كاشفات متفجرات في بغداد و40 ألفًا لحماية زائري كربلاء والنجف
عيد العراق بالمحاصصة والمعتقلون محبطون لغياب العفو الموعود

أسامة مهدي من لندن: في عيد العراقيين الأضحى إنعكست المحاصصة التي طغت سياسيًا على أوضاع البلاد على إحتفالاتهم بهذا العيد الذي إحتفل به السنة اليوم بإنتظار إحتفال الشيعة به الجمعة، كما إختلفت عطلته التي أعلنتها الحكومة المركزية عن تلك التي قررتها حكومة كردستان وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذت في العاصمة ومدينتي النجف وكربلاء اللتين بدأ يتدفق إليهما عشرات الآلاف لزيارة مراقدهما المقدسة، في وقت إستقبل المعتقلون الخمسون ألفًا هذا العيد بمشاعر إحباط كبيرة لعدم إعلان العفو عن قسم كبير منهم والذي وعدت بصدوره الحكومة قبل حلول العيد. ففي الوقت الذي إحتفل المسنة العرب والأكراد اليوم ببدء عيد الأضحى، فإن الشيعة سيبدؤونه الجمعة الأمر الذي إضطر الحكومة من أجل مراعاة مشاعر الجميع إلى الإعلان أولاً عن عطلة رسمية تبدأ اليوم وتنتهي الثلاثاء المقبل، ثم عادت وأضافت إليها الثلاثاء أيضًا ليتمتع المسيحيون بعطلة ميلاد السيد المسيح ولتكون العطلة أسبوعًا كاملاً للمرة الأولى في تاريخ العراق الحديث بعد أن كانت أربعة ايام فقط. لكن حكومة كردستان وعلى العكس من أيام العطلة التي قررتها حكومة المركز فقد اصدرت بيانًا اشارت فيه الى ان عطلة العيد في الاقليم ستكون ستة ايام بدءًا من الاربعاء وحتى الاثنين المقبل.

القادة يهنئون داعين إلى المصالحة ومواجهة الارهاب والفتنة الطائفية

واصدر القادة السياسيون بيانات تهنئة الى العراقيين دعوهم فيها الى العمل على واد الفتنة الطائفية وتحقيق المصالحة والوقوف بوجه الارهاب والمشاركة الفعلية في بناء البلاد. وقال الرئيس جلال طالباني quot;إن بلادنا تستقبل العيد مستبشرة بما تحقق على صعيد ترسيخ الأمن وإشاعة الاستقرار وإعادة المهجرين ووأد الفتن التي حاول مشعلوها الإيقاع بين أبناء الوطني الواحدquot;. واكد ان العراق الآن بأمس الحاجة إلى تظافر الجهود من أجل بلوغ المصالحة الوطنية الكاملة وتأمين المشاركة الفعلية والفاعلة للجميع في وطن الجميع. اما رئيس الوزراء نوري كامل المالكي فقد اعتبر هذه المناسبة بمثابة عيد quot; التضحية والانتصار والوحدةquot;.

وقال مخاطبًا العراقيين quot;يحل علينا عيد الاضحى المبارك هذا العام وأنتم تتطلعون الى يوم مشرق ملؤه الأمل والمحبة والوئام والتسامح وأنتم اليوم أشد قوة وأكثر عزيمة وقد تخلصتم من الدكتاتورية وتوحدتم في مواجهة الإرهاب والفتنة الطائفيةquot; . ودعا العراقيين quot;لإغتنام هذه المناسبة العظيمة والإستفادة من دروس الماضي عبر التمسك بالوحدة الوطنية و بضرورة التعايش السلمي وإحترام معتقدات وحريات الآخرين والتنوع الديني والقومي والمذهبي الذي يتميز به العراق ، وحماية منجزات الشعب وثرواته الوطنية وتجربته الديمقراطيةquot;.

وعاهد المالكي العراقيين quot;على بذل كل مانستطيع من أجل تحقيق طموحاتكم وأمنياتكم في عراق آمن مزدهر وعدالة ومساواة وفرص عمل وإعمار يليق بكم وببلدكم لما يتمتع به من خيرات وموارد طبيعية وبشريةquot;. وأكد قائلاً quot;إننا مصممون بعون الله على بناء دولة المؤسسات وبسط سلطة القانون بهمة أبناء قواتنا المسلحة البطلة التي أثبت قدرتها على تحقيق الأمن والإستقرار وتحمل المسؤولية التي نستعد لإستلامها بشكل كامل في عموم البلاد.

