س / ما هو مدى انتشار الفساد الاداري والمالي في فترة الاحتلال ؟ وكيف يعالج؟
ج / ان الفساد الاداري و المالي ليس بالجديد لا على الشعوب ولا على الدول وهو داء خطير ينخر اي نظام من الداخل ويقًٌَوض وجودها على خارطة العالم. عالج البريطانيون ايام (كرومل) الفساد بتبسيط روتين الخدمات وعدم تعقيدها ولازالت اثار هذه النظرية موجودة الى الان فمكاتب البريد تقوم بخدمات كثيرة في آن واحد.
نحن نعلم ان العراق في مرحلة الاحتلال ووجود مجلس الحكم المؤقت يمر بظاهرة فساد قلة أن وجدت من قبل وهذا الفساد لم يأتي من فراغ أذ ان اواخر ايام صدام كان الفساد يلامس عنان السماء فتهريب النفط و بيع اذونات الشراء والتصدير من قبل مكتب الرئاسة كان ظاهرة يمتاز بها العراق،فقد أشترى صدام الكثير من الذمم عن طريق منح المشتري ذمته بضع ملايين من النفط الخام وقد نشرت اسماء هؤلاء ولازلت اؤمن ان العراق الجديد يجب ان يلاحق هؤلاء الذين أثروا على حساب اموال الشعب العراقي.
وأستطرادا...نقترح ان يُسن قانون بتشكيل محاكم يُحال اليها كل متهم برشوة او قبض مال حرام ليحاسب وفق قانون التطهير وتحت شعار (من أين لك هذا ؟ ).كما نقترح ان تسجل كل املاك ذوي الحل والربط من العراقيين ومقدار ملكيتهم حتى تتمكن لجان التطهير من تدقيق ظاهرة الفساد. ان العراق دون تطبيق هذه الخطوات ووجود دكاكين سياسية تدعي المعارضة لاجل الكسب الشخصي ستوسع دائرة الفساد والرشوة.ان المبادرة السريعة هي خير عامل لقطع داير هذا المرض الذي يهدد سلامة الحكم ونزاهته.


س / ماهو الفرق بين التطبيق والتشريع ؟
ج / كان اهل الفقه ومفسري القانون و العاملين في اطار تنفيذه يؤمنون بالقول "ان العبرة بالقانون ليس بالتشريع بل بتطبيقه" فاليد التي تطبق القانون هي التي تحدد قربنه وبعدها من العدالة في التطبيق.
أن نظام صدام وبعد ان امعن في تخبط تشريعي تحت اطار قانون اصلاح النظام القانوني برئاسة وزير العدل، وجد ان في تعديل الثوابت المقررة في القوانين العقابية تصب في مصلحة وجوده واستمرار نظامه وادخل مبدأ جديد حدد قدرة القاضي في تقدير العقوبة وصياغة قرار التجريم فمن ناحية صياغة التجريم اصدر تعديلات على قانون العقوبات المرقم 111 لعام 1959 وهي تعديلات مستمرة حدد فيها المسافة في تقدير القاضي لمدة العقوبة بين حديها الاعلى والادنى، أذ وضع جملة "بعقوبة سجن لا تقل عن ما حدد لها من عقاب في مواد تعديلاته الصادرة ".أي ان القاضي لايملك الخيار الا ان يحكم بالحد الادنى المنصوص عليه في القانون ومثال ذلك جاءت المادة "من قام بسرقة دار سكن ليلا بعقوبة لا تقل عن خمسة عشر عاما". كما أن صدام قام بالغاء عقوبة الغرامة وهذه العقوبة هن عقوبة حضارية نجد تطبيقها في دول أوربا،وهذا خللا في تطبيق القانون وتشريعه.
أن فسح المجال امام السلطة التنفيذية بتجاوز الخطوط الحمراء تدخلا في وظائف القضاء لا ينم على ظاهره صحية ويجعل جواد العدالة في كبوة مستمرة،ولكن للاسف ما كان النظام البعثي ليأبه بالظواهر التقدمية والحضارية وتوفير العدالة لشعب أصلا يعيش في سجن كبير ويعمل لاجل رفاه زمرة باغية همها الاستغلال والحصول على المال والثراء حتى وصلت قصور صدام الى اكثر من (140) قصراً.
الدولة التي لا توفر العدالة عن طريق قضاء نزيه هي دولة خاوية من مقومات بقائها وهكذا نجد نظام صدام لم يستطع الدفاع عن تربة البلد لغياب المؤسسات الدستورية وقضاء عادل وحطم القول بأن العدل أساس الوجود للدولة والنظام.


