من البديهيات أن مقاومة الاحتلال هو واجب وطني وهو حق مشروع تكفله كل الشرائع السماوية والمواثيق الدوليه.. هو واجب وحق وطني.. واجب علي كل مواطن يحمل جنسية اي بلد محتل بصرف النظر عن دياناته.. هو واجب علي الفلسطينين مسلميهم ومسيحييهم وعلي العراقيين سنة كانوا أو شيعة.. آشوريين و كلدانيين.. مسيحيين او مسلمين.. أو حتي يهود.. وهو حق مكفول لكل شعب يرزح تحت نير الأحتلال.. ولكن كيف تكون المقاومة ولمن توجه.. أولا المقاومة في الأساس هي عمل سياسي.. لها هدف واضح وهو الحصول علي الاستقلال و الحرية وحق تقرير المصير.. وتستخدم وسائل متعددة للوصول الي هذا الهدف عبر وسائل سياسية وأعلامية وعسكرية.. والعمل العسكري وأن كان ضروريا ألا أنه كان وسيظل الخيار الأخير لأي شعب للوصول الي الهدف المرجو..

لأن الحياة البشرية التي وهبنا الله أياها ليست شيئا هينا نضحي بها دون هدف واضح وخطة واضحة.. مقاومة المحتل عسكريا هو عمل شجاع يقوم به فدائي نحترمه ونرفعه الي مصاف الأبطال.. ولكنه ليس عمل غير مسئول وعشوائي.. العمل العسكري الفدائي لمقاومة المحتل هو عمل المقصود به إجهاد الآلة العسكرية للمحتل وتكبيده الخسائر في جنوده ومعداته ليعرف أن تكلفة الاحتلال غالية و الهدف أن تفشل مخططاته السياسية والاقتصادية والتي من أجلها تقوم أي دولة ما باحتلال دولة اخري سواء حدث هذا في الماضي أو في الحاضر..والفدائي عندما يخطط للقيام بعمل عسكري ضد قوات المحتل ورغم شجاعته واستعداده للتضحية بحياته فهو يخطط في نفس الوقت للحفاظ علي حياته أن أمكن وحياة زملائه من الفدائيين وحياة الأبرياء من المدنيين الذين قد يتواجدون في المكان..هكذا قاوم المصريون قوات الاحتلال الانجليزي في القناة.. وهكذا كانت العمليات الفدائية في سيناء أثناء حرب الاستنزاف وبعدها... وهكذا قاوم الفرنسيون قوات الاحتلال النازي اثناء الحرب العالمية الثانية،، وهكذا قاوم الفيتناميون قوات الاحتلال الأمريكية...

العمل الفدائي هو عمل شجاع وليس عشوائي.. هو عمل مدروس ومخطط ومن أهم أهدافه هو محاولة الحفاظ علي حياة المجموعة الفدائية وعدم توريط المدنيين والتركيز علي الآلة العسكرية للمحتل من جنود ومعدات.. اما من يفجر نفسه بدون هدف واضح ويصيب من المدنيين و اهل البلد اكثر مما يصيب من قوات الاحتلال.. ومن يستهين بالحياة البشرية سواء حياة من يقوم بالعملية نفسها وحياة من يتواجدون في المكان من أبرياء.. فهو أرهابي حتي لو كان هدفه نبيلا.. ومن يفجر الكنائس والمساجد الشيعية ويقتل للأختلاف في المذهب أو لفرض أجندة سياسية ليست لها علاقة بالاحتلال.. هو أرهابي... من يقتل لأغراض سياسية.. فهو أرهابي.. كل ما يقوم به تنظيم القاعدة سواء التنظيم الأصلي بزعامة بن لادن والظواهري أو الفروع الأكثر شرا له في العراق و السعودية والكويت.. بقيادة بطل النحر والذبح الزرقاوي وغيره.. هي أعمال أرهابية مهما حاولت أن ترفع راية الاسلام..لقد قاوم الشعب الفيتنامي أمريكا ولكنه لم يفجر الابراج في اي مدينة أمريكية ولم يقتل مدنيين أمريكيين.. وقاوم الشعب المصري الأنجليز في قناة السويس عبر كتائب الفدائيين أسلامية ويسارية ووفدية.. ولكنهم لم يقتلوا مدنيا بريطانيا رغم ان شوارع القاهرة كانت تعج بهم ولم يخطفوا صحفيا ولم يحاولوا تفجير محطات القطارات في لندن..

