إسرائيل جرّت المؤتمر مثل الأثقال
في أنابوليس خطبوا للسلام وفي غزة يموت الفلسطينيون

خلف خلف من رام الله: بينما ألقى الزعماء في أنابوليس خطب السلام، كان الفلسطينيون في غزة يواجهون الموت وحمم النار التي تلقيها طائرات سلاح الجو الإسرائيلي المدججة بأحدث الأسلحة، هذا في وقت تحول القطاع لسجن كبير قد يموت فيه الناس من قلة الدواء وارتفاع معدلات القهر. وقتل فجر أمس أربعة من رجال حماس في غارتين إسرائيليتين، وهو ما رفع عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في القطاع منذ يوم الخميس الماضي إلى عشرين. وحسب معطيات قيادة المنطقة الجنوبية الإسرائيلية التي نشرتها صحيفة هآرتس الصادرة اليوم الجمعة فأنه، منذ بداية السنة قتل نحو 250 مسلحا فلسطينياً في اشتباكات في قوات الجيش الإسرائيلي في المنطقة أو في الغارات الجوية. وبزعم الجيش الإسرائيلي، فان كل الفلسطينيين الذي قتلوا في الأسبوع الأخير مشاركون في نشاطات عسكرية ضد إسرائيل، وبعضهم قتل في اشتباكات مجاورة للجدار في أثناء محاولاتهم زرع عبوات ناسفة أو التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية، آخرون في غارات من الجو من البر لخلايا اطلاق القسام.

وتقول هآرتس: quot;حسب المعادلة التي تبلورت مؤخرا، فان كل ضربة لقذائف هاون نحو إسرائيل ستجر هجوما على أهداف ومواقع للقوة العسكرية لحماس. وتنقل عن مصادر أمنية إسرائيل قولها أمس إن إسرائيل لا تعتزم الفحص من المسؤول عن كل إطلاق صاروخي إلى أراضيها. من ناحيتها، صاحب السيادة في المنطقة هي حماس وعليه، فان عمليات الرد ستوجه إليها مباشرةquot;. كما نقل عن مصدر عسكري إسرائيلي قوله: quot;ليس مسلما به أنه لم يكن حتى الآن أي عملية داخل إحدى البلدات في غلاف غزة. مطلوب قتال جارٍ وتحفز متواصل، وهذا لا يعني بان مثل هذه العملية لن تحصل وان أيا من جنودنا لم يقتلquot;.

وذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية أن قذيفة هاون سقطت أمس على مسافة غير بعيدة من رئيس الاركان الإسرائيلي غابي اشكنازي الذي زار القاطع بين إسرائيل وغزة قبل يومين وسمع من الضباط ما اعتاد على سماعه منذ زمن بعيد: لا مناص من عملية واسعة في القطاع.

ويصف مصدر امني المعضلة الجديدة لإسرائيل بالقول: quot;حتى هذا الأسبوع، وعلى مدى أشهر، اضطرت إسرائيل إلى جر مؤتمر أنابوليس مثل الأثقال، الأمر الذي منعها من شن الحملة الواسعة التي يجري الحديث عنها كثيرا في غزة. الأثقال الآن تحررت إسرائيل منها، ولكن فقط كي تستبدلها بأثقال جديدة ndash; المسيرة السياسية المتوقع استئنافها بعد زمن قصيرquot;. هذا فيما قالت صحيفة معاريف الصادرة اليوم أنه في لقاء مصالحة عقد أمس بين زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو وسيلفان شالوم قال نتنياهو إذا قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع شن حملة في غزة فسيكون هذا قرارا ينبع من اعتبارات سياسية داخلية.

وبحسب نتنياهو فأن أولمرت وبراك يلتزمان شن الحملة في غزة قبل نشر الاستنتاجات النهائية للجنة فينوغراد التي تحقق في إخفاقات حرب لبنان والمتوقع نشر نتائجها النهائية بعد نحو شهر، وبرأي نتنياهو فأن أولمرت سيلجأ للقيام بعملية عسكرية في غزة quot;لإنقاذ نفسه من أسنان فينوغرادquot;، على حد تعبيره. ويضيف زعيم المعارضة الإسرائيلية: quot;مثل هذه الحملة ستسمح لبراك بالبقاء في الحكومة ولاولمرت بتقزيم فينوغرادquot;.

ومن ناحيته، يرى الكاتب الإسرائيلي بن كاسبيت أن اولمرت استغل موضوع السلام وفبرك مسرحية المباحثات مع أبو مازن وانابوليس حتى ينقذ نفسه من براثن تقرير فينوغراد، وقال بن كاسبيت في مقال نشر في صحيفة معاريف اليوم: quot;في دوائر غير قليلة بدأت تتبلور فرضية أن كل هذه المغامرة الدولية الهائلة المقاييس التي أفضت إلى انابوليس قد ولدت في دماغ ايهود اولمرت اللامع ورمت إلى تحصينه وإبقائه في ديوان رئاسة الوزراء قُبيل الهزة السياسية التي ستحدث قريبا مع نشر تقرير فينوغراد النهائيquot;. كما أن المحلل السياسي عمير ربابورت يرى أنه رغم التعاون الأمني المتزايد بين إسرائيل والسلطة ضد العدو المشترك إلا أن حماس تعزز من مواقعها في الضفة أيضا، والعملية ضدها في غزة أصبحت وشيكة.

وقال ربابورت في مقال تحت عنوان quot;رئيس من دون تفويضquot;: في قيادة المنطقة الجنوبية يحثون من اجل شن عملية برية واسعة النطاق في غزة تشكل ضربة لمنظومة إنتاج واطلاق الصواريخ من قبل أن تتحول حماس إلى جيش عصابات بكل معنى الكلمة على شاكلة حزب الله. قيادة الجيش في المقابل ليست متحمسة لعملية تدخل الجيش في عمق القطاع من دون معرفة الوضع الذي ستؤول إليه الأمور عند عودة الجنود إلى البيت. أما المستوى السياسي فأقل حماسة بكثير.

ويضيف: quot;رغم ذلك هناك احتمالية عالية بأن تخرج إسرائيل إن عاجلا أو آجلا إلى عملية برية في عمق القطاع. الخطط جاهزة وانابوليس قد انتهى، والآن ينتظرون سقوط صاروخ قسام فتاك ربما على روضة أطفال في سديروت حتى تتلاشى كل القيود والحواجز أمام العملية. ليس من المؤكد أن مثل هذه العملية ستحل معضلة القسام، ولكن إسرائيل لن تواصل لمدة طويلة أكثر تحمل رشقات الصواريخ والجلوس مكتوفة اليدينquot;.

أما فيما يخص إمكانية التوصل لسلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد مؤتمر انابوليس، اعتبر يوئيل ماركوس الكاتب الدائم في صحيفة هآرتس أن quot;انابوليس أدى دوره بنجاح. ولكن المشكلة هي هل زعيمان ضعيفان قادرين على تنفيذ ما يتوقع منهما أن يفعلاه. أبو مازن الذي لا يسيطر على الدولة التي يقودها زعما، هل ستكون له القوة لمواجهة حماس وإعادة غزة إلى سيطرته؟ واولمرت الذي لا يقلع فوق 30 في المائة في استطلاعات الرأي العام، هل ستكون لديه القوة السياسية لتنفيذ التنازلات التي ستكون مطلوبة به؟quot;.