س / ما هو الخط الفاصل بين القناعة بصحة التصرف و الخيانة الوطنية؟
ج / العراقيون على مختلف قناعاتهم ومذاهبهم السياسية ضد أي نوع من التدخل الاجنبي و يرفضون تماما الاحتلال بأي شكل كان. فثورة العشرين في مناطق جنوب العراق واقعها في الديوانية العارضية ومعركة تل اللحم، ومشاركة عارض وبني حجيم وعشائر الجنوب هي اول أوليات الوطنيه التي تمر بذهن السياسي العراقي.بكل احترام هؤلاء الثوار استطاعوا اخراج الاحتلال الانكليزي بسلاح بسيط وطرق بدائيه رغم استعمال المحتل الطائرات والمدافع وغيرها. قدَّم فيها الثوار (60) الف شهيد طاعة لرجال الدين الثوار كالشيرازي والخالصي واعلام الشيعة ومساندة بعض اعلام رجال الين السنة.
اليوم و ضمن الواقع وجد العراق نفسه تحت وطأة الاحتلال الامريكي و مع أمتنان للفضل الذي جاءت به قوات الاحتلال بأسقاط نظام البعث، الا ان بوادر التناقض بين كراهية العراقيين للاحتلال وصبرهم عليه تثمينا لخطوة عملية خلع الدكتاتور من سلطة العراق.
بعضهم وهم المنصفين كادوا بوجوب معاملة المحتل عن طريق قاعدة الفن الممكن وعلى مبدأ خذ و طالب وبالطرق السلمية وذهب البعض الى اكثر من ذلك أذ التحق بدورات تدريبية في واشنطن مقر البنتاكون من اجل تخطيط بناء المجتمع السلمي ما بعد الاحتلال وهنا وجدوا هؤلاء حرج كبير في ان يكونوا مستشارين موزعين على الوزارات العراقية رغم انهم على كفاءة عالية اذ ان النهج الامريكي للاستفادة من خبرة العراقيين ذوي العقول مع البنتاكون لم تعطيهم الحق في فصل القرار، أذ ان القرار لازال بيد الامريكان الموظفين في الجهاز الاداري للبنتاغون واصبح العراقيون مهمشون في تصرفهم.
الان ما العمل لهؤلاء وما طريقة الاستفادة من خبرتهم ؟السلطة الامريكية بعد ان عينت مجلس الحكم عشوائيا وعلى أسس غير واقعية،يجد المرء صعوبة في مواصلة العطاء الوطني من اجل نقل المجتمع العراقي الى ديمقراطية موعودة، وبقي مفهوم السلوك الوطني مقارنة بسلوك العميل يصدر حسب قناعات المواطن وحسب ادراكه بالحالة التي يمر بها العراق واضطراره الى تبني فكرة التعاون، اذ ان رفض هذه الطريقة سيضطر امريكا الى تعيين حاكم عسكري ضمن اطار دكتاتوري جديد يخدم مصالح امريكا وهذا ليس في تصور اي ذو هاجس وطني.


س/ أوجب واجبات وزارة العدل نشر الوعي القانوني بين الجماهير. أتعمل الوزارة بهذا الرأي؟

ج / وزارة العدل هي من أهم الوزارات التي تحقق طموحات الشعب العراقي في هذه المرحلة. فهي المرجع في أعلان الهيكليه القضائية للمحاكم، فهي المرجع والاساس لتقديم مشاريع قوانين تبني صرح عدالة العراق وما احوج العراق اليها بعد نظام البعث !منها مشروع محكمة دستورية القوانين ومشروع المجلس الاعلى للقضاء ومشروع التفتيش العدلي الحضاري ومشروع التدوين القانوني للتاكد من سلامة الصياغة المضمون للقوانين وهناك الكثير مما على وزارة العدل القيام به من ظرف دقيق كالظرف الحالي. جميع هذه المشاريع تزداد قوة في التطبيق يوم تعمل الوزارة على نشر الوعي القانوني.

إن نشر الوعي القانوني من المهام الصعبة والمعقدة وخاصة أن نظام صدام حسين جّرد العراقيين من أي نوع من الاهتمام في اي قانونيعرفون مسبقا انه صدر لمصلحة النظام ومصلحة بقاءه. من هذا المنطلق نقترح على وزارة العدلية ان تقوم بالخطوات التالية:
1) تشكيل لجان تضم قانونيين و حقوقيين ومحاميين يركزون أهتمامهم
منهج واضح على نشر الوعي في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بالاضافة الى تنظيم ندوات واجتماعات لالقاء المحاضرات في مواضيع قانونية سواء صدرت تشريعيا او من سبيل صياغة مضمونها.