بل وقاوم الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي لسيناء بأعمال فدائية وليست أرهابية في الفترة بين 67 و 73.. أعمال كانت تستهدف الآلة العسكرية للمحتل و لا تورط المدنيين من الجانبين.. ولم نهاجم السفارات ولم نفخخ القطارات.. أن أي مقاوم يستهدف الآلة العسكرية للمحتل وجنوده في العراق أو فلسطين أو أي مكان في العالم فيه احتلال هو فدائي له كل احترام ليس فقط بين أبناء وطنه ولكن حتي في نفوس قوات الاحتلال نفسه.. أما من يفجر السيارات المفخخة في الشوارع والأسواق دون أي أعتبار لأرواح الابرياء من المدنيين و أهل البلد.. ومن يفجر الكنائس والمساجد والحوزات ويقتل كل من يختلف معه سياسيا بحجة أنه متعاون مع الاحتلال دون دليل سوي الاختلاف في المذهب أو الدين أو التوجه السياسي فهو أرهابي.. مهما رفع راية المقاومة والدين..وأهم أنواع المقاومة هو العمل السياسي المدروس جيدا والذي يستخدم آليات المجتمع الدولي للوصول الي نفس الهدف العسكري دون التضحية بالأرواح.. ولعل أهم مثال علي ذلك هو استرجاع طابا من خلال التحكيم الدولي و العمل القانوني العظيم الذي قام به جهابذة مصريين في القانون..

وعندما تساعد مصر الفلسطينيين للحصول علي حقوقهم بطريقة سلمية واضعة نفسها تحت سهام الهجوم والاتهامات الظالمة فهو عمل سياسي عظيم أن أتي بنتيجة وأن لم يأتي فالمقاومة المسلحة دائما مستعدة لرفع السلاح ودائما الشعب المصري مستعد لمساعدتها.. عندما توافق حماس والجهاد علي وقف العمل المسلح لأعطاء محمود عباس الفرصة للعمل السلمي للحصول علي نفس الحقوق.. فأنها تمارس أعظم أنواع المقاومة.. المقاومة السياسية والتي تحتفظ بالسلاح لأشهاره..

أن لم ينفع التفاوض.. هذا هو الفدائي.. أما الأرهابي فهو من يقتل بدون هدف واضح غير عابيء لا بروح جنوده ولا أرواح الأبرياء من المدنيين..كما فعل حزب الله في لبنان.. خاصة أن كانت أهدافه سياسية الهدف منها الوصول ألي الحكم.. كما حدث من عمليات قتل للعراقيين الذين كانوا يمارسون حقهم الطبيعي في الانتخاب..


أما أسوأ أنواع الارهاب و أحقر أنواعه فهو العنف الذي يمارس بغرض التغيير السياسي لحاكم أو نظام حكم.. العمل السياسي هو عمل سلمي في الأساس.. عبر آليات المجتمع المدني.. وعبر التظاهر ووسائل الأعلام وحتي العصيان المدني.. ولكن ليس عبر العنف والسيارات المفخخة والاغتيالات.. قد نختلف مع اي نظام حكم.. ولكننا ندعو ونحاول تغييره سلميا.. وليس بالقتل والتفجير.. قتل السادات هو أرهاب.. واغتيال باقر الحكيم في العراق أرهاب.. وتفجير السيارات في الرياض وجده وغيرها أرهاب..

وقتل السياح في الأقصر أرهاب.. وتفجير قطارات مدريد أرهاب.. وتفجير السفارات أرهاب.. وتفجيرات طابا أرهاب.. واغتيال رفيق الحريري ومعه قتل و أصابة العشرات في عملية انتحارية هو أرهاب ومن قام بها سيصلي نار جهنم باذن الله.. ومن خطط لها ومولها هو مجرم بكل ما تحمل الكلمة من معني ويجب ان يحاسب ويحاكم علي جريمته الشنعاء..هذا هو الفرق يا سادة بين الفدائي و الأرهابي.. الأول يستحق الاحترام ويجب اعتباره شهيدا أن مات وهو يقاوم والثاني يجب أن يدان ويقبض عليه ويحاكم ويعاقب مهما حاول أن يخدعنا بشعارات الجهاد والدين.. لهذا يعتبر الكثيرون في العالم جيفارا بطلا حتي في أمريكا نفسها.. ويعتبر العالم بن لادن والزرقاوي والظواهري ومن لف لهمأرهابيون.. فهل نفهم ونعي الفرق بينهما.. لنا الله وأعاننا علي من يقتل أبنائنا باسم الدين وهو منه براء..