ومن جانبه قال رئيس المجلس الاعلى الاسلامي زعيم الائتلاف الحاكم السيد عبد العزيز الحكيم ان العراق يعيش اليوم مرحلة جديدة من مراحل البناء الداخلي على الصعيد السياسي والامني والمحافظة على الوحدة الوطنية والاعمار وتقديم الخدمات الافضل .. وعلى صعيد الانتقال الى فضاء العلاقات الدولية الاوسع من خلال السعي الى اخراج العراق من ولاية الفصل السابع من قرارات مجلس الامن الدولي مما يحقق له السيادة الكاملة على اراضيه وشؤونه بعد ان سلبت منه هذه السيادة منذ ما يقارب العقدين من الزمن بسبب سياسات النظام السابق. واضاف ان كل ما تحقق من انجازات للعراق خلال السنوات السابقة وما سيتحقق خلال الفترة القادمة quot;هي بفضل صبركم وجهادكم ودعمكم للعملية السياسية التي وضعت نصب اعينها ومنذ البداية تحقيق الاستقلال الكامل والحرية والعدالة للعراقيين جميعًا دون التفريق بينهم على اساس قومي او ديني او مذهبي فالعراق للجميع والعراقيون جميعاً شركاء متساوون في وطن واحد يشعر الجميع تجاهه بالمسؤوليةquot;.

وخاطب من وصفهم بالعراقيين القادمين الى الحج من البلاد البعيدة قائلا quot;ان عراقكم بحاجة إليكم وان بأمكانكم العمل من اجله بكل الصور الممكنة وان شعبكم ايضًا بحاجة إليكم ولا نقصد بالحاجة الحاجة المادية بل نعني بها الحاجة المعنوية فأنتم سفراء بلدكم الى العالم، وانني ادعوكم الى التواصل مع الاحداث والتطورات التي يجري في بلدكم والجميع ينتظر منكم ان تحلموا رسالة بلدكم والدفاع عنه في كل المحافل التي تتواجدون فيهاquot;وقال مخاطبًا المسلمين قائلاً quot;ان الوحدة بين العراقيين خط احمر لا يمكن تجاوزه واننا بذلنا كل ما نستطيع من اجل المحافظة على هذه الوحدة على الرغم من كل الجرائم والاعتداءات التي ارتكبتها العصابات التكفييرية ضدنا وضد مقدساتنا الاسلامية لأننا نعتقد ان هذه الاعتداءات والجرائم لا تمثل الاتجاه العام لدى ابناء شعبنا بل هي طارئة ودخيلة وموقتةquot; ودعا الحكيم quot;علماء المسلمين من اخواننا السنّة في كل مكانquot; الى ان quot;يعملوا بكل جهدهم على المحافظة على وحدة المسلمين في كل العالم وفي العراق على وجه الخصوص لأن انطلاق الفتنة الطائفية في البلاد الاسلامية لن تكون الا لصالح اعداء الاسلامquot;.

اما نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي فقد قام امس بتوزيع مبالغ نقدية لممثلي مناطق الشعلةِ والكاظميةِ والأعظميةِ وحيِّ العاملِ والدورة في بغداد وذلك من أجل نحر الأضاحي في تلك المناطق وتوزيعها على فقراء العراقيين. وقال الهاشمي في كلمة ألقاها بالمناسبة quot;نلتقي اليوم لنوظف الأضحية في تحقيق مزيد من الخير لأهلنا وشعبنا لحقن دماء العراقيين وإشاعة السلام والوئام وثقافة التسامح بينهمquot;. وحول ما وصلت إليه الأوضاع في العراق أكد quot;أن الفتنة الطائفية قد تلاشت الا أن هناك مشكلة سياسية... فبالرغم من حصول تقدم أمني في عدد من مناطق العراق لكن هذا التحسن لم يرافقه تحسن سياسي، مشيرًا إلى أن المشكلة لا زالت في إطار إمكانية العراقيين على حلها.

تشديد الامن في بغداد وكذا بكربلاء والنجف لحماية عشرات الاف الزائرين

ومن اجل حماية المحتفلين بمناسبة العيد فقد أعلنت السلطات العراقية عن مجموعة إجراءات أمنية مشددة في العاصمة. وتضمنت الاجراءات نشر قوات اضافية لتأمين الحماية للمساجد والحسينيات والمراقد المقدسة والمتنزهات والاسواق العامة تشارك فيها القوات العراقية بمساندة المتعددة الجنسيات. كما تم ايضا نشر اجهزة للكشف عن المتفجرات في مداخل العاصمة ومنافذها ومنع وقوف المركبات في الشوارع العامة وقرب الاماكن المزدحمة والتجمعات وحظر سير العجلات النارية او مرورها داخل الاسواق والاماكن العامة لمنع استخدام الارهابيين لها في عمليات التفجير اضافة الى تنفيذ عمليات تفتيش للمواطنين والعجلات.

وفي كربلاء (110 كم جنوب بغداد) ولحماية عشرات الالاف من الزائرين القادمين من مختلف انحاء البلاد لزيارة مرقدي الامام الحسين واخيه العباس اعلن قائد شرطة المحافظة نشر سرية كاملة من القناصين على اسطح البنايات العالية في مركز المدينة القديمة وذلك من اجل معالجة الحالات الطارئة وتامين وقوع اعتداءات صاروخية من المناطق الشمالية والغربية منها.