2) نقترح على وزارة العدل اصدار نشرة قانونية دورية يساهم في تحريرها الخبراء القانونيين من خبراء وقضاة ومحاميين.
3) نقترح على وزارة العدل ارسال ممثلين من ذوي الاهتمام بالقانون الى دورات قانونية تشريعية تنعقد في خارج العراق.
دون تطبيق هذه الخطوات هناك خلل في عملية ارتقاء العراق تشريعيا وعلينا التكاتف من اجل خلق الوعي القانوني المطلوب.

س / قانون بول بريمر في اجتثاث المجتمع من حزب البعث برأيكم ممكن التطبيق وما مدى واقعيته؟
ج / لكل فكرة ينقسم الناس في نظرتهم لها الى قسمين وصدور قانون بريمر في محاربة افراد البعث وأجتثاثه والخطوات العملية التي اعقبت هذا القانون بفصل الالاف من الكوادر البعثية هي سياسة برأيي خاطئه وغير واقعية وتسبب هدرا في طاقات الشعب العراقي وكفاءات الافراد الذين اقتضت ظروف معيشتهم الى الانتماء الى الحزب الحاكم.ليس كل البعثيين رديئين فمنهم من آمن بأعتناق نظرية الاشتراكية مطعمة بأحساس قومي وشعاراتها الخلابة مثل (امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) و (من المحيط الى الخليج) و(وحدة حرية أشتراكية) التي غالى ميشيل عفلق مؤسس الحزب في غسل عقول الشباب.

في عام 1963 جاء حزب البعث وقضى على كل معالم الديمقراطية بأنقلاب دموي ذهب ضحيته اكثرمن عشرة الاف يساري ديمقراطي اكثرهم قتل على الهوية والمزاجية.وبعد التسلط البعثي خططوا باتقان على استيعاب أكبر عدد ممكن من العراقيين ضمن الحزب القائد وأخذوا بيدهم مفاتيح السيطرة، فسيطروا على الاعلام ودوائر الامن و المخابرات و كل الدوائر الحساسة بحيث لا يجد المواطن خيارا سوى الانتماء لحزب السلطة مثل هذا التوجة أضطر الحزب الشيوعي ان يوافق على هجرة جماعية لكل من له ميول يسارية ديمقراطية. ونظرة بسيطه نجد ما قسوة تطبيق قانون بريمر لاجتثاث حزب البعث وعلى ما لا يقل عن ملايين البعثيين الذين أجبروا على التعاون مع الحزب والسير في ركابه. أذ جعل صدام امام هؤلاء خيارا واحدا هو المواكبة والانتماء للحزب الحاكم فالانتماء ضروري لما يلي لمفردات الحياة:
أ- دخول المنتمي واولاده الى الجامعات والمدارس.
ب- صرف البطاقة التموينية لاجل ان يعيش.
ج- الحصول على لقب أصدقاء الرئيس، وهذه الصداقة تعني الكثير.
د-لا سفر ولا حضور مؤتمرات ولا دراسة خارج القطر الا بعد ان يقدم هوية الانتماء.

هذه الحالات وغيرها أضطر الكثير الى الانتماء وهم مكرهون بهذه الاغراءات او خوفا من سوء المصير اذا رفض الانتماء، أني اؤمن بأن لا رحمة بالمسىء....ولكن من هو المسىء ؟

أهو الذي اضطرته ظروف الحياة وتشبثه بالبقاء ودفاعه عن حريته بهذا الانتماء الشكلي، ام هؤلاء القياديين البعثيين الذين مارسوا التعذيب والاغتيال والسطو السياسي والمالي والمتاجرة بأموال الشعب وكل الصفات الرذيلة، هؤلاء هم الذين يجب ان لا يرحموا أذ لا يمكن قبول اي عذر او تسامح مع قتلة الشعب ومخططي المقابر الجماعية وقصف حلبجة بالكيمياوي وضرب الانتفاضة الشعبية المباركة وقصف اضرحة الائمة،هؤلاء هم الذين يجب ان يحاكموا بقوة القانون ونفاذه وان يجري تطهيرالمجتمع فعلا من هذه الرموز.

هذا هو المنطق، وغير ذلك يشرخ الشعب العراقي ويبعد عنه أناس يستفاد منهم العراق لو أعيد تاهيلهم وخاصة أن العراق عليه ان يضم مثل هؤلاء وان لا يحرم ذويهم بسبب اعمال وأخطاء الاباء،
والله المستعان.

رئيس(محامون بلا حدود)