بتستر بالغ تقوم جهات في العراق العمل على اخفاء معالم الجرائم التي يرتكبها جنود الأحتلال بحق العراقيين، الجرائم منها العمدية او جرائم الخطأ. الجهات التي تحاول أن تتستر على هذه الجرائم تحاول أن تخفي الموضوع ليس فقط عن وسائل الأعلام، وأنما حتى عن العراقيين انفسهم، مساهمة منها في أعماء الحال وعدم التفريط بالأوصاف والالقاب الجميلة التي نطلقها على قوات الأحتلال البغيض.
وهذا الأخفاء المتعمد والسلبي تحت شتى الذرائع والحجــج يدفع بالجناة ومرتكبي جرائم الخطأ، او تلك التي تتبرقع بالخطأ بحق العراقيين الى التمادي في الأنتهاكات والخروقات التي تمارسها عقلية هذه العناصر واستخفافها بحياة الناس في العراق، فليس كل عراقي متهما كما كان في الزمن الصدامي البغيض، كما ليس كل عراقي يتقبل وجود المحتل على ارضه وتحت سماءه، الا ان الحق كل الحق للعراقي في ان يتم التعامل معه وفق المواثيق والقرارات الدولية وماتقرره لوائح حقوق الأنسان، وليس وفق قوانين الغاب والقوة وعقلية الجندي الأجنبي الذي يضع يده على الزناد يطلق الرصاص في اية لحظة ممكنة.
وأذ يرتكب جنود الأحتلال من الجرائم مالايتناسب مع الأجراءات التي نسمع أن قياداتهم قد اتخذتها بحقهم في بلدانهم، أو ان هذه الجرائم نشرت بشكل واضح في الأعلام العراقي منه أو الدولي، وحين تقدم هذه القوات على أرتكاب جرائم خسيسة وبالغة الأهانة بحق المواطنين العراقيين من المدنيين، ومن الذين يثبت عدم ارتكابهم اية مخالفة أو فعل مخالف للقانون او متعارض مع وجود القوات المحتلة في العراق، فأن الأجراءات المادية منها أو المعنوية التي تم اتخاذها بحق المواطن العراقي الذي ثبتت برائته، وسواء تم الأفراج عنه أو بقي في محطات التوقيف التابعة للقوات الأجنبية، فان هذا المواطن يستحق ليس فقط التعويض عن التعدي على مشاعره وأحاسيسه الأنسانية وليس فقط التعدي على مشاعر واحاسيس عائلته، وانما الى الضرر المادي الذي لحقه جراء هذا الانتهاك الصارخ والتعدي البليغ على حريته وقيمته الأنسانية وكرامته الشخصية ورزقه في تحصيل قوته وعائلته.
وتقدم في العديد من الأحيان وتحت ذريعة الخطأ، أن ترتكب القوات المحتلة جريمة القتل الخطأ أو تتسبب في قتل احد الناس من غير عمد، سواء كان فعل القتل ناتجاً عن اهمال أو رعونة او عدم احتياط او عدم مراعاة للقوانين والأنظمة، فأن الحال يقتضي أن تتم محاسبة مرتكب الخطأ أي كان موقعه أو مكانته ورتبته، وأن تكون المحاكم العراقية الفيصل في توصيف الفعل القانوني، في ما أذا كان الفعل الجرمي خطأ غير متعمد أو فعل مقصود.
حيث يقدم جنود الأحتلال وتحت هاجس الريبة والخوف على الأعتداء والأنتهاك لحياة ومشاعر العديد من المواطنين العراقيين، بالأضافة الى الأستهانة وعدم احترام المشاعر الانسانية لهؤلاء الناس.
والعراق وأن كان واقعاً تحت الأحتلال الا ان القرار 1546 الصادر عن مجلس الامن اكد على ضرورة وأهمية التنسيق الوثيق بين القوات المتعددة الجنسية وبين الحكومة المؤقتة، وهذا التنسيق ليس في مجال الأحتفالات وتبادل الأفكار، وانما لضمان حقوق العراقيين ومصالحهم، مما يستوجب على الحكومة المؤقتة التي هي مؤتمنة على حياة الناس ومستقبلهم ومصالحهم، أن تتصدى لظواهر القتل الخطأ والجرائم العمدية التي يرتكبها العديد من جنود الاحتلال تحت شتى الحجج والذرائع، ويتم دفنها وتضييع اخبارها وخلطها مع اخبار الحرب التي تشنها عصابات الرهاب والأجرام وفلول النظام البائد على اهل العراق.