واضاف العميد رائد شاكر جودت ان القوات الأمنية في المحافظة قد نشرت قوات كبيرة ولمسافات بعيدة لتلافي وقوع اعتداءات صاروخية على الزائرين، مؤكدًا على نشر فوج كامل لمكافحة اعمال الشغب مع نشر قوات اضافية من الشرطة لحماية الخندقين الشمالي والجنوبي الذين تم حفرهما مؤخرًا على مدخلي كربلاء من الجهتين وبمشاركة حوالى 20 الف رجل امن. وقال انه تم تقسيم حدود المحافظة الى ثلاثة اجزاء تتمثل بالمناطق الصحراوية ومناطق البساتين الكثيرة ومناطق المسطح المائي إضافة الى تقسيم مدينة كربلاء الى ثمانية مقاطع.

اما في محافظة النجف (160 كم جنوب بغداد) فقد تم فرض أطواق أمنية حول محافظة النجف يشارك فيها 20 ألف منتسب أمني يمثلون الشرطة وقوة حماية المنشآت والحرس الوطني وحرس الحدود والأجهزة الاستخباراتية. وتركزت الإجراءات الأمنية في محيط المدينة القديمة ومقبرة وادي السلام بصفتها المناطق التي ستشهد توافد الزائرين كما وتم غلق المدينة القديمة ومقبرة وادي السلام بوجه العجلات. وابلغ المسؤول الاعلامي في المحافظة احمد دعبل وكالة انباء quot;اصوات العراقquot; انه تم فتح معظم المنافذ الخارجية للمدينة التي كانت تغلق عادة بوجه الزائرين حيث ستشهد العجلات الداخلة للمحافظة تفتيشا بوساطة أجهزة الكشف عن المتفجرات . واشار الى انه تم وضع خطة ساندة للخطة الأمنية وهي الخطة الخدمية والتي يشارك فيها جميع الدوائر الخدمية هي الصحة والبلدية وهيئة النقل والماء والمجاري حيث قامت دائرة صحة النجف بنصب عدد من المفارز الطبية عن مداخل المدينة الأربعة بالإضافة إلى توفير عدد من سيارات الإسعاف التي ستسير داخل المدينة القديمة لتفادي أي حالة طارئة.

المعتقلون اكبر المحبطين لعدم صدور العفو الوعود عنهم

وعلى الرغم من الاحتفالات بالعيد فإن 50 الفًا من المعتقلين يبدون اكثر العراقيين احباطًا في غياب العفو الذي بشرت باعلانه قبل العيد اوساط سياسية مقربة من رئيس الوزراء نوري المالكي الذي قال نفسه الشهر الماضي أن لدى الحكومة خططًا لإعلان عفو محدود يشمل فئات من المعتقلين غير المتورطين في أعمال العنف وقتل العراقيين. وقال مستشار الامن القومي موفق الربيعي لدى استلام الملف الامني في البصرة الاحد الماضي ان هناك 50 الف معتقل منهم 26 الفا لدى القوات الاميركية و24 الفًا لدى السلطات العراقية مشيرا الى ان العفو سيشمل ثلثيهم لكن الامر يتطلب موافقة مجلس النواب واتخاذ اجراءات قانونية.

ويقول الخبير القانوني طارق حرب أن الدستور العراقي يقضي بإطلاق سراح أي معتقل خلال 24 ساعة إذا لم تثبت الادلة والبيانات والحجج ضده موضحا أن استمرار اعتقاله يعد مخالفة قانونية للدستور. واضاف انه لا بد من الاحتكام الى الدستور العراقي والاتفاقيات الدولية لانهاء معاناة المعتقلين ولا بد ان تأخذ العدالة مجراها.

ومن جانبه، قال النائب حارث العبيدي عضو جبهة التوافق العراقيية ان عشرات الألاف من المعتقلين وذويهم كانوا يتطلعون إلى إعلان عفو عام عن المعتقلين لدى القوات الحكومية والأميركية ولكن جاءت خيبة الأمل والصدمة التي عكست صورة ليست طيبة بعد سماعهم إن التحالف الرباعي أعلن رفضه لإعلان العفو العام. وتسائل العبيدي قائلا quot; لماذًا لا يسلك التحالف الرباعي الطريق الذي يؤدي إلى وحدة الصف ولم الشمل وصفحة في المصالحة؟ وكم من عيد مضى على المعتقلين؟ . وأضاف ان الطريق الذي سلكه التحالف الرباعي ليس الطريق الذي سلكته الكثير من الدول التي عانت من المشاكل وأرادت أن تخرج من أزمتها في فتح صفحة للمصالحة وهذا خطأ كبير ارتكبته هذه الجهات. وأشار العبيدي الى ان جبهة التوافق العراقية تطالب الحكومة باطلاق سراح المعتقلين الابرياء موضحًا ان هناك عشرات الألاف من المعتقلين لم يرتكبوا اعمالا مخلة بالقانون لكنهم سجنوا بناء على وشايات وأباطيل.