تتسبب بها أعمال الاحتيال في العالم داعية إلى إتباع الحلول المناسبة لمحاربتها.

ويعطي هذا التقرير وهو الثامن من نوعه الذي تصدره المؤسسة أمثلة مفصلة ونماذج واقعية ولوائح تحمل رسوماً بيانية تبين مدى تأثير الاختلاس على المؤسسات وفئة الموظفين المحتملين لارتكاب هذا النوع من الأعمال وسبل تخفيف هذه التأثيرات.

ويضع التقرير بين أيدي المديرين وسائل ضرورية لمكافحة الاحتيال من خلال السياسات الوقائية وأنظمة التحكم والخطوات العملية للقضاء على الاحتيال في حال اكتشافه كاشفا عن ضرورة أن تتخذ مكافحة الاحتيال مجرى مزدوجاً يقوم على سد أية ثغرة تسمح بوقوع جريمة احتيال والتأكيد لمرتكبيها المحتملين أنه سيتم القبض عليهم في حال تنفيذ مخططاتهم.

وفي هذا السياق يتوجب اتخاذ الإجراءات السريعة والفاعلة في حال اكتشاف الاحتيال وإبراز النية الجادة للقبض على المرتكبين لإن سرّ مكافحة أية جريمة يكمن في معرفة سبب وقوعها إذ أن جريمة الاحتيال تقع عندما تلوح الفرصة أو تبرز نقطة ضعف في النظام ويسود الاعتقاد أن الأرباح المحققة من عملية التزوير تفوق المخاطر.

ونصح التقرير بإتباع عدد من الخطوات أهمها التقليل من فرص حصول الاختلاس والمراجعة الدورية لأنظمة الرقابة الداخلية والإجراءات الخاصة بها عن طريق التدقيق الداخلي ووضع خطة طوارئ لمكافحة الاختلاس مباشرة بعد اكتشاف وقوعه وكذلك تخصيص خطوط ساخنة للتبليغ عن عمليات الاحتيال ويفضل أن تدار من قبل طرف ثالث.

إلى ذلك يستبعد التقرير أسطورة "احتيال الكمبيوتر" إذ لا يعتبر جهاز الكمبيوتر سوى وسيلة إضافية في يد المرتكب لا أكثر موضحاً أن نصف المستجوبين في الاستقصاء أشاروا إلى تخوف من حدوث عمليات احتيال بواسطة الكمبيوتر إلا أن نسبة واحد إلى 5 منها تتعلق بالتلاعب بالحسابات في حين أن التلاعب في الحسابات هو السبب الرئيسي خلف إفلاس أضخم الشركات في الأعوام القليلة الماضية.

وأظهر تقرير مؤسسة "أرنست أند يونغ" أن نسبة 85% من أسوأ عمليات الاحتيال نفذت من قبل موظفين مدرجين في جدول الرواتب وتمكن التقرير بالاعتماد على مجموعة من العلامات والتجارب الشخصية والعمليات والأرباح من التمييز بين عدد من الإشارات التي قد تبدو غير مهمة إذ تواجدت كل منها على حدة إنما تثير الشكوك وتنذر بالخطر في حال اجتماعها منها على سبيل المثال سيطرة فرد واحد أو مجموعة صغيرة على الإدارة من دون تعيين مجلس أو لجنة مراقبة فاعلة أو عدم ضبط عمليات الموظفين والموردين وحصول عدد غير مألوف من العمليات المعقدة ذات التأثير الكبير على حجم الإيرادات المالية والتي يصعب على الشخص العادي فهمها أو في حال العثور على مستويات مرتفعة من الأرباح أو الخسائر التي تتخطى الحدود المعقولة مقارنة بوضع القطاع.

اما في حال اكتشاف عملية احتيال فتجب الموافقة على اتباع خطة الطوارئ وتعيين قائد لعملية التحقيق وتحديد صلاحيات فريق التحقيق ووضع لائحة بأسماء المشبوهين والبحث عن الأدلة القاطعة وذلك بالتعاون مع الشرطة والإعلام. كما تشمل خطة الطوارئ خطوات لمعالجة التأثيرات السلبية التي قد تنعكس على سمعة الشركة على القدر عينه من التعامل مع التحقيقات الجنائية.

ودعا إدوارد كوينلان الشريك المسؤول لـ"إرنست أند يونغ" في الإمارات مجتمعات الأعمال في دول مجلس التعاون .الى إيلاء هذه المخاطر الاهتمام اللازم عبر تعزيز الإشراف وتطوير أنظمة التدقيق الخاصة وأنظمة الحسابات لتفادي أية مشكلة قد تنشأ على المدى الطويل ولا سيما في ضوء النمو المتسارع الذي تشهده هذه الدول.

وأوضح كوينلان أن الإدارة العليا في الشركات الكبرى تصبح مع تقدم الوقت غير قادرة على ملاحقة التفاصيل والإشراف على كل شيء وخصوصاً مع تنامي الأعمال وتعقدها ما يجعل الأنظمة السائدة في بيئة العمل في تأخر مستمر عن المواكبة وبالتالي تبرز الحاجة إلى إلقاء المسؤولية على الإدارة الوسطى الأمر الذي يتيح الفرصة للمزيد من أعمال الاحتيال والاختلاس".

من جهته لفت علي الشبيبي مسؤول خدمات إدارة مخاطر الأعمال لدى "أرنست أند يونغ" في دبي إلى أن "قطاعي المصارف والعقارات يشهدان النمو الأكبر في دولة الإمارات العربية المتحدة وهما تقليدياً الأكثر عرضة لهذا النوع من الجرائم" مشدداً على "ضرورة الالتفات إلى هذين القطاعين في الأسواق النامية وحمايتهما".

وقال: "يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة وتوفير الوقاية من الأعلى لتجنب الأعراض الطويلة الأمد التي من شأنها أن تنتهي إلى الخسارة ومجلس الإدارة هو المسؤول الأول عن خفض نسبة مخاطر الاحتيال إلى الحد الأدنى".