[قالَ غريباً، وقالَ جميلاً، وقالْ..]
1) ليس النّص..
في الطريقِ إلى الله يفعلُ قلبي ما كان يفعلُهُ في شتاءِ المريدينَ قلبٌ غريبٌ على المنحدراتِ البريئةِ من رقّةِ الكاهنِ الأزليِّ، ومن شبق النفط في الحاضرِ الجاهلي. إلى الله يقرأ أحزانَهُ في ليالي اليتامى؛ ويهذي بعطرٍ بليدٍ لسيدةٍ الماءِ والبحرِ والريحِ والعنصرِ العربيِّ العَجِيّ!.
في الطريقِ، تغيمُ سمائي ببهجة وجهِ الجميلِ الأخيرِ، وتحلبُ سيرتَهُ: كان في الضوء بعضَ وضوءٍ ورثناهُ / نؤويه فضلاً عن الحبِّ، حتى توضأ بالحضرةِ الآدميَّةِ في سيرها الأبدي، كان ينثالُ من مهبط الوحي حتى حدود السماءِ، وكان نداءَ المساكين للأرضِ، قالَ غريباً؛ بهِ كَسَرَ الطوقَ في موئلِ الشاربين.
أسكرهم بالتراتيلِ حتى اهتدوا لانهيار المياه الطهورِ، فجاسوا الديارَ الديارْ!.
رأى ما يحبُّ الصباحُ فواساه بالدمعِ ثم اقتفاه.
يغيمون، أو يشربون نبيذَ التعاويذِ: قُل، ثم قلْ، فيقولونَ، وهو الذي لا يقول!.
يشربون، ولكنه لا يقولْ
يغنون، لكنه لا يقولْ.
يا شهي الألمْ
يا غريب الأفولْ
في الطريقِ إلى اللهِ مادتْ تفاصيلُ يومي بخبزٍ فقيرٍ أدوزنه في احتفال الطغاة لكي يسمعوا ما أقولُ عن الحبِ والحربِ؛ والبنتُ تخطفُ قلبَ الغريبِ وتتركه في عراءِ الزمانِ، بلا أيِّ جوعٍ يدلُ / بلا أيِّ صوتٍ يقيهِ الوقوفَ على البابِ دهراً من العشقِ: من قال يا ربّ إنَّ الحزينَ تواتر في القومِ حتى انتهى، من أحبّ خطاهُ رآهُ، ومن صدّقَ العهرَ فيما يقولُ الرواةُ اشتهاهُ بلا أي بارقةٍ في الوصولِ نديَّاً إلى غيمةٍ في سماه.
يا جميلَ الألم،
يا عظيم الأفول.
تفقدُ الأرضُ أسمالَها، أو تـَـعَرّى الطريقُ إلى اللهِ، كانَ طريقاً قصيراً إلى الرّبِ، quot;ما أنتَ؟quot; قالتْ عجوزٌ؛ وقال فتىً في البريءِ من القولِ، لكنكَ الآن لستَ تقولُ، وليس لعينيكَ معنى الضياعِ الذي سامَ قومَكَ بالنَّبذِ حتى وطِئتَ ثراهم بهيَّ الصفاتِ، وريفَ السماتِ. أقِلْ ما أقالتْ يداكَ، وقلْ كلَّ ما كان حقّاً، فنحن تركناكَ للشيخِ يُفتي بما يتوافقُ والعرش كي لا يميل!.
وما كان قلبي؟.
على بابِ ليلٍ يُرَاقَبُ، لا يَطرُقَ السِّرَّ، مادَ هواي بتوحيدهم. في المسير إلى اللهِ أنسلُّ من وجعي بجهاتِ الغيابِ وأكتبُ فضّةَ قلبي: قلبيَ إن كان فِلواً فلي منه فضّتَه ورؤاهُ، وإن كان ظلاً سيتبعُ ضوءَ وضوئِكَ فَجراً كمُنتَبِذٍ غيّهُ، سائلاً عن خُطاه. يا صَفِيَّ المحبينَ في ليلهم، أي ليلٍ أراه؟.
يا غفيرَ الغيابْ،
يا كثيرَ الوصولْ
يا أسيرَ الألمْ
يا وشيك الهطولْ.