وحتي نفهم الفرق بين الفدائي والإرهابي.. لن نستطيع الرد علي وفاء سلطان وعلي الرسوم الدنماركية وعلي كل من يدعي أن الاسلام دين عنف.. نحن بعدم إدانتنا لعمليات الإرهاب التي تقوم بها القاعدة وذيولها في كل مكان في العالم من رسمنا الرسوم الدنماركية.. نحن بفهمنا الخاطيء للإسلام.. وممارساتنا الخاطئة لتعاليمه وقهر المرأة وتنقيبها في شوال أسود قاتم..من رسمنا الرسوم الدنماركية..


نحن برفضنا ما وصل اليه العالم كله من ضرورة احترام حقوق الانسان.. حقه في حرية العقيدة وممارسة شعائر عقيدته بحرية بل والدعوة السلمية لهذه العقيدة.. من نصف الاسلام بالإرهاب والتطرف.. من لا يزال يتحدث عن قتل المرتد في القرن الواحد والعشرين رغم عدم وجود مثل هذه العقوبة المتخلفة في كتاب الله ووجود العديد من الآيات التي تؤكد علي حرية العقيدة.. هو من يصف الاسلام بالإرهاب وهو من رسم في الحقيقة الرسوم الدنماركية.. وهو من أهان ويهين رسولنا الكريم صلوات الله عليه وسلم..


قال الله في محكم كتابه لرسوله الكريم إنما أنت مذكر..لست عليهم بمسيطر.. ولكننا من نصر علي أنه كان مسيطرا بل وقاتلا ينشر الاسلام بحد السيف عبر ترديدنا لأحاديث ما أنزل الله بها من سلطان.. ثم نثور عندما يتخيل رسام الرسول كما رسمناه نحن فعلا.. فقط استبدل السيف بقنبلة.. ونؤكد في ثورتنا تلك كل ماتخيله هذا الرسوم... بحرق السفارات وقتل إخوتنا في الوطن من مسيحيين ليس لهم أي ذنب كما حدث في العراق وفلسطين.. هل قتل رجل الدين المسيحي في العراق كان دليلا علي أننا متسامحون؟


إن تعميد البابا العلني لمجدي علام هو رسالة للجميع.. أن العالم لن يخاف منا ومن تهديداتنا بعد الآن.. نحن نفرح ونعلن علي الملأ فرحتنا عندما يتحول أي مسيحي الي الاسلام.. وعندما يفعل أي مسلم العكس ويتحول الي المسيحية وتعلن الكنسية ذلك نعتبر هذا إهانة لنا.. ومؤامرة غربية علي الاسلام.. أي ثقافة الكيل بمكيالين التي تتحكم بنا ثم نتهم العالم كله بها..


إني أقولها وبصوت عالي.. إن أقدم هذا المهووس المسمي بن لادن وتابعيه في منظمة القاعدة علي القيام بعملية ارهابية ردا علي الرسوم الدنماركية.. فسيقتنع العالم كله مهما فعل وصرخ العقلاء منا... أن الاسلام هو فعلا دين الارهاب والعنف.. وستنشر تلك الرسوم ليس في الدنمارك وحدها أو أروبا وحدها..بل في كل بقاع الأرض شرقها وغربها..
لماذا لا نقول للعالم كله.. قولا وفعلا.. ما قاله الله لنا..
.. وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
إن أكدنا بأفعالنا ما قاله الله لنا... عندها ستتوقف تلك الرسوم وسيقتنع العالم كله... أن الاسلام كما هو في الحقيقة دين السلام والحرية..
اللهم إني بلغت.. اللهم فاشهد

عمرو اسماعيل