Embryonic Stem Cells

أجازت الحكومة البريطانية حديثاً الباحثين في جامعة نيوكاسل الإستنساخ لاستعمال الخلايا الأولية المأخوذة من الجنين الأولي ( البلاستوسيست ) في علاج أمراض السكر والرعاش وألزهايمر وغيرها، وهي بهذا تسبق دول الوحدة الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا التي تعتبر مثل هذه الأبحاث لمثل هذا الغرض أو غيره عملاً غير قانوني. وستُستعمل ذات التقنية التي ا ُستعملت في استنساخ النعجة دولي التي بدأ في آب 1996 وأعلن عنه في شباط عام 1997.

فما هي هذه الخلايا الأولية الجنينية التي تحرِّمها القوانين وتعتبر القيام بهذه الأبحاث عملاً غير مشروع من الناحية القانونية والأخلاقية ؟

الخلية الأولية هي الخلية التي لها القابلية على الإنقسام غير المحدود ( الأبدي ) والتي تستطيع أن تُـولِّد خلايا متخصِّصة وأعضاء، وتوجد في الإنسان في كل مراحل نشوئه من الجنين حتى البلوغ. ففي الجنين تقع ككتلة داخلية في مرحلة النمـو الأولى . فهي الخلايا التي تتكاثر أبدياً ودون حدود مُـولِّـدةً خلايا نامية Blastocyst

ومنقسمة، وإنَّ بعضَ هذه الخلايا المنقسمة يستطيع أنْ يتخصّص ( يتحول ) إلى أنواع من الخلايا المتخصصة المتميِّـزة حسب حاجة الجسم. فمن الممكن ( هندسة ) مادة الحياة دي. أنْ . أيْ. إلى أيِّ شيء يُـرغَب فيه، ثم إنشاء / توليد جديدة باستعمال الخلية الأولية. أما كيف يتمّ ُ هذا، فهو كما يلي :

تُخَصَّـب البويضة بالحيمن أو (الإستنساخ) لتكون بويضة مُخصَّبة تبدأ بالإنقسام فتشكل الجنين، الذي يبدأ من يومه الأول بالإنقسام وحتى اليوم الخامس أو السادس الذي يأخذ فيه شكلاً مُـدوَّراً يُسمَى بـالجنين الأولي أو المُبَكِّر (بلاستوسيست) وتبدو خلاياه الأولية ظاهرة للعيان وجاهزة للتحوّل إلى أيِّ نوع من الخلايا التي يحتاجها الجسم.

تُـؤخذ هذه الخلايا وتُزرع في المختبر، وعندما تتكاثر تشكل خطَّ خلايا أولية. وبعد استعمال طرقٍ وأساليبَ معيَّنة (لم يُكشف عنها بعد)، تتحول هذه الخلايا إلى أيِّ نسيج من أنسجة الجسم التي يبلغ عددها المئـتين، حسب ما خُطِّطَ له. فبهذا قد تتحول إلى خلايا جزر لانغرهانز، فتجهز شفاءً لمرض السكر، أو خلايا دماغية لعلاج مرض الرعاش أو ألزهايمر أو خلايا عضلية تحلّ محلَّ خلايا القلب التالفة. وبعد أن يتمَّ أخذ هذه الخلايا من الجنين الأولي، يُتلف الجنين، لأنه يُصبح غير ذي نفع. فبسماح الحكومة البريطانية لجامعة نيوكاسل بالمضيِّ قُدماً في هذا المشروع، والذي سيعقبه سماح الحكومات الأخرى عاجلاً أو آجلاً، ستتاح لكثير من المرضى الذين يعانون من أمراض ( جينية ) فرص الشفاء من هذه الأمراض. ولكنَّ د. مدراج ستويكوفيتش، أحد الباحثين في جامعة نيوكاسل، يقول إنَّ على المرضى الإنتظار خمسَ سنين على الأقل للحصول على مثل هذا العلاج.

تُسمّى هذه الخلايا عديدة القوى وتوجد عادة في نخاع العظم وفي أنسجة أخرى، ولكنها لا تُستعمل لهذا الغرض، لأنَّ العلماء يعتقدون بأنَّ الخلايا الأولية الموجودة في البالغين ليست قابلة للتحول كتلك التي هي موجودة في الجنين، لذا يُفضَّل استنساخ الجنين لاستعمال خلاياه الأولية.

وهناك شيء آخر أحب أنْ أذكره، وقد اكتُشف حديثاً ونشرته نيو إنكلاند جورنال أوف ميديسن في 12 آب الجاري، ذلك أنَّ خلايا السرطان الأولية تُعتبر مصدر الأورام السرطانية، لأنها تنقسم مُولِّدة خلايا سرطانية أكثر. هذه الظاهرة تفسر عدم فعالية الأدوية المستعملة في علاج السرطان للقضاء على السرطان. إذ أنَّ اجتثاث الخلايا الأولية للسرطان، التي تولِّـد خلايا سرطانية على الدوام، سيقضي على السرطان. وبمعنى آخر، إنَّ الأدوية يجب أن تستأصل السرطان من جذوره التي ينشأ منها. جاء هذا الإكتشاف أثناء البحوث في الخلايا السرطانية في المرضى الذين يعانون من مرض لوكيميا نخاع العظم Myelogenous leukaemia هذا المرض يسببه تبادل قطعة كبيرة من الكروموسوم 22 مع قطعة من الكروموسوم 9 حيث أنَّ معظم الكروموسوم 22 ينتقل إلى الذراع الطويل للكروموسوم 9 فيتكون كروموسوم فيلادلفيا المسبب لمرض اللوكيميا لاحتوائه على الجين السرطاني الشاذ bcr-abl. والغريب في الأمر أنَّ الباحثين وجدوا أنَّ هذه الخلايا التي أصبحت الخلايا الرئيسة الفعالة، وهي خلايا السرطان الأولية، لم تنشأ من الخلايا الطبيعية الموجودة في نخاع العظم، بل من خلايا الدم الطبيعية.

همسة حالم وأمنية

أن أرى باحثين عراقيين متحابّـين رغم اختلافاتهم العرقية والدينية والعقائدية يُجرون هذه الأبحاث، لإنقاذ الجيل الحالي والأجيال الصاعدة من عقابيل السرطان والأمراض الأخرى الناجمة عن اليورانيوم المستنفد الموجود في التراب والماء والهواء، بدلا من الصراع الدامي المُبيد، وأن يكون التنافس في الأكتشافات وليس على المناصب!