-1-
معظم المثقفين الليبراليين العرب المشتتين حول العالم، لم يتوانوا في نقد النظام الديكتاتوري السوري منذ سنوات طويلة نقداً مريراً، ولم ينتظروا حتى تنكسر الجرّة بينه وبين أي نظام عربي، لكي يُعبّروا عن موقفهم من هذا النظام السياسي، الذي سحق كل محاولة للإصلاح السياسي السوري، من قبل المعارضة السورية في الداخل أو في الخارج.

-2-
فمنذ سنوات عدة، وخاصة بعد عام 2003 وتحرير العراق، وقيام العراق الجديد، لم يتوانَ المثقفون الليبراليون الحقيقيون على صفحات quot;إيلافquot; وغيرها من مواقع الحرية على الانترنت، من كشف حقيقة النظام السوري، ودوره في نشر الفوضى والإرهاب، في منطقة الشرق الأوسط.
فهم الذين لم يدعوا بياناً لنصرة المعارضة السورية المعذبة الآن في سجون النظام، إلا وتبنّوه، ووقعوا عليه بكل شجاعة وإقدام.
وهم لم يتركوا للنظام السوري فرصةً، عَبَثَ فيها باستقرار العراق الجديد، وتهديد أمنه وسلامه، وقتل أبنائه، وإشاعة الفُرقة والصراع الدموي بين أبنائه على النحو الذي يتم يومياً، إلا وفضحوا كل ذلك، واستنكروا كل ذلك، بينما لاذ الكثير من المثقفين العرب الرسميين بالصمت، واكتفوا بالفرجة الحزينة، على ما يتم من مجازر أليمة على المسرح العراقي.

-3-
والمثقفون الليبراليون، لم يغمضوا أعينهم عن العبث الأكبر والجرم الأشنع الذي يمارسه النظام السوري الديكتاتوري في لبنان. وكانوا هم أشجع الكتّاب، وأكثرهم إقداماً على فضح جرائم النظام السوري في لبنان، ومحاولة خطف هذا العصفور الأخضر، ووضعه في القفص الديكتاتوري الحديدي.
ففي كل مرة، كان النظام الديكتاتوري السوري، يرتكب جريمة شنعاء بحق المثقفين والإعلاميين والسياسيين اللبنانيين، كان المثقفون الليبراليون أول من يفضح تلك الجرائم، ويشير بإصبعه إلى المجرم الحقيقي، الذي يختبيء وراء هذه الجرائم.
ونظرة سريعة على الكم الهائل من المقالات، التي كتبها مختلف الكتّاب الليبراليين في quot;إيلافquot; وفي المواقع الإلكترونية الأخرى، وفي بعض الصحف الورقية، وما قالوه في الفضائيات القليلة التي سمحت لهم بذلك، عن فضائح النظام الديكتاتوري السوري قبل انكسار الجرّة السورية- السعودية، تؤكد أن المثقفين الليبراليين، لا ينتظروا الضوء الأخضر من أية جهة، لكي يكشفوا الغطاء عن العورات، ويرصدوا العثرات، ويشيروا بقوة إلى مسببي النكبات.

-4-
والمثقفون الليبراليون، لديهم مراصدهم السياسية الدقيقة، التي تُنبئهم قبل أن يعلم الآخرون بزمن طويل، بمواعيد الزلازل والكوارث السياسية ومعرفة مسببيها. إلى درجة أن بعض الموتورين المغفلين يتهمونهم بالاتصال بدوائر المخابرات الغربية التي لديها الخبر اليقين، في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط.
فالآخرون تعودوا انتظار كسر الجرار السياسية بين الأنظمة، لكي يكشفوا الغطاء عن المستور، ويفضحوا المسكوت عنه. في حين أن الكتّاب الليبراليين لديهم من الحسِّ السياسي، والشجاعة الأدبية، وجلاء الرؤية ووضوحها، وحرية الرأي، وطلاقة العقل، ما يؤهلهم لأن يكونوا السبّاقين إلى فضح الأنظمة الديكتاتورية وممارساتها. والدليل الأكبر هو النظام السوري الحاكم الذي تصدى له الليبراليون منذ سنوات، عندما كان كالذئب الشرس الذي يلبس لباس الحَمَل، وكالمجرم العتي الذي يلبس قفازات الحرير.

-5-
وكان آخر ما تصدى له المثقفون الليبراليون بثبات ووضوح، وقبل انكسار الجرّة السورية ndash; السعودية، هو حملة الأنفال السورية والإبادة العرقية ضد الكرد السوريين في منطقة الحسكة. فقد كتبت نخبة من الليبراليين (البيان العالمي لمساندة الكرد السوريين) الذي صدر عن (منظمة الدفاع عن حقوق الأقليات والمرأة في الشرق الأوسط) في زيورخ. ووقع عليه حتى الآن المئات من الليبراليين من كافة الأعراق والمذاهب والطوائف بكل جرأة وشجاعة. وفيه فضح تام لتجاوزات النظام السوري، ودوره في نشر الفوضى في المنطقة.

-6-
ليس المهم أن يكون الليبراليون هم أول من تصدى لكوارث الحكم السوري، وفضحوا دوره المشين في العراق ولبنان وفلسطين، في نشر الفوضى، والإرهاب، وعدم الاستقرار في المنطقة، ولكن المهم أن لا يتم استمرار السكوت عن هذا الدور من قبل الأنظمة العربية أيضاً، والإعلام العربي.
وعسى أن يكون الردُّ السعودي على حشرجات موت الديكتاتورية السورية، دافعاً للصامتين من المثقفين، على القول، والموقف الشجاع. وأن ينير الطريق للمثقفين المخدوعين بهذا النظام، ويزيل الغشاوة عن عيون الذين ما زالوا يأملون الخلاص والإصلاح لهذا النظام.

السلام عليكم

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية