الصراع بدأ: القدومي يفتتح مزاد خلافة عرفات من "بيرسي"

عامر الحنتولي من عمان : بدأ ساسة فلسطينيون مزادا سياسيا مبكرا لخلافة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات. ففي الوقت الذي رشحت فيه مصادر دبلوماسية عربية في العاصمة الأردنية عمان إسم وزير الشؤون الأمنية الفلسطيني السابق العقيد محمد دحلان الذي تفضله الإدارة الأميركية لخلافة عرفات في قيادة السلطة الفلسطينية ، فقد بدا لافتا أن الصراع على كرسي عرفات قد احتدم بشكل صامت خلال الساعات الماضية إذ دعا رئيس الوزراء الفلسطيني السابق محمود عباس الى إجتماع تشاوري لساسة فلسطينيين مقربين منه في منزله الخاص بالضفة الغربية لم يعلن عنه للخوض في مسألة خلافة عرفات ، وضرورة تنسيق مواقف المجتمعين الى جانبه ، وكذلك ذهاب رئيس الوزراء الفلسطيني الحالي أحمد قريع الى خطوة ذكية تمثلت بإستمالة قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية الحاليين ، وقادة الحركات والفصائل الفلسطينية الى جانبه، قالت المصادر، أن العميد جبريل الرجوب مستشار عرفات لشؤون الأمن القومي قد دخل هو الآخر على خط الرغبة في خلافة عرفات من خلال إثارته النقاش حول المسألة مع قادة ومسؤولين عرب ودوليين تواجدوا الخميس الماضي في عزاء رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل الشيخ زايد آل نهيان.

وإذا كانت مساعي الساسة الفلسطينيين قد جرت في أجواء سرية للغاية ، وبعيدا عن تداعيات تفاقم الحالة الصحية لعرفات فقد دشن رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي الذي لايزال يعيش في المنفى خارج الأراضي الفلسطينية ، صراعا مبكرا حينما فاجأ باقي الشخصيات الفلسطينية في الداخل والخارج بزيارته لمستشفى بيرسي ، وإعلانه من هناك أن أيا من الشخصيات الفلسطينية المحيطة بعرفات والموجودة في رام الله غير مخولا إلقاء تصريحات وتوضيحات تتناول صحة الرئيس الفلسطيني، مطالبا أن يكون ذلك الأمر حكرا على الأطباء الفرنسيين المشرفين على حالة عرفات.

وتساءلت مصادر فلسطينية عن "الصفة" داخل المؤسسات السياسية والدستورية الفلسطينية التي يمتلكها القدومي، المتطرف بأرائه وافكاره طبقا لساسة فلسطينيين، لإدلائه بذلك التصريح متجاوزا طابورا من الشخصيات الفلسطينية التي تفوقت عليه بحيازتها لصفات تمثيلية سياسية داخل السلطة الوطنية الفلسطينية، في حين أن عرفات قد أرسل إليه رسالة قبل نحو عام تقريبا يطلب منه فيها عدم إستخدام صفة وزير خارجية فلسطين في تنقلاته ونشاطاته العامة ،على إعتبار أن الوضع أصبح مختلفا بوجود حكومة فلسطينية تضم حقيبة للخارجية يتولاها الوزير السياسي نبيل شعث ، مما أغضب القدومي بشدة وقتها ، قبل أن تعلن وسائل إعلام إسرائيلية الأربعاء الماضي أن عرفات قام بكتابة وصية سياسية يوكل فيها جميع سلطاته ومسؤولياته الى القدومي الذي قد يكون قد تصرف على هذا الأساس ، رغم عدم مشروعية ودستورية وصية كهذه في حال تأكد كتابة الزعيم الفلسطيني السبعيني لها.
وتجدر الإشارة الى أنه من غير المأمول أن يخرج خليفة عرفات المنتظر عن نحو أربع شخصيات فلسطينية تعيش في مناطق السلطة الفلسطينية، وفاعلة في المشهد السياسي الفلسطيني منذ نشوء سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية مطلع عام 1994 من بينها محمود عباس ومحمد دحلان وأحمد قريع وجبريل الرجوب.

الصحف الإسرائيلية تستعجل موت عرفات

أسامة العيسة من القدس: منذ الأزمة الصحية التي آلمت بياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية، والتباين كبيرا، بين تغطية الصحف ووسائل الأعلام الإسرائيلية، ونظيرتها الفلسطينية. ومنذ بداية مرضه، أشارت وسائل الأعلام الإسرائيلية إلى خطورة المرض، وهي من نبهت الرأي العام الفلسطيني والعالمي لذلك، وبقيت مصرة على موقفها، رغم تضارب المعلومات حول صحة عرفات.

