غرفة التجارة والصناعة قررت الدخول في المعترك السياسي لأنها اكتشفت أن الجالس على مقعد البرلمان - حتى لو كان البرلمان من دون اسنان - يستطيع أن يؤثر في الاقتصاد سلبا أو ايجابا. ومنذ ،2002 فإن الآثار السلبية للبرلمانيين أكثر من الآثار الايجابية لأسباب عدة أهمها عدم وعي عدد غير قليل من اعضاء البرلمان بالدور المنوط بالسلطة التشريعية في دعم أو إضعاف الاقتصاد.
البرلمان لم يفلح إلا في زيادة عدد العطل الرسمية ما يعني ان كثيرا من الاعمال تتوقف او تزداد كلفها، كما أنه لم يقدم ولو مشروعا واحدا لتسهيل الاستثمار أو تعزيز ثقة المستثمر. هذا لا يعني ان أعضاء البرلمان عليهم الامتناع عن مساءلة الوزراء، بل على العكس، لأن الشفافية هي التي تجلب الاستثمار. ولكن المقصود هو تداول الافكار التي تعطي دليلا على ان من يجلس على مقعد برلماني يهمه موضوع التنمية الاقتصادية بالدرجة التي يهتم فيها بموضوعات اخرى تتعلق بالشأن العام.
إن من المهم الالتفات الى الترابط بين التنمية الاقتصادية والسياسة وان الدول الناجحة في انجاز التنافسية انما نجحت، أو استمرت في النجاح،لأنها نجحت في الانفتاح السياسي الذي استطاع ان يتكيف أيضا مع الخيارات المتاحة للتنمية الاقتصادية.
إن الاستراتيجية البعيدة المدى للبحرين مازالت غير واضحة، واذا كانت واضحة للبعض فإن أكثريتنا مازلنا ننتظر التوضيح. وقد ساعد عدم الوضوح هذا على الدخول في عالم المزايدات السياسية، والتي بلاشك ساهمت في المزيد من عدم الوضوح. وعندما يتحدث المرء مع رموز غرفة التجارة والصناعة يستوحي ان الأمر بالنسبة إليهم أيضا مازال لم يتضح، وانهم بانتظار الافصاح عن مشروع الإصلاح الاقتصادي الذي يشتغل عليه مجلس التنمية الاقتصادية.
وحديثا تحركت الغرفة لعقد حوارات عدة مع شخصيات وطنية تلتمس منها المشورة بهدف تداول الأفكار بشأن أفضل السبل لدعم المسيرة التنموية في البلاد، وان مثل هذا الدعم يتطلب أولا التعرف على مواقع الخلل، وان التعرف على نقاط الضعف الحالية والمعوقات يتطلب انطلاقا في التفكير والاستفادة من ورش وجلسات للعصف الذهني بهدف الوصول الى افكار مشتركة تمثل اجماع "عقلاء القوم" وتدفع باتجاه الصعود بالعمل الوطني، سياسيا واقتصاديا.
الغرفة كانت في الماضي من أهم اللاعبين في الميدان السياسي ولم يقل أثرها الا في عهد النفط، وتحديدا منذ الخمسينات من القرن الماضي. ولكننا نمر حاليا في فترة مختلفة جدا، وهي فترة تتميز بانفتاح سياسي من جانب كما تتميز بقرب انتهاء "حقبة النفط"، ما يعني ان القطاع الخاص سيقع عليه العبء الأكبر في إحداث الانتعاش الاقتصادي المنشود.
ولكي تتمكن الغرفة من الدخول في ميدان السياسة فإن عليها اولا أن توضح استراتيجيتها ليكون شأنها مثل غيرها، وأمامها تحد كبير هذا العام وهو انعقاد "منتدى المستقبل" في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وقبل ذلك انعقاد مجلس الاعمال العربي في المنامة. وبدلا من الحديث والتصريح في العموميات، فإننا نترقب من الغرفة ان تبدأ الآن بإعداد نفسها لتطرح آراءها بصورة موثقة قبل نهاية العام، وهي بذلك تستعد للتأثير في سير الانتخابات البرلمانية في العام المقبل أيضا.