صنعاء: تنتشر ظاهرة الزواج المبكر فى اليمن بين الفتيات أكثر منها وسط الشباب، حيث لا تزال وفقا للاحصائيات عادة راسخة وبخاصة فى الريف حيث يتخذ الآباء واولياء الامور في الغالب قرار الزواج للفتيات والشباب.

وفي هذا الصدد، اظهر تقرير حديث صادر عن مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعى بجامعة صنعاء أن نحو 52 فى المائة من الفتيات اليمنيات تزوجن دون سن الخامسة عشرة خلال العامين الأخيرين مقابل 7 فى المائة من الذكور.

وشكل زواج الفتيات الصغيرات ما نسبته 65 فى المائة من حالات الزواج المبكر منها 70 فى المائة في المناطق الريفية خلال هذه الفترة وفقا للتقرير الذي اشار الى انه في بعض حالات لا يتجاوز عمر المتزوجة الثماني أو العشر سنوات.

وكشف التقرير عن فجوة عمرية كبيرة بين الزوجين، تصل في بعض الأحيان إلى حالات يكبر فيها الزوج زوجته بـ56 عاما، موضحا ان أن الأغلبية ممن تم استطلاع آراؤهم فى الفئة العمرية أقل من 18 عاما رأت أن سن الزواج الأنسب للفتاة هو بين 15 إلى 16 عاما وللفتيان هو بعد حصولهم على فرصة عمل أو توفير المهر.

وتتضافر عدة أسباب وعوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية للوقوف خلف ظاهرة الزواج المبكر في اليمن، من أهمها القيم الاجتماعية التى تنظر إلى الزواج المبكر باعتباره صيانة من الانحراف، حيث يعتقد الكثير من أولياء الأمور أن زواج البنت وهى صغيرة ضمان للحفاظ على شرفها وشرف العائلة وان زواج الشباب بعد بلوغهم مباشرة يحميهم من الانحراف وممارسة الفاحشة.

كما يلعب الفقر دورا رئيسيا في انتشار الظاهرة، فهو يجبر الكثير من الأسر على تزويج بناتها مبكرا للتخفيف من العبء المالى الذى يفرضه وجودهن مع أسرة الأب.

ويقول وليد البشير مدير مكتب المنظمة السويدية لرعاية الأطفال فى صنعاء إن واحدا من أسباب ظاهرة زواج المبكر في اليمن هو أن القوانين اليمنية لا تحدد سنا للزواج، مشيرا إلى أن قانون الأحوال الشخصية اليمنى لعام 1992 كان يحدد الحد الأدنى لسن الزواج بخمس عشرة عاما، لكن وبموجب تعديل حدث عام 1998 تم سحب المادة التى تحدد تلك السن ومن ثم لم يعد فى القانون اليمنى ما يمنع الزواج المبكر.

وأضاف أن اليمن يعانى من مشكلة أخرى تتمثل فى تضارب القوانين التي تحدد سن الطفولة، ففي بعض الأحيان يعتبر أن سن البلوغ هو سن الرشد الأمر الذى يترتب عليه تمييز قانونى بشأن التعامل مع الأطفال فى نفس السن لأن سن البلوغ ليست واحدة بين البنات والأولاد وهى تتفاوت من شخص لآخر.

وتطالب العديد من منظمات المجتمع المدني بتعديل قانون الأحوال الشخصية حيث يحدد سن 18 عاما كحد ادني للزواج ، لكن هذه المطالبة تصطدم برفض بعض أعضاء مجلس النواب وعدد من رجال الدين فى المجتمع اليمنى.

ويقول كثير من المدافعين عن زواج الصغار أن الإسلام لم يحدد سنا للزواج، بل حث على الزواج المبكر، ويتساءل الداعية الدكتور مازن مطبقاتى: ماذا يفعل الشباب بغرائزه وشهواته إذا تأخر سن زواجهم إلى ما بعد تخرجهم من الجامعة؟.

وقد تحدث إسلاميون عن أضرار كبيرة لتأخر الزواج فى عصر شهد ثورة جنسية عن طريق الأطباق الفضائية والإنترنت بما تحويه هذه الوسائل من ثقافة جنسية غير منضبطة وبصورة متاحة للجميع.

لكن وبالمقابل، فان هناك رجال دين يمنيين يعارضون الزواج المبكر ويرون أن زواج الصغيرة دون رضاها وإدراكها باطل شرعا.