وخرجت الصحف العبرية الكبيرة، مثل يديعوت احرنوت ومعاريف، بعناوين اعتبرت أن عرفات توفي فعلا وبقي فقط إعلان ذلك، ومن العناوين التي تصدرت هذه الصحف صباح اليوم "يؤجلون موته" "وسهى عرفات ترفض نزع أجهزة التنفس".

وفي التفاصيل تأكيد على أن عرفات قد مات دماغيا ولا أمل في عودته للحياة، وان سهى عرفات زوجته تؤجل موته برفضها السماح للأطباء الفرنسيين نزع أجهزة التنفس الاصطناعي عنه.

وتتجاهل الصحف الإسرائيلية أو تشكك في المعلومات التي تأتى أحيانا مطمئنة عن صحة عرفات، وبالنسبة لها فان موت عرفات أمرا واقعا، لذا فان مقالات كتابها وتحاليلها تذهب لمعالجة مرحلة ما بعد عرفات، من مسألة الجنازة حتى خلافته.

واعتبر كتاب في هذه الصحف بان السماح لعرفات بالدفن في القدس، هو بمثابة "نهاية الصهيونية".

وتتحدث الصحف عن سيناريو دفن عرفات في غزة، وعن معلومات حول عرض عبد الله الثاني، العاهل الأردني، بأجراء جنازة رسمية لعرفات في الأردن قبل دفنه في غزة.

وتشغل خلافة عرفات اهتمام هذه الصحف، ولا تحمل توقعاتها حول الأسماء المرشحة لخلافة عرفات أي جديد، وتنشر عن الاستعدادات الحكومية الإسرائيلية الاستخبارية والعسكرية والإعلامية بعد وفاة عرفات.

وبعكس الصحف الاسرائيلية التي بدت واثقة من موت عرفات، وتستعجل إعلان ذلك الموت ودفنه وفق ما تصورته عن جنازته، فان الصحف الفلسطينية بدت في حيرة، ونشرت على صدر صفحاتها في الأيام الماضية تصريحات المسؤولين الفلسطينيين المطمئنة، وكانت تستبعد التصريحات المتضاربة.

ولكن تساؤلات الرأي العام الفلسطيني عكس نفسه على تغطية هذه الصحف، التي بدأت تنتقد تضارب تصريحات المسؤولين الفلسطينيين، وتطالب بوقف هذا التضارب، وان لم تتخلى عن نشر الأخبار المتفائلة حول صحة عرفات.

وبدأ كتاب في هذه الصحف، يشيرون، إلى فرضية تسمم عرفات، خصوصا بعد أن أعلن احمد قريع أبو العلاء، رئيس الوزراء، انه لا يستبعد مسألة التسمم.

وفي تطور ملحوظ، وبعد أن تخلفت وسائل الأعلام الرسمية عن متابعة حالة عرفات، اخذ التلفزيون الفلسطيني يخصص برنامجا مسائيا لوضع الرأي العام في حقيقة مرض عرفات، يستضيف فيه هاتفيا عادة الطيب عبد الرحيم، أمين عام الرئاسة ليطمئن الجمهور عن صحة عرفات، ويشكك في ما تقوله وسائل الأعلام الإسرائيلية.

أما وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية وفا، التي تجنبت نشر أية أخبار عن حالة عرفات، حتى سفره إلى باريس، فإنها بدأت تهتم بحالته وتنشر فقط تصريحات المسؤولين الفلسطينيين المتفائلة حول وضعه الصحي.

رئيس نيكاراغوا السابق دانييل اورتيغا مقتنع بفرضية تسميم عرفات

عبر رئيس نيكاراغوا السابق دانييل اورتيغا عن اعتقاده بان اسرائيل يمكن ان تكون عمدت الى تسميم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي تدهورت صحته فجأة وموجود حاليا في مستشفى عسكري بضاحية باريس بين الحياة والموت. وشدد الرئيس السابق امام الصحافيين ان التسميم يمكن ان يكون "الاسلوب الذي اختاره الاسرائيليون" للتخلص من عرفات خصوصا وان "اسرائيل سبق وقالت انها تريد قتل عرفات. انهم قالوا ذلك بوضوح".
واضاف "اننا نشاطر الشعب الفلسطيني المه. ان عرفات شقيق للجبهة الساندينية للتحرير الوطني، لقد ناضل طيلة عقود من اجل استقلال شعبه. انه صاحب مثل عليا يؤمن بها".
وعلى سؤال حول امكانية ان يكون تدهور الوضع الصحي للرئيس عرفات بسبب سم، قال رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع امس السبت "كل شيء يبحثه الاطباء وليس لدينا التقرير (الطبي) المتعلق بالنتائج".
وحول صحة عرفات قال انه "تحت العلاج والرئيس بايدي اطباء امناء واصدقاء يشرفون عليه وما زال بحاجة الى علاج".