أن تعزيز حماية حقوق الانسان وسيادة القانون في العراق لاتتم بوضع تصرفات جنود الاحتلال فوق القانون، وليس في تناسي وتجاهل الحقوق والمطالب التي ترتبت على هذه الجهات، وليس في عمليات الترضية والأسف التي تبديها هذه الجهات ليبقى المواطن العراقي صاحب الشأن ممن تعرض هو أو عائلته للضيم والظلم والتعدي رافعاً يديه الى الله فليس له سواه.
أن المادة 10 من القرار المذكور منحت القوات المتعددة الجنسية الحق في اتخاذ الاجراءات اللازمة في صيانة الامن والاستقرار، وان تتمكن هذه القوات من مساعدة الشعب العراقي لتنفيذ العملية السياسية، وتلبية احتياجات الشعب العراقي، أما ان تقدم القوات المذكورة على قتل العديد من العراقيين تحت ذريعة القتل الخطأ، او بزعم عدم امتثال بعض العراقيين للأوامر الأجنبية لعدم معرفة العديد منهم باللغة الاجنبية أو لعدم سماعهم تلك الأوامر لسبب او لآخر، بالأضافة الى أن مخالفة تلك الأوامر لايستدعي الأقدام على ارتكاب جريمة قتل، مما يوجب أن تتم محاسبة القاتل ليتم فرز عمله المخالف للقانون فيما اذا كان خطأ غير متعمد او انه فعل قتل متعمد يقف في صف الأستهانة والأستخفاف في الحياة العراقية.
أن الفقرة 12 من القرار منحت العراق بعد اكتمال عملية البناء السياسي الطلب الى القوات المتعددة الجنسية بمغادرة الأراضي العراقية وهو مطلب عراقي صميم، ومع كل هذا ستبقى حقوق العراقيين ممن قتلوا او تعرضوا لأية أفعال مخالفة للقانون وتحت أية ذرائع من القوات الجنبية عالقة غير محسومة، مما يوجب على جميع الجهات العراقية المتخصصة في مجال حقوق الأنسان أو القانون أن تلتفت الى هذه الناحية، وأن لايتم اخفاء الأفعال والجرائم التي يرتكبها جنود الاحتلال بحق المواطنين العراقيين، او يستحقها من تعرض الى أتهامات وتقييد لحريته وتفتيش لمنزله ولم يثبت ارتكابه اي عمل أجرامي أو مساهمة إرهابية.
أن اطلاق النار بشكل عشوائي ومقصود على السيارات وعلى العوائل التي تركب بها، واصابة الأعداد الذين يركبون بها أصابات قاتلة يوجب أن يطلع القضاء العراقي على تفاصيل القضايا وأن يستمع الى شهادات الشهود العيانية وأن يصدر قراره البات في هذه القضايا، ومن المعيب أن تبقى هذه الامور سائبة وكأن ارواح العراقيين رهن بمشيئة الجندي الجنبي، وكأن الحياة في العراق أصبحت رهن بعقلية الجندي الجنبي الجالس خلف سلاحه الرشاش الأوتوماتيكي فوق مدرعته أو دبابته.
وأذا كان هذا المواطن لايجد متنفساً لصوته، ولامجالاً للمطالبة بحقه، فهذا يدل على ان الحق لن يضيع فقد وأنما سننتصر جميعاً للباطل مادمنا نسمع ونشاهد بصمت مريب ومطبق ودون احتجاج وأعتراض.
ينبغي على دوائر الأدعاء العام في العراق أن تساهم بشكل جدي في فتح الملفات الخاصة بالحق العام وبحقوق المواطنين الذين يستوجب القانون أن يتقدموا بالطلبات والشكوى من قبل المتضرر من الجريمة او ممن يقوم مقامه قانونا.
وجرائم الخطا من الجرائم الواقعة في باب الجرائم الماسة بحياة الانسان وسلامة بدنه، وتختلف عن الجرائم العمد في مسالة النـية وسبق الاصرار والترصد والدافع في ارتكاب القتل، بينما يتم ارتكاب فعل القتل الخطا من غير عمد وهذه المسألة لايحددها الجندي الاجنبي ولاتقررها الجهات العسكرية المسؤولة عنه، أذ انها طرف في قضية لايمكن معها ان يكون الفيصل والحاكم فيها من اطرافها.
وأزاء التستر والصمت الجاري في عدم نشر مثل هذه الانتهاكات والجرائم، يتم ليس فقط تمريرها وتجاوزها بيسر وأستخفاف، وانما يتم تكرارها ومعاودة أرتكابها لعدم وجود اي رادع قانوني أو أعتباري أو انساني في مثل تلك القضايا.
ويترتب على الأقلام والصحافة العراقية أن تتخذ موقفاً يليق بوطنيتها ووقوفها مع شعبها وسط هذه المحنة، في عدم التصدي لمثل تلك الظواهر التي يروح ضحيتها العديد من الناس الأبرياء، ويتضرر منها العديد من ابناء العراق.