2) ليس النّص..
يفتن البوحُ ريحَ الجنوبْ.
قيلَ: كانت تصلّي، وكان لها وجعُ الجاهلين بأشياءَ تشبهُ أحداقَهُمْ، كالضياءِ، ولونِ اصطفافِ ظنونِ الحبيبةِ في رَوعِ شاعرَ يهذي، وكانت صلاةً، كمن يتسوّرُ محرابَ دارِ الخلافةِ!. ريحُ الجنوبِ إلى البحرِ تمتدُّ، شكّاً، إلى أن تعانقَ وَجْدَ السَّراة، يقيناً، برقصٍ الشوافع في عرسِ قريتهم، يا ضياءَ القرى، يا قرى الشافعي الجميل.
يفتنُ الحبُّ، شيئاً فشيئاً، تعاريفَ آدمَ، يلقي بحواءَ، ثكلى تدندنُ بالعهدِ، للقومِ كي يرقصوا في احتضارِ مهيبٍ على وقعِ أنفاسِ راعٍ تعثرَ في شالِ أنثاهُ حيناً من الرَّجمِ بالتَّوقِ، ثم هوى نافثاً في السمومِ دليلاً على سوء خذلانه، مُنشدَاً جرحَهُ: يا خلاصَ العرب!.
والجنوبُ يغني،
إذا الرّبُ أعطى لأسماءِ أطفاله رونقَ الحقلِ كان الجنوبُ يغنِّي.
يُعطي الإلهُ فيرضى الجنوبُ، ويُعطي الإلهُ كثيراً إلى أن يحبَ الجنوبَ جنوبٌ وإنْ ضلَّ يوماً برغمِ الشَّغب.

3) ليس النّص..
خانه لا أحد،
كان يكتبُ قصتَه في الأبد:
عن الحبِّ
والحربِ،
والبنتُ تسرق قلبَ الولد!.

4) ليس النّص..
من لهذا الغريبْ؟.
في الطريقِ إلى الله قلبي يحدثني عن صفاتِ الأسيرِ وبهجته بالسياجْ:
جاءَ عصرُ الغزاةِ، فمن وسطِ الأرضِ، تلك التي برئتْ زمناً طالَ جدّا من المجدِ، جاؤوا بفقه العباداتِ والذهبِ الموسمي. عاثوا شمالاً فكان الشمال يموتُ، ومات الجنوب الذي لا يُغنّي إذا لم يكن يستحقُ الجنوبَ، وماتَ حديث السقيفةِ في المهدِ: كان الأسيرُ يمررُ فتنتَهُ في الضبابِ ويتلو الكتابَ الكتابَ الكتابَ، يجرُّ عمى الحافظين إلى نورهِ نازفاً، بيدَ أن تقاهُم ضباب، قل: quot;سنكفيكهم!quot;.
من لقلبي، على رَجْعِ فِضّتِه يُعلنُ الرَّكبُ مَقدَمَهم في ارتياب.
قل ثم قل
ورتّب حضورَكَ في جسد لا يُصيبُ، وفي حُزنِ روحٍ تُصاب.
يا سريعَ الأفولِ
أما من إيابْ؟!.

5) ليس النّص..
حين طالَ الغيابُ وثبنا على الخطِّ نقرأُ: تكتبُ أنثى لمجدِ الظهيرةِ كالسنديانةِ آلامَها، يَتَعَرى طريقٌ جديدٌ على بابِ مكّةَ، أو يتنازلُ بدرٌ قديمٌ عن البوحِ بالقولِ للأشقياء. حين طالَ الهوى ضلَّ شاعركم، أو غوى، فاستعيدوا الذي كان، عودوا إلى الهذيانِ بأوصافهِ وتفاسيره واشتهوا ركضَه في خطوبِ المدنْ.
لانَ وجهُ الترابِ لأحلامِكم فنسيتم أذاه.
لانَ أسوأَ ممَّا سواهُ
أو طواهُ الزَّمن.

6) ليس النّص..
يا لهذا الفتى، قرأَ الوحيَ في ظلِّ أغنيةٍ لونُها لا يشي بالحسانِ يغازلنَ أحلامَه، يا لَهُ من مُريبٍ غريبِ السؤالِ عن الرَّبِ والقلقِ الدنيوي.

7) ليس النّص..
كعادتنا نسكبُ الحبَ في الكأسِ، خالصةٌ نيّةُ المتبتّل في زهدهِ، وبسقفٍ جديدٍ لمعنى البصيرةِ بتنا نضِلُّ عن الأمنياتِ، ونرضى بتسليم من أنهكتْها الشتائمُ. قل، ثم قلْ:
أي سرٍّ وليدِ القداسةِ يطرق في الغدِ أقدارنَا ثم يمحو الرثاء، ومن تعبٍ لا يُعمّدنا كدماءِ المساكينَ ذاهلةً تطرقُ البرّ والبحر: تصعدُ تصعدُ حتى حدودِ المشيئةِ؛ ثم تعودُ لتحرق زهوَ التقاويمِ بالعربِ الأشقياءِ وثاراتهم.
يا لها، يا لهُ من بكاءٍ بطعمِ الغرقْ،
يا لهذا الفتى
كيف خان الحقيقةَ فوق تلالِ الرواةِ المحبينَ للسندِ المُتَّصل؟
كيف ضلَّ طريقَ السقيفةِ في لحظةٍ من أرقْ؟.